آيات من القرآن الكريم

كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا
ﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ

الطول حتى يمكنك أن تتكبَّر عليها؛ أي: لن يبلغ طولك الجبال حتّى يكون عظم جثّتك حاملًا لك على التكبر، فالتكبر إنما يكون بالقوة، وعظم الجثّة وكلاهما غير موجود لديك، فما الحامل لك على ما أنت فيه، وأنت أحقر من كل من الجمادين، وكيف يليق بك الكبر. فطولا منصوب على التمييز؛ أي: لن يبلغ طولك الجبال؛ أي: تطاولك، واستعلاؤك، وقال الزجاج: ﴿لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾؛ أي: لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها، وشدة وطئك عليها ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا﴾؛ أي: بتطاولك، وهو تهكم بالمختال وقرأ الجراح الأعرابي (١) ﴿لَنْ تَخْرِقَ﴾ بضم الراء قال أبو حاتم: لا تعرف هذه اللغة
٣٨ - ﴿كُلُّ ذلِكَ﴾ المذكور من الخصال الخمس والعشرين من قوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ﴾ إلى هنا فهو نهي عن اعتقاد أن مع الله إلهًا آخر، وهو أولاها، والثانية والثالثة قوله: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ فهو أمر بعبادة الله ونهي عن عبادة غيره، والبواقي ظاهرة بعد الأوامر، والنواهي ﴿كانَ سَيِّئُهُ﴾؛ أي: السيىء القبيح منه، وهو المنهيات منها، وهو أربع عشرة خصلة، فإنّ المأمور به حسن وهو إحدى عشرة، ثلاث مستترة، وثمان ظاهرة كما في «بحر العلوم» ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ يا محمد ﴿مَكْرُوهًا﴾ أي: مبغوضا، والمراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد، ووصف ذلك بمتعلق الكراهة، مع أن البعض من الكبائر، للإيذان بأن مجرد الكراهة عنده تعالى كافية في وجوب الانتهاء عن ذلك وتأكده.
والمعنى (٢): كل ما ذكر من الخصال أثناء الأوامر والنواهي، وهي الخمس والعشرون السالفة، كان السيىء منه، وهو ما نهي عنه منها من الجعل مع الله إلهًا آخر، وعبادة غيره، والتأفف، والتبذير، وغل اليد، وقتل الأولاد خشية الإملاق مكروها عند ربك؛ أي: مبغوضًا عنده تعالى، وإن كان مرادًا له تعالى بالإرادة التكونية، كما قال - ﷺ -: «ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن» وهذه الإرادة لا تستدعي الرضا منه سبحانه.

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.

صفحة رقم 112
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية