
وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ «١»
يريد المطاوح جمع مطيحة. وقرئ: وأرسلنا الريح، على تأويل الجنس فَأَسْقَيْناكُمُوهُ فجعلناه لكم سقيا وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ نفى عنهم ما أثبته لنفسه في قوله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ كأنه قال: نحن الخازنون للماء، على معنى: نحن القادرون على خلقه في السماء وإنزاله منها، وما أنتم عليه بقادرين: دلالة على عظيم قدرته وإظهاراً لعجزهم.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)
وَنَحْنُ الْوارِثُونَ أى الباقون بعد هلاك الخلق كله. وقيل للباقي «وارث» استعارة من وارث الميت، لأنه يبقى بعد فنائه. ومنه قوله ﷺ في دعائه «واجعله الوارث منا» «٢» وَلَقَدْ عَلِمْنَا من استقدم ولادة وموتاً، ومن تأخر من الأوّلين والآخرين.
أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد. أو من تقدم في الإسلام وسبق إلى الطاعة
ليبك يزيد ضارع لخصومة | ومختبط مما تطيح الطوائح |
وقال الأصمعى: هو جمع طائحة. يقال: ذهبت طائحة من العرب أى طائفة منها. أى: يبكيه المختبط من أجل إهلاك الطوائح ماله، فما متعلق بمختبط. وقيل: يجوز تعلقه بالفعل المقدر، كقوله الخصومة. ونقل العصام عن العارف الرومي: أن يزيد منادى، وحرف النداء محذوف، وضارع نائب الفاعل، لأن الضارع والمختبط أحق بالبكاء عليهما بعد يزيد الذي كان يغيثهما. وروى ليبك يزيد بالبناء للفاعل ونصب يزيد، فضارع فاعل للفعل المذكور، ولو ضم يزيد على النداء لجاز هنا أيضا، أى: ليبك عليك يا يزيد ضارع ومختبط.
(٢). أخرجه الترمذي والنسائي والبزار. والحاكم من حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال «فلما كان رسول الله ﷺ يقوم من مجلس حتى يدعو بهذه الدعوات: اللهم اقسم لنا من خشيتك- الحديث» وفيه «واجعله الوارث منا» قال الترمذي: حديث حسن وقال البزار: تفرد به عبد الله بن رواحة. وهو واهى الحديث، وأخرج من رواية حبيب بن أبى ثابت عن عروة عن عائشة «أنه ﷺ كان يقول: اللهم عافني في جسدي، وعافني في بصرى، واجعله الوارث منى» وأخرجه أبو يعلى أيضا، وفي الترمذي والحاكم من حديث أبى هريرة قال «كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم متعني بسمعي وبصرى واجعلهما الوارث منى» وفي الطبراني والأوسط عن على رضى الله عنه قال «كان رسول الله ﷺ يدعو- فذكر مثله.