آيات من القرآن الكريم

إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﱿ

وفى الحديث (حسين سبط من الأسباط) كما فى المصابيح بمعنى انه من الأمم يقوم وحده مقامها او بمعنى انه يتشعب منه الفروع الكثيرة إذا السادات من نسل زين العابدين بن الحسين رضى الله عنهما. فلا دلالة فى الحديث على نبوة الحسين كما ادعاه بعض المفترين فى زماننا هذا نعوذ بالله ومن قال بعد نبينا نبى يكفر كما فى بحر الكلام. ويقال امة بمعنى مأموم اى يؤمه الناس ويقصدونه ليأخذوا منه الخير ومعلم الخير امام فى الدين وهو عليه السلام رئيس اهل التوحيد وقدوة اصحاب التحقيق جادل اهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة وأبطل مذاهبهم بالبراهين القاطعة قانِتاً لِلَّهِ مطيعا له قائما بامره حَنِيفاً مائلا عن كل دين باطل الى الدين الحق وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا. وفيه رد على كفار قريش فى قولهم نحن على ملة أبينا ابراهيم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ جمع نعمة صفة ثالثة لامة- روى- انه كان لا يأكل الا مع ضيف ولم يجد ذات يوم ضيفا فاخر غداءه فجاءه فوج من الملائكة فى زى البشر فقدم لهم الطعام فخيلوا اليه ان بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على ان عافانى وابتلاكم ويقال انه أراد الضيافة لامة محمد ثم دعا الله لاجلها وقال انى عاجز وأنت قادر على كل شىء فجاء جبريل فاتى بكف من كافور الجنة فاخذ ابراهيم فصعد الى جبل ابى قبيس ونثره فاوصله الله الى جميع أقطار الدنيا فحيثما سقطت ذرة من ذراته كان معدن الملح فصار الملح ضيافة ابراهيم عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره

خور و پوش بخشاى وراحت رسان نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان
غم شادمانى نماند وليك جزاى عمل ماند ونام نيك
اجْتَباهُ اختاره للنبوة وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه وهو ملة الإسلام المشتمل على التسليم وقد اوتى تسليما أي تسليم وآتيناه فى الدنيا حسنة حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة والأولاد الأبرار والعمر الطويل فى السعة والطاعة وان حضرة الرسالة ﷺ من نسله وان الصلاة عليه مقرونة بصلاة النبي عليه السلام كما يقول المصلى من هذه الامة كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصحاب الدرجات العالية فى الجنة وهم الأنبياء عليهم السلام فالمراد الكاملون فى الصلاح والواصلون الى غاية الكمال ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مع علو طبقتك وسمو رتبتك وما فى ثم من التراخي فى الرتبة للتنبيه على ان أجل ما اوتى ابراهيم اتباع الرسول ملته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الملة اسم لما شرعه الله لعباده على لسان الأنبياء من أمللت الكتاب إذا مليته وهى الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له والمراد بملته الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم حَنِيفاً حال من المضاف اليه لما ان المضاف لشدة اتصاله به جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قيل رأيت وجه هند قائمة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين وهو تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل قال العلماء المأمور به الاتباع فى الأصول دون الفروع المتبدلة بتبدل الاعصار واتباعه له بسبب كونه مبعوثا بعده والا فهو أكرم الأولين والآخرين على الله

صفحة رقم 94

وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ بتوفيق الله واعانته لك على الصبر لان الصبر من صفات الله ولا يقدر أحد ان يتصف بصفاته اى إلا به بان يتحلى بتلك الصفة قال جعفر الصادق رضى الله عنه امر الله أنبياءه بالصبر وجعل الحظ الا على منه للنبى ﷺ حيث جعل صبره بالله لا بنفسه وقال (وما صبرك الا بالله) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكافرين بوقوع اليأس من ايمانهم بك ومتابعتهم لك نحو فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون تخفيفا لكثرة استعماله بخلاف لم يصن ولم يخن ونحوهما ومعنى كثرة الاستعمال انهم يعبرون بكان ويكون عن كل الافعال فيقولون كان زيد يقول وكان زيد يجلس فان وصلت بساكن ردت النون وتحركت نحو وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ ولَمْ يَكُنِ الَّذِينَ الآية فِي ضَيْقٍ اى لا تكن فى ضيق صدر من مكرهم فهو من الكلام المقلوب الذي يسجع عليه عند أمن الالتباس لان الضيق وصف فهو يكون فى الإنسان ولا يكون الإنسان فيه. وفيه لطيفة اخرى وهى ان الضيق إذا عظم وقوى صار كالشئ المحيط به من جميع الجوانب مِمَّا يَمْكُرُونَ اى من مكرهم بك فيما يستقبل فاول نهى عن التأثم بمطلوب من قبلهم فات والثاني عن التأثم بمحذور من جهتهم آت إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا اجتنبوا المعاصي ومعنى المعية الولاية والفضل وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فى أعمالهم ويقال مع الذين اتقوا مكافاة المسيئ والذين هم محسنون الى من يعادى إليهم فالاحسان على الوجه الاول بمعنى جعل الشيء جميلا حسنا وعلى الثاني ضد الاساءة وفى الحديث (ان للمحسن ثلاث علامات يبادر فى طاعة الله ويجتنب محارم الله ويحسن الى من أساء اليه)

ز احسان خاطر مردم شود شاد بتقوى خانه دين كردد آباد
بسوى اين صفتها كر شتابى رضاى خلق وخالق هر دو يابى
قال ممشاد الدينوري رأيت ملكا من الملائكة يقول لى كل من كان مع الله فهو هالك الا رجل واحد قلت من هو قال من كان الله معه وهو قوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وذلك لان المقصود كينونة المحبوب مع الحب إذ هو يشعر بالرضى والإقبال واما كينونة المحب مع المحبوب فقد تحصل مع سخط المحبوب وإدباره وعن هرم بن حيان انه قيل له حين احتضر أوص فقال انما الوصية من المال ولا مال لى أوصيكم بخواتيم سورة النحل اى من ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ الى آخرها يقول الفقير سامحه الله القدير جمع شيخى وسندى روح الله روحه أصحابه قبل وفاته بيوم فقال اعلموا ايها الاصحاب انه لا مال لى حتى اوصى به ولكنى على مذهب اهل السنة والجماعة شريعة وطريقة ومعرفة وحقيقة فاعرفونى هكذا واشهدوا لى بهذا فى الدنيا والآخرة فهذا وصيتي وأشار حضرة الشيخ بهذا الى انه لا زيغ ولا الحاد فى اعتقاده وفى طريقه أصلا فانهم قالوا ان اهل التصوف تفرقت على اثنتي عشرة فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقي بدعيون. ويعلم السنى بشاهدين. أحدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة واليقظة والعلم لا على العمى والغفلة والجهل فمن عمل بخواتيم هذه السورة واتصف

صفحة رقم 101
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية