آيات من القرآن الكريم

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ

(إن إبراهيم كان أمّة) قال ابن الأعرابي: يقال للرجل العالم أمة، والأمة الرجل الجامع للخير.
قال الواحدي: قال أكثر المفسرين معنى الأمة المعلم للخير وبه قال ابن

صفحة رقم 334

مسعود، وعلى هذا فمعنى كون إبراهيم أمة أنه كان معلماً للخير أو جامعاً لخصال الخير أو عالماً بما علمه الله من الشرائع.
وقيل أنه كان مؤمناً وحده والناس كلهم كفار، فلهذا المعنى كان أمة وحده ومنه قوله ﷺ في زيد بن عمرو بن نفيل: " يبعثه الله أمة وحده لأنه كان فارق الجاهلية ". قال مجاهد: قيل بمعنى مأموم أي الذي يؤمه الناس ليأخذوا منه الخير كما قال تعالى (إني جاعلك للناس إماماً). وحكى ابن الجوزي عن ابن الأنباري أنه قال: أن هذا مثل قول العرب فلان رحمة وعلامة ونسابة يقصدون بهذا التأنيث التناهي في المعنى الذي يصفونه به، والعرب توقع الأسماء المبهمة على الجماعة وعلى الواحد، كقوله فنادته الملائكة، وإنما ناداه جبريل وحده، وإنما سمي إبراهيم أمة لأنه اجتمع فيه من صفات الفضل وسمات الخير والأخلاق الحميدة ما اجتمع من أمة.

ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد
(قانتاً لله) أي مطيعاً له قائماً بأوامره. قال ابن مسعود: هو الذي يطيع الله ورسوله. وعن ابن عباس قال: كان على الإسلام ولم يكن في زمانه من قومه أحد على الإسلام غيره فذلك ما قاله الله (كان أمة قانتاً لله).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما من عبد تشهد له أمة إلا قبل الله شهادتهم، والأمة الرجل فما فوقه، إن الله يقول إن إبراهيم كان أمة " أخرجه ابن مردويه وقد تقدم معنى القنوت في البقرة.
(حنيفاً) الحنيف المائل عن الأديان الباطلة إلى دين الحق، أي مسلماً

صفحة رقم 335

مقيماً على دين الإسلام وقد تقدم بيانه في الأنعام (ولم يك من المشركين) بالله كما تزعمه كفار قريش أنه كان على دينهم الباطل، بل كان من الموحدين المخلصين لله تعالى من صغره إلى كبره.

صفحة رقم 336
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية