
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: هُوَ الْمَوْت. وَمَعْنَاهُ: لَو كُنْتُم الْمَوْت بِعَيْنِه لأدرككم الْمَوْت.
وَقد ثَبت الْخَبَر عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " يجاء بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة على هَيْئَة كَبْش أغبر، فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار؛ فيعرفه كلهم، فَيذْبَح، فَيُقَال: يَا أهل الْجنَّة، خُلُود لكم وَلَا موت، وَيَا أهل النَّار، خُلُود وَلَا موت ".

﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الَّذِي فطركم أول مرّة فسينغضون إِلَيْك رُءُوسهم وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قل عَسى أَن يكون قَرِيبا (٥١) يَوْم يدعوكم فتستجيبون بِحَمْدِهِ وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا (٥٢) ﴾
وَعَن مُجَاهِد أَن معنى قَوْله: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ هُوَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال. أَي: لَو كُنْتُم كَذَلِك لمتم وبعثتم.
وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ كل مَا يعظم فِي عين الْإِنْسَان وصدره. وَعَن الْكَلْبِيّ قَالَ: هُوَ الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿فسيقولون من يعيدنا﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿قل الَّذِي فطركم أول مرّة﴾ أَي: أنشأكم أول مرّة، وَمن قدر على الْإِنْشَاء فَهُوَ على الْإِعَادَة أقدر.
وَقَوله: ﴿فسينغضون إِلَيْك رُءُوسهم﴾ أَي: يحركون إِلَيْك رُءُوسهم، وَهَذَا على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء.
وَقَوله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ﴾ أَي: مَتى السَّاعَة؟ وَهَذَا أَيْضا قَالُوهُ استهزاء.
وَقَوله: ﴿قل عَسى أَن يكون قَرِيبا﴾ مَعْنَاهُ: أَنه قريب، " وَعَسَى " من الله وَاجِب على مَا بَينا.