آيات من القرآن الكريم

إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا
ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴾ ؛ أي لقد كِدْتَ تَميلُ إليهم، قال ابنُ عبَّاس :(يَعْنِي حِينَ سَكَتَّ عَنْ جَوَابهِمْ). قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ﴾ ؛ أي إنَّكَ لو مِلْتَ إليهم لأذقناكَ ضِعْفَ عذاب الدُّنيا، وضعفَ عذاب الآخرة، يريدُ عذابَ الآخرةِ ضِعْفَ ما يُعذبُ به غيرهُ، ﴿ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ﴾ ؛ أي مَانِعاً يَمنعُنَا من تعذيبكَ، قال ابنُ عبَّاس :(وَرَسُولُ اللهِ ﷺ مَعْصُومٌ، وَلَكِنْ هَذا تَخْوِيفاً لأُمَّتِهِ ؛ لِئَلاَّ يَرْكَنَ أحَدٌ منَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى أحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ أحْكَامِ اللهِ تَعاَلَى وَشَرَائِعِهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ النَّبيُّ ﷺ :" اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلاَ أدْنَى مِنْ ذلِكَ ".
وذهبَ السديُّ في هذه الآياتِ :(إلَى أنَّ قُرَيْشاً قَالَتْ لِلنَّبيِّ ﷺ : إنَّكَ تَرْفُضُ آلِهَتَنَا كُلَّ الرَّفْضِ، فَلَوْ أنَّكَ تأْتِيهَا وَتَلْمِسُهَا وَتَبْعَثُ بَعْضَ وَلَدِكَ فَيَمْسَحُهَا، كَانَ أرَقَّ لِقُلُوبنَا وَأحْرَى أنْ نَتَّبعَكَ! فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ أنْ يَبْعَثَ بَعْضَ وَلَدِهِ فَيَمْسَحَهَا، فَنَهَاهُ اللهُ عَنْ ذلِكَ). ويقال : إنَّهم قالوا : أُطْرُدْ سِقَاطَ الناسِ وموالِيهم، هؤلاءِ الذين رائحتُهم كرائحةِ الضَّأنِ حتى نتَّبعَكَ، فَهَمَّ رسولُ الله ﷺ أن يفعلَ رجاءَ أن يُسلِمُوا، فأنزلَ اللهُ هذه الآياتِ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا ﴾ ؛ وذلك أنَّ النبيَّ ﷺ لِمَّا قَدِمَ المدينةَ، حسَدَتْهُ اليهودُ قالوا له : يَا مُحَمَّدُ أنَبيٌّ أنْتَ ؟ فَقَالَ :" نَعَمْ " قَالُواْ لَهُ : وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَذِهِ بأرْضِ الأَنْبيَاءِ، وَإنَّ أرْضَ الأَنْبيَاءِ الشَّامُ، كَانَ بهَا إبْرَاهِيمُ وَعِيسَى، فَإنْ كُنْتَ نَبيّاً فَأْتِ الشَّامَ، فَإنَّ اللهَ سَيَمْنَعُكَ بهَا مِنَ الرُّومِ إنْ كُنْتَ رَسُولَهُ، وَهِيَ الأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ وَأرْضُ الْمَحْشَرِ. فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ أنْ يَخْرُجَ إلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بهَذِهِ الآيَةِ. ومعناها : وقد كَادُوا ليَستَفِزُّونَكَ من أرضِ المدينة ليُخرِجُوكَ منها إلى الشَّامِ، ﴿ وَإِذاً ﴾ ؛ لو أخرَجُوكَ، ﴿ لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ؛ أي الاَّ مدَّةً يسيرةً حتى يُهلِكَهم اللهُ. ومن قرأ (خِلاَفَكَ) فمعناهُ : مُخالَفَتِكَ.

صفحة رقم 301
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية