آيات من القرآن الكريم

وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

﴿ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا﴾ قوله عز وجل: ﴿ويوم نُسَيِّر الجبال﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يسيرها من السير حتى تنتقل عن مكانها لما فيه من ظهور الآية وعظم الإعتبار. الثاني: يسيرها أي يقللها حتى يصير كثيرها قليلاً يسيراً. الثالث: بأن يجعلها هباء منثوراً. ﴿وترى الأرض بارزة﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه بروز ما في بطنها من الأموات بخروجهم من قبورهم. الثاني: أنها فضاء لا يسترها جبل ولا نبات. ﴿وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً﴾ فيه ثلاثة تأويلات.

صفحة رقم 311

أحدها: يعني فلم نخلف منهم أحداً، قاله ابن قتيبة، قال ومنه سمي الغدير لأنه ما تخلفه السيول. الثاني: فلم نستخلف منهم أحداً، قاله الكلبي. الثالث: معناه فلم نترك منهم أحداً، حكاه مقاتل. قوله عز وجل: ﴿وعُرِضوا على ربِّك صَفّاً﴾ قيل إنهم يُعرضون صفاً بعد صف كالصفوف في الصلاة، وقيل إنهم يحشرون عراة حفاة غرلاً، فقالت عائشة رضي الله عنها فما يحتشمون يومئذ؟ فقال النبي ﷺ (﴿لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه﴾) [عبس: ٣٧]. قوله عز وجل: ﴿ووضع الكتابُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنها كتب الأعمال في أيدي العباد، قاله مقاتل. الثاني: أنه وضع الحساب، قاله الكلبي، فعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على أعمالهم المكتوبة. ﴿فترى المجرمين مشفقين مما فيه﴾ لأنه أحصاه الله ونسوه. ﴿ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يُغادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها﴾ وفي الصغيرة تأويلان: أحدهما: أنه الضحك، قاله ابن عباس. الثاني: أنها صغائر الذنوب التي تغفر باجتناب كبائرها.

صفحة رقم 312

وأما الكبيرة ففيها قولان: أحدهما: ما جاء النص بتحريمه. الثاني: ما قرن بالوعيد والحَدِّ. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن الصغيرة الشهوة، والكبيرة العمل. قال قتادة: اشتكى القوم الإحْصاء وما اشتكى أحد ظلماً، وإياكم المحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه. ﴿ووجَدوا ما عَملوا حاضِراً﴾ يحتمل تأويلين: أحدهما: ووجدوا إحصاء ما عملوا حاضراً في الكتاب. الثاني: ووجدوا جزاء ما عملوا عاجلاً في القيامة. ﴿ولا يظلم ربك أحداً﴾ يعني من طائع في نقصان ثوابه، أو عاص في زيادة عقابه.

صفحة رقم 313
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
تحقيق
السيد بن عبد الرحيم بن عبد المقصود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
عدد الأجزاء
6
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية