آيات من القرآن الكريم

كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

(كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)
أي كل فريق من هؤلاء وهؤلاء، وقالوا: إن التنوين هنا عوض عن المضاف إليه، ونمد نعطي المد، كمدد الجيش، لَا تذهب نعمة إلا أمدهم اللَّه تعالى بنعمة أخرى، والإشارة في (هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ) إلى الذين أرادوا العاجلة وتعجيل اللِّه لهم بمشيئته ومن يريد اللَّه أن يعجل له فهؤلاء هم الأولون، والآخرون يعطيهم اللَّه حرث الآخرة إذا قصدوا ما عند اللَّه وسعوا سعيها بالبر والعمل الصالح، وكان الإيمان يظلهم، فالإشارة في الحالين إلى صفات كل منهما في طلبه، وثنى هؤلاء، فقال: (هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ)، لأنهما نوعان مختلفان في الطلب والجزاء والأوصاف، وما ترتب على هذه الأوصاف.
وقال: (مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) والإضافة إلى الرب فيه إشارة إلى أنه عطاء لا ينفد ولا ينتهي، فاللَّه هو رب الوجود وهو الذي يمده بالحياة، ويمده بالمدد المستمر

صفحة رقم 4357

الذي لَا ينقطع، (وَمَا كانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا)، أي ممنوعا؛ لأنه ليس فوقه أحد يمنعه، وهو مُعْطٍ لَا يمنع، ولكن يجازي كلا بجزائه، فإن شكر كان له النعيم المقيم، وإن كفر بنعمته وأنكرها فإن له عذاب الجحيم.
ونرى من هذا أن اللَّه تعالى فضل بعض الناس بما سلكوا من سبل الخير، وعاقب بعض الناس بما سلكوا من الشر، وكيف من طلب العاجلة أخذ منها بما يشاء ولمن يشاء، ومن طلب الآخرة زاده في حرثه إن قصد الآخرة، وسعى لها وآمن، ولذا قال سبحانه وتعالى بعد ذلك:

صفحة رقم 4358
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية