آيات من القرآن الكريم

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﰿ

[٦٤] ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ﴾ للناسِ.
﴿الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ من الدينِ والأحكامِ.
﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ وعطف بالهدى والرحمة على موضع قولِه: (لِتُبيِّنَ)؛ لأن محلَّه النصبُ، ومجازُ الكلامِ: وما أنزلنا عليكَ الكتابَ إلا بيانًا للناس، وهدًى ورحمةً للمؤمنينَ.
...
﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥)﴾.
[٦٥] ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يعني: المطرَ ﴿فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ﴾ بالنبات ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يُبْسِها.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ سماعَ تَدَبُّرٍ وإنصافٍ.
...
﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦)﴾.
[٦٦] ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً﴾ لعظةً ﴿نُسْقِيكُمْ﴾ قرأ أبو جعفرٍ: (تَسْقِيكُمْ) بالتاء مفتوحةً، والباقون: بالنونِ، وفتحَها نافعٌ، وابنُ عامرٍ، ويعقوبُ، وأبو بكرٍ، وضمَّها الباقون (١).

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٧٤)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٨)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٦٢٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٠٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٢٨٧)، وقراءة أبي جعفر ضعيفة، =

صفحة رقم 36

﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ أي: بطونِ الأنعامِ؛ لأنه يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، فمن أَنَّثَ فلمعنى الجمعِ، ومن ذَكَّرَ فلحكمِ اللفظِ.
﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ﴾ هو ما في الكرشِ من السّرجينِ.
﴿وَدَمٍ﴾ المعروفِ، وذلك أن الكرشَ إذا طحنَتِ العلفَ، صارَ أسفلُه فرثًا، وأوسطُه ﴿لَبَنًا خَالِصًا﴾ لا يشوبُه شيءٌ، وأعلاه دمًا، وبينها حاجزٌ من قدرةِ اللهِ تعالى، لا يختلطُ أحدُها بالآخرِ بلونٍ ولا طعمٍ ولا رائحةٍ، معَ شدةِ الاتصال، والكبدُ مسلَّطَةٌ عليها، تقسمِهُا بقدرةِ اللهِ تعالى، فَتُجري الدمَ في العروقِ، واللبنَ في الضَّرْع، ويبقى الفرثُ في الكرشِ، فسبحانَ القادرِ على ما يشاءُ.
﴿سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ سَهْلًا لا يغصُّ بهِ شاربُهُ. قرأ ابنُ ذكوانَ عن ابنِ عامرٍ: (لِلشَّارِبِينَ) بالإمالة، بخلافٍ عنه (١)، فيه دليلٌ لمن يقولُ بطهارةِ مَنِيِّ الآدمِيِّ، وإن جرى مجرى البولِ؛ لأنه لا يمتنعُ خروجُه طاهرًا وإن جرى مجرى البول، كما لا يمتنعُ خروجُ اللبنِ من بينِ الفرثِ والدمِ طاهرًا، وهو مذهبُ الشافعيِّ وأحمدَ، وقالَ أبو حنيفةَ ومالكٌ: هو نجسٌ إلَّا أن أبا حنيفة عندَه إِنْ كانَ رَطْبًا غُسِلَ، وإن كان يابِسًا فُرِكَ، وعندَ مالكٍ يُغْسَلُ رَطَبًا ويابِسًا.
...

= كذا في "تفسير القرطبي" (١٠/ ١٢٣).
(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٦٥)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٧٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٢٨٨).

صفحة رقم 37
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية