قوله تعالى: ﴿سَكَناً﴾ : يجوز أن يكونَ مفعولاً اولَ، على أنَّ الجَعْلَ تصييرٌ، والمفعولُ الثاني أحدُ الجارَّيْنِ قبله. ويجوز أن يكونَ الجَعْلُ بمعنى الخَلْقِ فيتعدَّى لواحدٍ. وإنما وَحَّد السَّكن لأنه بمعنى ما تَسْكُنُون فيه، قاله أبو البقاء: وقد يُقال: إنه في الأصل مصدرٌ، وإليه ذهب ابن عطية فتوحيدُه واضحٌ. إلا أنَّ الشيخ منه كونَه مصدراً، ولم يذكر
صفحة رقم 272
وَجْهَ المنعِ، وكأنه اعتمد على قولِ أهل اللغة أن «السَّكَن» فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبْضِ والنَّقَض بمعنى المقبوض والمنقوض، وأنشد الفراء:
| ٣٠٠ - ٨- جاء الشتاءُ ولَمَّا أتخِذْ سَكَناً | يا ويحَ نفسي مِنْ حَفْرِ القراميصِ |
قوله: ﴿أَثَاثاً﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ عطفاً على «بُيوتاً»، أي «وَجَعَلَ لكم من أصوافِها أثاثاً، وعلى هذا فيكونُ قد عطف مجروراً على مجرور ومنصوباً على منصوبٍ، ولا فَصْلَ هنا بين حرفِ العطفِ والمعطوف حينئذٍ. وقال أبو البقاء:» وقد فُصِلَ بينه وبين حرفِ العطفِ بالجارِّ والمجرور وهو قولُه ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا﴾، وهو ليس بفصلٍ مستقبَحٍ كما زعم في «الإِيضاح» ؛ لأنَّ الجارَّ والمجرورَ مفعول، وتقديمُ / مفعولٍ على مفعولٍ قياسٌ «. وفيه نظرٌ؛ لِما عَرَفْتَ من أنه عَطْفُ مجرورٍ على مثلِه ومنصوبٍ على مثله.
والثاني: أنه منصوبٌ على الحالِ، ويكون قد عَطَفَ مجروراً على مثلِه، تقديرُه: وجَعَل لكم مِنْ جلودِ الأنعام ومِنْ أصوافِها وأوبارِها وأشعارِها بيوتاً صفحة رقم 273
حالَ كونِها أثاثاً، فَفَصَل بالمفعول بين المتعاطفين. وليس المعنى على هذا، إنما هو على الأول.
وقوله: ﴿كَلَمْحِ البصر﴾ [النحل: ٧٧] : اللَّمْحُ مصدرُ لَمَحَ يَلْمَح لَمْحاً ولَمَحاناً، أي: أَبْصَرَ بسرعة. وقيل: أصلُه من لَمْحِ البرق، وقولهم» لأُرِيَنَّك لَمْحاً باصراً «، أي: أمراً واضحاً.
وقوله: ﴿فِي جَوِّ السمآء﴾ [النحل: ٧٩] : الجَوُّ: الهواء، وهو ما بين السماءِ والأرض. قال:
وقيل: الجَوُّ ما يلي الأرضَ في سَمْتِ العُلُوِّ، واللُّوح والسُّكاك أبعدُ منه.٣٠٠ - ٩- فلستَ لإِنْسيٍّ ولكن لِمَلأَكٍ تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السماء يَصُوبُ
وقوله:» ظَعْنِكم «مصدرُ ظَعَن، أي: ارْتَحَلَ، والظَّعِيْنَةُ الهَوْدَجُ فيه المرأةُ، وإلا فهو مَحْمَلٌ، ثم كَثُر حتى قيل للمرأة، ظَعينة.
وقال أهل اللغة: الأصوافُ للضَّأْن، والأَوْبار للإِبِل، والشَّعْر للمَعِز. والأَثاث: مَتاعُ البيت إذا كان كثيراً. وأصلُه مِنْ أثَّ الشعرُ والنَّباتُ إذا كَثُفا وتكاثرا. قال امرؤ القيس:
٣٠١ - ٠-
| وفَرْعٍ يُغْشَي المَتْنَ أسودَ فاحمٍ | أثيثٍِ كقِنْوِ النخلةِ المُتَعَثْكِلِ |
| ٣٠١ - ١- تقادَم العهدُ مِنْ أُمِّ الوليد بنا | دَهْراً وصار أثاثُ البيتِ خُرْثِيَّا |
٣٠١ - ٢-................................ صفحة رقم 275
وأَلْفَى قولَها كَذِباً ومَيْنا
[وقوله] :
| ٣٠١ - ٣-........................... | ..... أتى مِنْ دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ |