
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ» «١».
فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْفَاتِحَةَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَلَكِنْ لَا يُنَافِي وَصْفَ غيرها من السبع الطوال بِذَلِكَ، لِمَا فِيهَا مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ كَمَا لَا يُنَافِي وَصْفَ الْقُرْآنِ بِكَمَالِهِ بِذَلِكَ أَيْضًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [الزُّمَرِ: ٢٣] فَهُوَ مَثَانِي مِنْ وَجْهٍ وَمُتَشَابِهٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ أيضا، كما أنه عليه الصلاة والسلام لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَأَشَارَ إِلَى مَسْجِدِهِ، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَلَا تَنَافِيَ، فَإِنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ لَا يَنْفِي ذِكْرَ مَا عَدَاهُ إِذَا اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الصِّفَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أَيِ اسْتَغْنَ بِمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ، وَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» «٢» إِلَى أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا عَدَاهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: ضاف النبي ﷺ ضيف وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُصْلِحُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ «يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ: أَسْلِفْنِي دَقِيقًا إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ» قَالَ: لَا، إِلَّا بِرَهْنٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَأَمِينُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَلَئِنْ أَسْلَفَنِي أَوْ بَاعَنِي لِأُؤَدِّيَنَّ إِلَيْهِ» فَلَمَّا خَرَجْتُ من عنده نزلت هذه الآية لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا إِلَى آخَرِ الآية، كأنه يعزيه عن الدنيا، قال الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ قال: نهى الرجل أن يتمنى ما لصاحبه. وَقَالَ مُجَاهِدٌ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ هم الأغنياء.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٩ الى ٩٣]
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)
يَأْمُرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ الْبَيِّنُ النِّذَارَةِ، نَذِيرٌ لِلنَّاسِ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ كَمَا حَلَّ بِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِرُسُلِهَا، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالِانْتِقَامِ. وَقَوْلُهُ: الْمُقْتَسِمِينَ أَيِ الْمُتَحَالِفِينَ، أَيْ تَحَالَفُوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كقوله تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ أَنَّهُمْ قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ [النمل: ٤٩] الآية، أي نقتلهم ليلا، قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٤٤، وأبو داود في الوتر باب ٢٠، والدارمي في الصلاة باب ١٧١، وفضائل القرآن باب ٣٤، وأحمد في المسند ١/ ١٧٢، ١٧٥، ١٧٩.

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [النَّحْلِ: ٣٨] أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ [إبراهيم: ٤٤] الآية أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ [الأعراف: ٤٩] فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء من الدنيا إِلَّا أَقْسَمُوا عَلَيْهِ فَسُمُّوا مُقْتَسِمِينَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الْمُقْتَسِمُونَ أَصْحَابُ صَالِحٍ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ.
وَفِي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: يَا قَوْمُ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا وَانْطَلَقُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ» «١».
وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أَيْ جَزَّءُوا كُتُبَهُمُ الْمُنَزَّلَةَ عَلَيْهِمْ فَآمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ قَالَ: آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ والحسن والضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم نحو ذَلِكَ، وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قَالَ:
السِّحْرُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْعَضْهُ السِّحْرُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ تَقُولُ لِلسَّاحِرَةِ إِنَّهَا الْعَاضِهَةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
عَضُوهُ أَعْضَاءً، قَالُوا سِحْرٌ، وَقَالُوا كِهَانَةٌ، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأولين، وقال عطاء: قال بعضهم ساحر، وقالوا مجنون، وقال كَاهِنٌ، فَذَلِكَ الْعِضِينُ، وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِيهِمْ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ، وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَيَرُدَّ قَوْلُكُمْ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَقَالُوا: وَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُولُ بِهِ، قَالَ: بَلْ أنتم

قُولُوا لِأَسْمَعَ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، قَالُوا: فَنَقُولُ مَجْنُونٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، قَالُوا: فَنَقُولُ شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، قَالُوا: فَنَقُولُ سَاحِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، قَالُوا: فَمَاذَا نَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إن لقوله لحلاوة، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ تَقُولُوا هُوَ سَاحِرٌ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، وأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أَصْنَافًا فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ أولئك النفر الذين قالوا لِرَسُولِ اللَّهِ.
وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عمر في قوله: لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مجاهد في قوله تعالى: لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ الْقَاضِي، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ بَشِيرٍ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: ورواه الترمذي وغيره من حديث أنس مرفوعا، وقال عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنَ مَسْعُودٍ:
وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَيَقُولُ: ابْنَ آدَمَ مَاذَا غَرَّكَ مِنِّي بِي؟ ابْنَ آدَمَ مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ ابْنَ آدَمَ مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ؟
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي العالية في قوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: يُسْأَلُ الْعِبَادُ كُلُّهُمْ عَنْ خُلَّتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَمَاذَا أَجَابُوا الْمُرْسَلِينَ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمَلِكَ وَعَنْ مَالِكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «يا معاذ إن المرء يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ جَمِيعِ سَعْيِهِ حَتَّى كُحْلِ عينيه، وعن فتات الطينة بإصبعه، فلا ألفينك يوم القيامة واحد غيرك أسعد بما آتاك اللَّهُ مِنْكَ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس في قوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ثُمَّ قَالَ: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ قَالَ:
لَا يَسْأَلُهُمْ هَلْ عَمِلْتُمْ كَذَا؟ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ يَقُولُ: لِمَ عَمِلْتُمْ كذا وكذا؟.