
﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الأرض﴾ شروعٌ في تلاوة الذكر المعهودِ حسبما هو الموعود والتمكين ههنا الإقدارُ وتمهيدُ الأسباب يقال مكّنه ومكّن له ومعنى الأولِ جعله قادراً وقوياً ومعنى الثاني جعل له قدرة وقوة ولتلازمها في الوجود وتقاربهما في المعنى يُستعمل كلٌّ منهما في محل الآخر كما في قوله عز وعلا مكناهم فِى الأرض مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ أي جعلناهم
صفحة رقم 241
الكهف ٨٥ ٨٦ قادرين من حيث القُوى والأسبابُ والآلاتُ على أنواع التصرفاتِ فيها ما لم نجعلْه لكم من القوة والسَّعة في المال والاستظهارِ بالعَدد والأسباب فكأنه قيل ما لم نمكنْكم فيها أي ما لم نجعلْكم قادرين على ذلك فيها أو مكنّا لهم فِى الأرض مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ وهكذا إذا كان التمكينُ مأخوذاً من المكان بناءً على توهّم ميمِه أصليةً كما أشير إليه في سورة يوسف عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمعنى إنا جعلنا له مَكِنةً وقدرةً على التصرف في الأرض من يحث التدبيرُ والرأيُ والأسبابُ حيث سخر له السحاب ومدله في الأسباب وبُسط له النورُ وكان الليلُ والنهار عليه سواءً وسُهِّل عليه السيرُ في الأرض وذُلّلت له طرقها ﴿واتيناه مِن كُلّ شَىْء﴾ أراده من مُهمّات مُلكه ومقاصدِه المتعلقة بسلطانه ﴿سَبَباً﴾ أي طريقاً يوصله إليه وهو كلُّ ما يُتوصَّل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة
صفحة رقم 242