آيات من القرآن الكريم

إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الأشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم إذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شىء من الحسنات ينتفعون به وَلا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة فى كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فَتِيلًا اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين إصبعين من الوسخ او القشرة التي فى شق النواة او ادنى شىء فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة وَمَنْ [وهر كه] اى من المدعوين المذكورين كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى أعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [دلش راه صواب نه بيند] فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصي الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين وَأَضَلُّ سَبِيلًا من الأعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الأسباب والآلات وفقدان المهلة قال فى التأويلات النجمية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو اهل السعادة من اصحاب اليمين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل الله تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ لانهم اصحاب البصيرة والقراءة والدراية وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا فى جزاء أعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة أعمى فى الدنيا لقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ الآية فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لانه يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته أعمى هاهنا يكون ثمة فى صورته أعمى للمبالغة لان عمى السريرة هاهنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الأمر من التدارك فيكون أعمى عن رؤية الحق وَأَضَلُّ سَبِيلًا فى الوصول اليه لفساد الاستعداد وإعواز التدارك انتهى يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقي والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصوري قلت ان السالك الصادق فى طلبه إذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطراري قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختياري فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى أشار الى ان الله تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الأرواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان الله تعالى يوكل ملكا لبعض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات أثناء التعلم. واما غير السالك فلا يجد الترقي بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق إذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها

صفحة رقم 188

ان العصمة بتوفيق الله وعنايته قال بعض الكبار انما سماه قليلا لان روحانية النبي عليه السلام كانت فى اصل الخلقة غالبة على بشريته إذ لم يكن حينئذ لروحه شىء يحجب عن الله فالمعنى لولا التثبيت وقوة النبوة ونور الهداية واثر نظر العناية لقد كدت تركن الى اهل الأهواء هوى النفسانية لمنافع الانسانية قدرا يسيرا لغلبة نور الروحانية وخمود نور البشرية إِذاً لو قاربت ان تركن إليهم ادنى ركنة لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ اى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به فى الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لان خطأ الخطير اخطر وكان اصل الكلام عذابا ضعفا فى الحياة وعذابا ضعفا فى الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف وأقيمت مقامه الصفة وهو الضعف ثم أضيفت اضافة موصوفها فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل لا ذقناك اليم الحياة واليم الممات ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يدفع عنك العذاب [امام ثعلبى آورده كه بعد از نزول اين آيت بحضرت فرمود: اللهم لا تكلنى الى نفسى ولو طرفة عين:]

الهى بر ره خود دار ما را دمى با نفس ما مگذار ما را
وَإِنْ كادُوا اى وان الشأن قارب اهل مكة لَيَسْتَفِزُّونَكَ يقال استفزه أزعجه اى ليزعجونك. بعداوتهم ومكرهم وينزعونك بسرعة وفسر بعضهم الاستفزاز بالاستزلال بالفارسية [بلغزانيد] مِنَ الْأَرْضِ اى الأرض التي أنت فيها وهى ارض مكة لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ان قلت أليس أخرجوه بشهادة قوله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ وقوله عليه السلام حين خرج من مكة متوجها الى المدينة (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قلت لم يتحقق الإخراج بعد نزول هذه الآية ثم وقع بعده حيث هاجر عليه السلام بإذن الله تعالى وكانوا قد ضيقوه قبل الهجرة ليخرج كما قال الكاشفى [اهل مكه در إخراج آن حضرت عليه الصلاة والسلام مشاورت كردند ورأى ايشان بران قرار گرفت كه در دشمنى بحد افراط نمايند كه آن حضرت بضرورت بيرون بايد رفت اين آيت نازل شد] وَإِذاً اى ولئن أخرجت لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ اى بعد اخراجك إِلَّا قَلِيلًا اى الا زمانا قليلا وقد كان كذلك فانهم اهلكوا ببدر بعد هجرته عليه السلام سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن الله سنة وهى ان يهلك كل امة أخرجت رسولهم من بين أظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم تَحْوِيلًا اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الأنبياء والمرسلين ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص إبريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان

صفحة رقم 190
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية