آيات من القرآن الكريم

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ
ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ

أي فمن فضله وإحسانه ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ أي لا تتضرعون إلا إليه، لعلمكم أنه لا يقدر على كشفه إلا هو سبحانه. والجؤار: رفع الصوت. يقال: جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع، وأصله صياح الوحش.
ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ أي بنسبة النعمة إلى غيره ورؤيتها منه. وكذا بنسبة الضر إلى الغير، وإحالة الذنب في ذلك عليه، والاستعانة في رفعه به. وذلك هو كفران النعمة، والغفلة عن المنعم المشار إليهما بقوله: لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ أي من نعمة الكشف عنهم. واللام للعاقبة والصيرورة فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أي وبال ذلك الكفر. وفيه إشعار بشدة الوعيد، وأنه إنما يعلم بالمشاهدة، ولا يمكن وصفه، فلذا أبهم.
وللقاشانيّ وجه آخر قال: أو فسوف تعلمون، بظهور التوحيد، أن لا تأثير لغير الله في شيء. ثم بيّن تعالى من مثالب المشركين قوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧)
وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ. أي لآلهتهم التي لا علم لها لأنها جماد نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ أي من الزرع والأنعام وغيرهما تقربا إليها تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ أي: من أنها آلهة يتقرب إليها. ومرّ نظير الآية في سورة الأنعام في قوله سبحانه وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً [الأنعام: ١٣٦] الآية، فانظر تفصيلها ثمّة وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ
هذا بيان لعظيمة من عظائمهم، وهو جعلهم الملائكة الذين هم عباد الرحمن بنات لله، فنسبوا له تعالى ولدا ولا ولد له. واجترءوا على التفوه بمثل ذلك وعلى نسبة أدنى القسمين له من الأولاد، وهو البنات. وهم لا يرضونها لأنفسهم لأنهم يشتهون الذكور، أي يختارونهم لأنفسهم ويأنفون من البنات. وقد نزه مقامه الأقدس عن ذلك بقوله سُبْحانَهُ أي عن إفكهم وقولهم. وفيه تعجب من جراءتهم على التفوه بهذا المنكر من القول، ومن مقاسمتهم لجلاله بالاستئثار كما قال سبحانه أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى [النجم: ٢١- ٢٢]. وقال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ما

صفحة رقم 379
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية