
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى وأضل سَبِيلا﴾ لَيْسَ الْعَمى هَاهُنَا هُوَ عمى الْبَصَر؛ لِأَن النَّاس يحشرون بأتم خلق مصححة الأجساد لخلود الْأَبَد. وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي قَالَ: " تحشرون يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا بهما " وَقَوله: بهما: أَي: مصححة الأجساد للخلود. فعلى هَذَا معنى قَوْله: ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى﴾ أَي: أعمى الْقلب عَن رُؤْيَة [الْحق] ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ أَي: أَشد عمى.
وَقيل مَعْنَاهُ: من كَانَ فِي هَذِه الدُّنْيَا بَعيدا عَن الْحق، فَهُوَ فِي الْآخِرَة أبعد، وَقيل: من كَانَ فِي هَذِه الدُّنْيَا أعمى من الِاعْتِبَار، فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى عَن الِاعْتِذَار.
وَقَوله: ﴿وأضل سَبِيلا﴾ أَي: أَخطَأ طَرِيقا.