للحساب، فتجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
وإنما طلب إبراهيم لوالديه المغفرة، قبل أن يتبين له أن والده عدو لله. فلما تبين له ذلك تبرأ منه. قال- تعالى- وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ «١».
أما أمه فقال بعضهم: إنها كانت مؤمنة، وقال آخرون: لعلها توفيت قبل نبوته.
وبعد أن حكى- سبحانه- تلك الدعوات الطيبات التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه، والتي تضمنت أمهات الفضائل، كسلامة القلب، وطهارة النفس، ورقة العاطفة، وحسن المراقبة، وحب الخير لغيره.
بعد كل ذلك حكى- سبحانه- أحوال الظالمين يوم القيامة، وأقوالهم في ذلك اليوم الشديد، ورده- تعالى- عليهم، والأسباب التي أدت إلى خسرانهم... فقال- تعالى-:
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٢ الى ٥٢]
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦)
فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١)
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢)
قال الإمام القرطبي: «قوله- تعالى- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ... هذا تسلية للنبي ﷺ بعد أن عجبه من أفعال المشركين، ومخالفتهم دين إبراهيم، أى: اصبر كما صبر إبراهيم، وأعلم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم، بل سنة الله إمهال العصاة مدة. قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالم. وتعزية للمظلوم» «١».
والخطاب في «ولا تحسين»، يجوز أن يكون للنبي ﷺ لقصد زيادة تثبيته على الحق، ودوامه على ذلك، ويجوز أن يكون لكل من يصلح للخطاب.
والغفلة: سهو يعترى الإنسان بسبب قلة تيقظه وانتباهه، ولا شك أن ذلك محال في حق الله- تعالى-، لذا وجب حمل المعنى على أن المراد بالغفلة هنا: ترك عقاب المجرمين.
والمراد بالظالمين: كل من انحرفوا عن طريق الحق، واتبعوا طريق الباطل، ويدخل فيهم دخولا أوليا مشركو مكة، الذين أبوا الدخول في الإسلام الذي جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ استئناف وقع تعليلا للنهى السابق.
وقوله «تشخص» من الشخوص بمعنى رفع البصر بدون تحرك يقال شخص بصر فلان- من باب خضع- فهو شاخص، إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف من شدة الخوف والفزع.
والمعنى: ولا تحسبن- أيها الرسول الكريم- أن الله تعالى- تارك عقاب هؤلاء الظالمين، الذين كذبوك في دعوتك، كلا لن يترك الله- تعالى- عقابهم، وإنما يؤخره ليوم هائل شديد، هو يوم القيامة الذي ترتفع فيه أبصار أهل الموقف، فلا تطرف أجفانهم من هول ما يرونه.
ثم بين- سبحانه- بعض أحوال هؤلاء الظالمين في هذا اليوم العظيم فقال- تعالى-:
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ، لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ.
والإهطاع السير السريع. يقال: أهطع فلان في مشيه فهو يهطع إهطاعا إذا أسرع في سيره بذلة واضطراب.
و «مقنعي رؤوسهم» أى رافعيها، يقال: أهطع فلان رأسه، إذا نصبه ورفعه دون أن يلتفت يمينا أو شمالا. وقيل، إقناع الرءوس طأطأتها وانتكاسها.
الأفئدة: جمع فؤاد، والمراد بها القلوب.
والمعنى: أن هؤلاء الظالمين يخرجون من قبورهم في هذا اليوم مسرعين إلى الداعي بذلة واستكانة، كإسراع الأسير الخائف، رافعي رءوسهم إلى السماء مع إدامة النظر بأبصارهم إلى ما بين أيديهم من غير التفات إلى شيء.
«لا يرتد إليهم طرفهم» أى: لا تتحرك أجفان عيونهم، بل تبقى مفتوحة بدون حراك لهول ما يشاهدونه في هذا اليوم العصيب.
«وأفئدتهم هواء» أى: وقلوبهم فارغة خالية عن الفهم، بحيث لا تعى شيئا من شدة الفزع والدهشة، ومنه قولهم في شأن الأحمق والجبان قلبهما هواء، أى لا رأى فيه ولا قوة.
وأفرد هواء وإن كان خبرا عن جمع لأنه في معنى فارغة أو خالية.
قال- تعالى- وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً | أى خاليا من كل شيء إلا من التفكير في شأن مصير ابنها موسى- عليه السلام-. |
وصفهم أولا بشخوص الأبصار، ووصفهم ثانيا بالإسراع إلى الداعي في ذلة وانكسار، صفحة رقم 573
ووصفهم ثالثا برفع رءوسهم في حيرة واضطراب، ووصفهم رابعا: بانفتاح عيونهم دون أن تطرف من شدة الوجل، ووصفهم خامسا بخلو قلوبهم من إدراك أى شيء بسبب ما اعتراهم من دهشة ورعب.
وقوله- سبحانه-: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ من باب التشبيه البليغ الذي حذفت فيه الأداة، والتقدير: وقلوبهم كالهواء في الخلو من الإدراك من شدة الهول.
ثم أمر الله تعالى- رسوله ﷺ أن يحذر الناس من أهوال هذا اليوم، وأن يقدموا العمل الصالح الذي ينفعهم فقال- تعالى- وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ....
والإنذار: التخويف من ارتكاب شيء تسوء عاقبته.
والمراد بالناس: جميعهم، وقيل المراد بهم الكفار. ويبدو أن الأول أرجح لأن الإنذار يكون للمؤمن كما يكون للكافر، إلا أن المؤمن يستجيب للنصح فينجو من العقاب، والكافر لا يستجيب فيحل عليه العذاب.
والمعنى: وخوف- أيها الرسول الكريم- الناس من أهوال يوم القيامة، ومرهم بأن يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح، من قبل أن يحل عذابه بالظالمين منهم فيقولون: يا ربنا أعدنا إلى الحياة مرة أخرى، وأخر أعمارنا وحسابنا إلى وقت قريب، حتى نستطيع فيه أن نستجيب لدعوتك التي تأمرنا بإخلاص العبادة لك، وأن نتبع رسلك في كل ما أمرونا به ونتدارك ما فرطنا فيه من أعمال الدنيا.
قال الجمل: «وقوله: «يوم يأتيهم العذاب... » مفعول ثان لأنذر على حذف المضاف، أى: أنذرهم أهواله وعظائمه، فهو مفعول به لا مفعول فيه، إذ لا إنذار في ذلك اليوم، وإنما الإنذار يقع في الدنيا..» «١».
وإنما اقتصر- سبحانه- على ذكر إتيان العذاب في هذا اليوم. مع كون الثواب يحصل فيه- أيضا- لأن المقام مقام تهديد وزجر، فكان من المناسب ذكر أهواله وشدائده.
وجمع لفظ الرسل فقال: «نجب دعوتك ونتبع الرسل» للإشارة إلى أن الرسل جميعا قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها وأصولها، وهي إخلاص العبادة لله- تعالى-، والدعوة إلى مكارم الأخلاق.
وفي معنى هذه الآية الكريمة جاءت آيات كثيرة ومنها قوله- تعالى- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ، كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «١».
وقوله- تعالى-: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ» «٢».
وجملة «أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال» مقول لقول محذوف.
والزوال: الانتقال من مكان إلى آخر، أو من حال إلى حال، والمراد به هنا: انتقالهم من قبورهم إلى الحساب يوم القيامة.
والمعنى: أن هؤلاء الظالمين عند ما يقولون يا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل.
يقال لهم من قبل الله والملائكة على سبيل التوبيخ والتبكيت: أو لم تكونوا- أيها الظالمون- تقسمون بالأيمان المغلظة في الدنيا، بأنكم بعد موتكم ستبقون في قبوركم إلى أن تبلى أجسادكم، وأنه ليس بعد ذلك من بعث ولا حساب، ولا ثواب ولا عقاب.
قال- تعالى- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ «٣».
فالجملة الكريمة تحكى رفض مطالبهم بأبلغ أسلوب، حتى يزدادوا حزنا على حزنهم، وحسرة على حسرتهم.
وجملة «مالكم من زوال» جواب القسم.
وقوله- سبحانه-:
وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ | معطوف على «أقسمتم..». |
والمعنى: لقد أقسمتم- أيها الضالون- بأنكم ما لكم من انتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة، وحللتم في مساكن القوم الظالمين.
(٢) سورة السجدة آية ١٢.
(٣) سورة النحل آية ٣٨.
«وتبين لكم» عن طريق المشاهدة وتواتر الأخبار.
«كيف فعلنا بهم» من الإهلاك والتدمير بسبب كفرهم وفسوقهم.
«وضربنا لكم الأمثال» بما فعلوه وبما فعلناه بهم، عن طريق كتابنا، وعلى لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان من الواجب عليكم بعد كل ذلك أن تعتبروا وتتعظوا وتثوبوا إلى رشدكم، وتدخلوا في الإسلام، ولكنكم كنتم قوما فاسقين، سائرين على نهج هؤلاء المهلكين في الكفر والفجور، فاليوم ذوقوا العذاب بسبب جحودكم للحق في الدنيا.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: «أى: قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم المكذبة قبلكم، ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبر، ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجر لكم.
قال- تعالى- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ «١».
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك لونا آخر من ألوان عراقتهم في الكفر والجحود فقال:
وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ.
والمكر: تبييت فعل السوء بالغير وإضماره، مع إظهار ما يخالف ذلك. وانتصب «مكرهم» الأول على أنه مفعول مطلق لمكروا، لبيان النوع، والإضافة فيه من إضافة المصدر لفاعله.
أى: أن هؤلاء الظالمين جاءتهم العبر فلم يعتبروا، بل أضافوا إلى ذلك أنهم مكروا بالرسول ﷺ مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم لإبطال الحق، وإحقاق الباطل، والذي كان من مظاهره محاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أى: وفي علم الله- تعالى- الذي لا يغيب عنه شيء مكرهم، وسيجازيهم عليه بما يستحقونه من عذاب مهين.
وقوله- تعالى- وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ قرأ الجمهور «لتزول» - بكسر اللام على أنها لام الجحود والفعل منصوب بعدها. بأن مضمرة وجوبا، و «إن» في قوله وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ نافية بمعنى ما.
والمعنى: ولقد مكر هؤلاء الكافرون مكرهم الشديد الذي اشتهروا به، وفي علم الله- تعالى- مكرهم، وما كان مكرهم- مهما عظم واشتد- لتنتقل منه الجبال من أماكنها، لأنه
لم يتجاوز مكر أمثالهم ممن دمرناهم تدميرا.
وعلى هذه القراءة يكون المقصود بهذه الجملة الكريمة، الاستخفاف بهم وبمكرهم، وبيان أن ما يضمرونه من سوء ليس خافيا على الله- تعالى- ولن يزلزل المؤمنين في عقيدتهم، لأن إيمانهم كالجبال الرواسي في ثباته ورسوخه.
وقرأ «الكسائي» «لتزول» - بفتح اللام على أنها لام الابتداء، ورفع الفعل بعدها- و «إن» مخففة من الثقيلة.
فيكون المعنى: وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن مكرهم من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع من أماكنها، لو كان لها أن تزول أو تنقلع.
وعلى هذه القراءة يكون المراد بهذه الجملة الكريمة التعظيم والتهويل من شأن مكرهم، وأنه أمر شنيع أو شديد في بابه، كما في قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ. وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا.. «١».
وقوله- سبحانه-: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ.. تفريع على ما تقدم من قوله- تعالى- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.. وتأكيد لتسلية الرسول ﷺ ولتثبيت يقينه.
وقوله «مخلف» اسم فاعل من الإخلاف، بمعنى عدم الوفاء بالوعد وهو مفعول ثان لتحسب والمراد بالوعد هنا: ما وعد الله- تعالى- به أنبياءه ورسله من نصره إياهم، ومن جعل العاقبة لهم.
قال- تعالى- إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «٢».
وقال- تعالى- كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ «٣».
والمعنى: لقد وعدناك- أيها الرسول الكريم- بعذاب الظالمين، وأخبرناك بجانب من العذاب الذي يحل بهم يوم القيامة، وما دام الأمر كذلك فاثبت على الحق أنت وأتباعك، وثق بأن الله- تعالى- لن يخلف ما وعدك به من نصر على أعدائك.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا قيل: مخلف رسله وعده، ولم قدم المفعول الثاني
(٢) سورة غافر الآية ٥١.
(٣) سورة المجادلة الآية ٢١.
لمخلف- وهو: وعده- على المفعول الأول- وهو رسله-؟
قلت: قدم الوعد ليعلم أنه- سبحانه- لا يخلف الوعد أصلا، كقوله- تعالى- إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.
ثم قال «رسله» ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحدا، وليس من شأنه إخلاف المواعيد، فكيف يخلفه مع رسله الذين هم خيرته وصفوته من خلقه..» «١».
ويرى صاحب الانتصاف أن تقدم المفعول الثاني هنا، إنما هو للإيذان بالعناية به، لأن الآية في سياق الإنذار والتهديد للظالمين بما توعدهم الله- تعالى- به على ألسنة رسله، فكان المهم في هذه الحال تقديم ذكر الوعيد على غيره «٢».
وقوله- سبحانه- إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ تعليل للنهى عن الحسبان المذكور.
والعزيز: الغالب على كل شيء.
أى: إن الله- تعالى- غالب على كل شيء، وذو انتقام شديد من أعدائه لأنهم تحت قدرته، ومادام الأمر كذلك فإخلاف الوعد منتف في حقه- تعالى-.
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك بعض العلامات التي تدل على قرب قيام الساعة فقال- تعالى-: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.
والظرف «يوم» متعلق بمحذوف تقديره اذكر.
وقوله «تبدل» من التبديل بمعنى التغيير، وهذا التغيير والتبديل لهما قد يكون في ذواتهما كما في قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ.. «٣».
وقد يكون في صفاتهما كقولك «بدلت الحلقة خاتما» وقد يكون فيهما معا وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث عند تفسيره لهذه الآية الكريمة فقال: «وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن عدى، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله ﷺ عن هذه الآية يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ... قالت: قلت:
أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: على الصراط.
وفي رواية أنه ﷺ قال لها: «لقد سألتنى عن شيء ما سألنى عنه أحد من أمتى،
(٢) حاشية الانتصاف على الكشاف ج ٢ ص ٣٨٤.
(٣) سورة النساء الآية ٥٦.
ذاك أن الناس- يومئذ يكونون- على جسر جهنم» «١».
والمعنى: اذكر- أيها العاقل- لتتعظ وتعتبر يوم يتغير هذا العالم المعهود بعالم آخر جديد، يأتى به الله- تعالى- على حسب إرادته ومشيئته ويوم يخرج الخلائق جميعا من قبورهم ليستوفوا جزاءهم، وليجازوا على أعمالهم. من الله- تعالى- الواحد الأحد، الذي قهر كل شيء وغلبه، ودانت له الرقاب، وخضعت له الألباب.
وختمت الآية الكريمة بهذين الوصفين لله- تعالى- للرد على المشركين الذين جعلوا مع الله آلهة أخرى يشركونها معه في العبادة، ويتوهمون أن هذه الآلهة سوف تدافع عنهم يوم القيامة.
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما يحل بالمجرمين يوم القيامة من عذاب عنيف مهين يناسب إجرامهم وكفرهم فقال: وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ، سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ.
وقوله «مقرنين» جمع مقرن، وهو من جمع مع غيره في قرن ووثاق واحد يربطان به.
والأصفاد: جمع صفد- بفتح الفاء- وهو القيد الذي يوضع في الرجل، أو الغل- بضم الغين- الذي تضم به اليد والرجل إلى العنق.
والسرابيل: جمع سربال وهو القميص.
والقطران: مادة حارة نتنة شديدة الاشتعال تصلى بها جلود الإبل الجربى، ليزول الجرب منها. أى: وترى- أيها العاقل- المجرمين في هذا اليوم العسير عليهم «مقرنين في الأصفاد» أى: قد قرن بعضهم مع بعض، وضم كل قرين إلى من يشبهه في الكفر وفي الفسوق وفي العصيان، وقد قيدوا جميعا بالأصفاد والقيود والأغلال.
قال- تعالى- احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ.. «٢».
أى: وأمثالهم من العصاة، فعابد الصنم يكون مع عابد الصنم، وشارب الخمر مع شارب الخمر. ويصح أن يكون اقترانهم مع الشياطين كما قال- تعالى- فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا «٣».
هذا عن مشهد المجرمين وهم مقرنون في الأصفاد، وهو مشهد مهين مذل ولكنه ليس كافيا
(٢) سورة الصافات الآية ٢٢.
(٣) سورة مريم الآية ٦٨.
في عقابهم، بل يضاف إليه أن ملابسهم من قطران، ليجتمع لهم لذعته، وقبح لونه، ونتن ريحه، وسرعة اشتعاله، وفوق كل ذلك فإن وجوههم تعلوها وتحيط بها النار التي تستعر بأجسادهم المسربلة بالقطران.
وخص- سبحانه الوجوه بغشيان النار لها، لكونها أعز موضع في البدن وأشرفه.
وقوله- سبحانه- لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ... متعلق بمحذوف، والتقدير:
فعل ما فعل- سبحانه- من إثابة المؤمنين، ومعاقبة المجرمين، ليجازى كل نفس بما تستحقه من خير أو شر، دون أن يظلم ربك أحدا.
وقوله إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أى: إنه- سبحانه- سريع المحاسبة لعباده، لأنه لا يشغله شأن عن شأن، بل جميع الخلق بالنسبة لقدرته كالنفس الواحدة.
قال- تعالى- ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ.. «١».
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله- تعالى- هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ.
واسم الإشارة «هذا» يعود إلى ما أنزله الله- تعالى- من قرآن في هذه السورة وفي غيرها. و «بلاغ» مصدر بمعنى التبليغ.
والإنذار: التخويف من سوء عاقبة ارتكاب الشرور والآثام.
والألباب: جمع لب وهو الخالص من كل شيء، والمراد بها العقول.
أى: هذا القرآن الكريم الذي أنزلناه عليك يا محمد، فيه التبليغ الكافي لهداية الناس، وفيه ما يخوفهم من سوء عاقبة الكفر والفسوق والعصيان، وفيه ما يجعلهم يعلمون عن طريق توجيهاته وهداياته ودلائله، أن الله- تعالى- واحد لا شريك له، وفيه ما يجعل أصحاب العقول السليمة يتعظون ويعتبرون، فيترتب على ذلك سعادتهم في الدنيا والآخرة.
وخص- سبحانه- بالتذكر أولى الألباب، لأنهم هم الذين ينتفعون بهداية القرآن الكريم، أما غيرهم فهم كالأنعام بل هم أضل.
وقد رتب- سبحانه- في هذه الآية الكريمة، وسائل الدعوة إلى الحق ترتيبا عقليا حكيما، فبدأ بالصفة العامة وهي التبليغ، ثم ثنى بما يعقب ذلك من إنذار وتخويف، ثم ثلث بما ينشأ عنهما من العلم بوحدانية الله- تعالى-، ثم ختم بالثناء على أصحاب العقول السليمة
الذين ينتفعون بما يسمعون وبما يبصرون.
قال الإمام الرازي: «هذه الآية دالة على أنه لا فضيلة للإنسان، ولا منقبة له، إلا بسبب عقله، لأنه- تعالى- بين أنه إنما أنزل هذه الكتب، وإنما بعث الرسل، لتذكير أولى الألباب... » «١».
وبعد: فهذه سورة إبراهيم- عليه السلام- وهذا تفسير لها.
أسأل الله- تعالى- أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، وأنس نفوسنا، وشفيعا لنا يوم نلقاه- تعالى-.
كما أسأله- عز وجل- أن يجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهه الكريم، ونافعة لعباده والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، د. محمد سيد طنطاوى
فهرس إجمالى لتفسير سورة يونس- عليه السلام-
رقم الآية/ الآية المفسرة/ رقم الصفحة المقدمة والتمهيد ٥- ٧ ١ الر تلك آيات الكتاب الحكيم ١٢ ٢ أكان للناس عجبا ١٥ ٣ إن ربكم الله الذي خلق ٢٠ ٤ إليه مرجعكم جميعا ٢٣ ٥ هو الذي جعل الشمس ضياء ٢٥ ٦ إن في اختلاف الليل والنهار ٢٧ ٧ إن الذين لا يرجون لقاءنا ٢٨ ٨ أولئك مأواهم النار ٢٩ ٩ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ٢٩ ١٠ دعواهم فيها سبحانك ٣٠ ١١ ولو يعجل الله للناس الشر ٣٢ ١٢ وإذا مس الإنسان ٣٥ ١٣ ولقد أهلكنا القرون ٣٧ ١٤ ثم جعلناكم خلائف ٣٨ ١٥ وإذا تتلى عليهم ٣٩ ١٦ قل لو شاء الله ٤٠ ١٧ فمن أظلم ممن افترى ٤٢ ١٨ ويعبدون من دون الله ٤٢ ١٩ وما كان الناس إلا أمة ٤٤ ٢٠ ويقولون لولا أنزل ٤٦ ٢١ وإذا أذقنا الناس ٤٧ ٢٢ هو الذي يسيركم في البر والبحر ٤٩
٢٣ فلما أنجاهم إذا هم يبغون ٥١ ٢٤ إنما مثل الحياة الدنيا كماء ٥٤ ٢٥ والله يدعو إلى دار السلام ٥٧ ٢٦ للذين أحسنوا الحسنى ٥٧ ٢٧ والذين كسبوا السيئات ٥٩ ٢٨ ويوم نحشرهم جميعا ٦٠ ٢٩ فكفى بالله شهيدا ٦٢ ٣٠ هنالك تبلو كل نفس ٦٢ ٣١ قل من يرزقكم من السماء ٦٢ ٣٢ فذلكم الله ربكم الحق ٦٤ ٣٣ كذلك حقت كلمة ربك ٦٥ ٣٤ قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ٦٥ ٣٥ قل هل من شركائكم من يهدى ٦٧ ٣٦ وما يتبع أكثرهم إلا ظنا ٦٨ ٣٧ وما كان هذا القرآن ٧٠ ٣٨ أم يقولون افتراه ٧٢ ٣٩ بل كذبوا بما لم يحيطوا ٧٣ ٤٠ ومنهم من يؤمن به ٧٤ ٤١ وإن كذبوك فقل لي ٧٥ ٤٢ ومنهم من يستمعون إليك ٧٥ ٤٣ ومنهم من ينظر إليك ٧٥ ٤٤ إن الله لا يظلم الناس ٧٦ ٤٥ ويوم يحشرهم ٧٦ ٤٦ وإما نرينك بعض ٧٩ ٤٧ ولكل أمة رسول ٨٠ ٤٨ ويقولون متى هذا الوعد ٨٠ ٤٩ قل لا أملك لنفسي ٨١
صفحة رقم 584٥٠ قل أرأيتم إن أتاكم ٨١ ٥١ أثم إذا ما وقع آمنتم به ٨٣ ٥٢ ثم قيل للذين ظلموا ٨٣ ٥٣ ويستنبئونك أحق هو ٨٤ ٥٤ ولو أن لكل نفس ظلمت ٨٥ ٥٥ ألا إن لله ما في السموات والأرض ٨٦ ٥٦ هو يحيى ويميت ٨٧ ٥٧ يا أيها الناس قد جاءتكم ٨٨ ٥٨ قل بفضل الله وبرحمته ٨٩ ٥٩ قل أرأيتم ما أنزل الله ٩٠ ٦٠ وما ظن الذين يفترون ٩١ ٦١ وما تكون في شأن وما تتلو ٩٢ ٦٢ ألا إن أولياء الله ٩٤ ٦٣ الذين آمنوا وكانوا ٩٥ ٦٤ لهم البشرى في الحياة ٩٦ ٦٥ ولا يحزنك قولهم ٩٧ ٦٦ ألا إن لله من في السموات ٩٨ ٦٧ هو الذي جعل لكم ١٠٠ ٦٨ قالوا اتخذ الله ولدا ١٠٠ ٦٩ قل إن الذين يفترون ١٠١ ٧٠ متاع في الدنيا ثم إلينا ١٠١ ٧١ واتل عليهم نبأ نوح ١٠٢ ٧٢ فإن توليتم فما سألتكم ١٠٦ ٧٣ فكذبوه فنجيناه ومن معه ١٠٧ ٧٤ ثم بعثنا من بعده رسلا ١٠٨ ٧٥ ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون ١١٠ ٧٦ فلما جاءهم الحق من عندنا ١١١
صفحة رقم 585٧٧ قال موسى أتقولون ١١٢ ٧٨ قالوا أجئتنا لتلفتنا ١١٣ ٧٩ وقال فرعون ائتوني ١١٥ ٨٠ فلما جاء السحرة ١١٥ ٨١ فلما ألقوا قال موسى ١١٥ ٨٢ ويحق الله الحق بكلماته ١١٦ ٨٣ فما آمن لموسى إلا ذرية ١١٦ ٨٤ وقال موسى يا قوم ١١٩ ٨٥ فقالوا على الله توكلنا ١٢٠ ٨٦ ونجنا برحمتك من القوم ١٢٠ ٨٧ وأوحينا إلى موسى وأخيه ١٢٠ ٨٨ وقال موسى ربنا ١٢٢ ٨٩ قال قد أجيبت دعوتكما ١٢٥ ٩٠ وجاوزنا ببني إسرائيل ١٢٦ ٩١ آلآن وقد عصيت قبل ١٢٧ ٩٢ فاليوم ننجيك ببدنك ١٢٨ ٩٣ ولقد بوأنا بنى إسرائيل ١٢٩ ٩٤ فإن كنت في شك ١٣٠ ٩٥ ولا تكونن من الذين كذبوا ١٣٢ ٩٦ إن الذين حقت عليهم ١٣٢ ٩٧ ولو جاءتهم كل آية ١٣٢ ٩٨ فلولا كانت قرية آمنت ١٣٣ ٩٩ ولو شاء ربك لآمن ١٣٦ ١٠٠ وما كان لنفس أن تؤمن ١٣٦ ١٠١ قل انظروا ماذا في السموات ١٣٧ ١٠٢ فهل ينتظرون إلا مثل ١٣٧ ١٠٣ ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا ١٣٨
صفحة رقم 586١٠٤ قل يا أيها الناس إن كنتم ١٣٩ ١٠٥ وأن أقم وجهك للدين ١٤٠ ١٠٦ ولا تدع من دون الله ١٤١ ١٠٧ وإن يمسسك الله بضر ١٤١ ١٠٨ قل يا أيها الناس قد جاءكم ١٤٢ ١٠٩ واتبع ما يوحى إليك واصبر ١٤٢
صفحة رقم 587
فهرس إجمالى لتفسير سورة هود- عليه السلام-
رقم الآية/ الآية المفسرة/ الصفحة تعريف بسورة هود ١٤٧ ١ الر. كتاب أحكمت آياته ١٥٦ ٢ ألا تعبدوا إلا الله ١٥٨ ٣ وأن استغفروا ربكم ١٥٨ ٤ إلى الله مرجعكم ١٦٠ ٥ ألا إنهم يثنون صدورهم ١٦٠ ٦ وما من دابة في الأرض ١٦٢ ٧ وهو الذي خلق السموات والأرض ١٦٤ ٨ ولئن أخرنا عنهم العذاب ١٦٧ ٩ ولئن أذقنا الإنسان ١٦٩ ١٠ ولئن أذقناه نعماء ١٧٠ ١١ إلا الذين صبروا ١٧١ ١٢ فلعلك تارك بعض ١٧١ ١٣ أم يقولون افتراه ١٧٣ ١٤ فإن لم يستجيبوا لكم ١٧٤ ١٥ من كان يريد الحياة الدنيا ١٧٦ ١٦ أولئك الذين ليس لهم ١٧٦ ١٧ أفمن كان على بينة من ربه ١٧٨ ١٨ ومن أظلم ممن افترى ١٨٢ ١٩ الذين يصدون عن سبيل الله ١٨٤ ٢٠ أولئك لم يكونوا معجزين ١٨٥ ٢١ أولئك الذين خسروا أنفسهم ١٨٦ ٢٢ لا جرم أنهم في الآخرة ١٨٦
٢٣ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ١٨٦ ٢٤ مثل الفريقين كالأعمى ١٨٧ ٢٥ ولقد أرسلنا نوحا ١٨٩ ٢٦ ألا تعبدوا إلا الله ١٩٠ ٢٧ فقال الملأ الذين كفروا ١٩٠ ٢٨ قال يا قوم أرأيتم ١٩٢ ٢٩ ويا قوم لا أسألكم ١٩٤ ٣٠ ويا قوم من ينصرني من الله ١٩٥ ٣١ ولا أقول لكم عندي خزائن الله ١٩٦ ٣٢ قالوا يا نوح قد جادلتنا ١٩٧ ٣٣ قال إنما يأتيكم به الله ١٩٨ ٣٤ ولا ينفعكم نصحى إن أردت ١٩٨ ٣٥ أم يقولون افتراه ١٩٩ ٣٦ وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن ٢٠٠ ٣٧ واصنع الفلك بأعيننا ٢٠١ ٣٨ ويصنع الفلك ٢٠٢ ٣٩ فسوف تعلمون من يأتيه ٢٠٣ ٤٠ حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور ٢٠٣ ٤١ وقال اركبوا فيها ٢٠٧ ٤٢ وهي تجرى بهم في موج كالجبال ٢٠٨ ٤٣ قال سآوى إلى جبل ٢٠٨ ٤٤ وقيل يا أرض ابلعي ماءك ٢٠٩ ٤٥ ونادى نوح ربه ٢١٢ ٤٦ قال يا نوح إنه ليس ٢١٣ ٤٧ قال رب إنى أعوذ بك ٢١٥ ٤٨ قيل يا نوح اهبط ٢١٥ ٤٩ تلك من أنباء الغيب ٢١٦
صفحة رقم 589٥٠ وإلى عاد أخاهم هودا ٢٢٠ ٥١ ويا قوم لا أسألكم ٢٢٢ ٥٢ ويا قوم استغفروا ربكم ٢٢٣ ٥٣ قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ٢٢٤ ٥٤ إن نقول إلا اعتراك ٢٢٤ ٥٥ من دونه فكيدوني جميعا ٢٢٥ ٥٦ إنى توكلت على الله ٢٢٦ ٥٧ فإن تولوا فقد أبلغتكم ٢٢٧ ٥٨ ولما جاء أمرنا نجينا هودا ٢٢٨ ٥٩ وتلك عاد جحدوا ٢٢٨ ٦٠ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ٢٢٩ ٦١ وإلى ثمود أخاهم صالحا ٢٣٠ ٦٢ قالوا يا صالح قد كنت ٢٣٣ ٦٣ قال يا قوم أرأيتم إن كنت ٢٣٣ ٦٤ ويا قوم هذه ناقة الله ٢٣٤ ٦٥ فعقروها فقال تمتعوا ٢٣٥ ٦٦ فلما جاء أمرنا نجينا صالحا ٢٣٦ ٦٧ وأخذ الذين ظلموا ٢٣٦ ٦٨ كأن لم يغنوا فيها ٢٣٦ ٦٩ ولقد جاءت رسلنا ٢٣٧ ٧٠ فلما رأى أيديهم ٢٤٠ ٧١ وامرأته قائمة فضحكت ٢٤٠ ٧٢ قالت يا ويلتى أألد ٢٤١ ٧٣ قالوا أتعجبين من أمر الله ٢٤١ ٧٤ فلما ذهب عن إبراهيم ٢٤٢ ٧٥ إن إبراهيم لحليم ٢٤٣ ٧٦ يا إبراهيم أعرض عن هذا ٢٤٤
صفحة رقم 590٧٧ ولما جاءت رسلنا لوطا ٢٤٥ ٧٨ وجاءه قومه يهرعون إليه ٢٤٧ ٧٩ قالوا لقد علمت مالنا ٢٤٩ ٨٠ قال لو أن لي بكم قوة ٢٥٠ ٨١ قالوا يا لوط إنا رسل ربك ٢٥٠ ٨٢ فلما جاء أمرنا ٢٥٢ ٨٣ مسومة عند ربك ٢٥٢ ٨٤ وإلى مدين أخاهم شعيبا ٢٥٤ ٨٥ ويا قوم أوفوا المكيال ٢٥٨ ٨٦ بقية الله خير لكم إن كنتم ٢٥٨ ٨٧ قالوا يا شعيب أصلاتك ٢٥٩ ٨٨ قال يا قوم أرأيتم ٢٥٩ ٨٩ ويا قوم لا يجر منكم ٢٦١ ٩٠ واستغفروا ربكم ٢٦٢ ٩١ قالوا يا شعيب ما نفقه ٢٦٣ ٩٢ قال يا قوم أرهطي ٢٦٤ ٩٣ ويا قوم اعملوا على مكانتكم ٢٦٤ ٩٤ ولما جاء أمرنا نجينا ٢٦٥ ٩٥ كأن لم يغنوا فيها ٢٦٥ ٩٦ ولقد أرسلنا موسى ٢٦٧ ٩٧ إلى فرعون وملئه ٢٦٧ ٩٨ يقدم قومه يوم القيامة ٢٦٨ ٩٩ وأتبعوا في هذه لعنة ٢٦٨ ١٠٠ ذلك من أنباء القرى ٢٧٠ ١٠١ وما ظلمناهم ولكن ظلموا ٢٧١ ١٠٢ وكذلك أخذ ربك ٢٧٢ ١٠٣ إن في ذلك لآية ٢٧٣
صفحة رقم 591١٠٤ وما نؤخره إلا لأجل ٢٧٤ ١٠٥ يوم يأت لا تكلم نفس ٢٧٤ ١٠٦ فأما الذين شقوا ٢٧٥ ١٠٧ خالدين فيها ما دامت ٢٧٦ ١٠٨ وأما الذين سعدوا ٢٧٩ ١٠٩ فلا تك في مرية ٢٨٠ ١١٠ ولقد آتينا موسى ٢٨٢ ١١١ وإن كلا لما ليوفينهم ٢٨٣ ١١٢ فاستقم كما أمرت ٢٨٤ ١١٣ ولا تركنوا إلى الذين ٢٨٥ ١١٤ وأقم الصلاة ٢٨٦ ١١٥ واصبر فإن الله ٢٨٩ ١١٦ فلولا كان من القرون ٢٨٩ ١١٧ وما كان ربك ٢٩٢ ١١٨ ولو شاء ربك ٢٩٣ ١١٩ إلا من رحم ربك ٢٩٣ ١٢٠ وكلا نقص عليك ٢٩٥ ١٢١ وقل للذين لا يؤمنون ٢٩٥ ١٢٢ وانتظروا إنا منتظرون ٢٩٥ ١٢٣ ولله غيب السموات والأرض ٢٩٦
صفحة رقم 592
فهرس إجمالى لتفسير «سورة يوسف»
رقم الآية/ الآية المفسرة/ رقم الصفحة تعريف بسورة يوسف ٢٩٩ ١ الر تلك آيات الكتاب ٣١٣ ٢ إنا أنزلناه قرآنا عربيا ٣١٥ ٣ نحن نقص عليك ٣١٦ ٤ إذ قال يوسف لأبيه ٣١٧ ٥ قال يا بنى لا تقصص ٣١٨ ٦ وكذلك يجتبيك ربك ٣١٩ ٧ لقد كان في يوسف ٣٢١ ٨ إذ قالوا ليوسف وأخوه ٣٢٢ ٩ اقتلوا يوسف أو اطرحوه ٣٢٣ ١٠ قال قائل منهم ٣٢٥ ١١ قالوا يا أبانا ٣٢٦ ١٢ أرسله معنا غدا ٣٢٦ ١٣ قال إنى ليحزنني ٣٢٧ ١٤ قالوا لئن أكله الذئب ٣٢٧ ١٥ فلما ذهبوا به ٣٢٧ ١٦ وجاءوا أباهم عشاء ٣٢٩ ١٧ قالوا يا أبانا إنا ذهبنا ٣٢٩ ١٨ وجاءوا على قميصه ٣٣٠ ١٩ وجاءت سيارة ٣٣٢ ٢٠ وشروه بثمن بخس ٣٣٤ ٢١ وقال الذي اشتراه ٣٣٥ ٢٢ ولما بلغ أشده ٣٣٦
٢٣ وراودته التي هو في بيتها ٣٣٧ ٢٤ ولقد همت به ٣٤١ ٢٥ واستبقا الباب ٣٤٤ ٢٦ قال هي راودتني ٣٤٥ ٢٧ وإن كان قميصه ٣٤٦ ٢٨ فلما رأى قميصه ٣٤٧ ٢٩ يوسف أعرض عن هذا ٣٤٧ ٣٠ وقال نسوة في المدينة ٣٥٠ ٣١ فلما سمعت بمكرهن ٣٥٢ ٣٢ قالت فذلكن ٣٥٤ ٣٣ قال رب السجن أحب إلىّ ٣٥٥ ٣٤ فاستجاب له ربه ٣٥٦ ٣٥ ثم بدا لهم ٣٥٧ ٣٦ ودخل معه السجن فتيان ٣٥٩ ٣٧ قال لا يأتيكما طعام ٣٦٠ ٣٨ واتبعت ملة آبائي ٣٦١ ٣٩ يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون ٣٦١ ٤٠ ما تعبدون من دونه ٣٦٢ ٤١ يا صاحبي السجن أما أحدكما ٣٦٣ ٤٢ وقال للذي ظن أنه ناج ٣٦٤ ٤٣ وقال الملك إنى أرى ٣٦٥ ٤٤ قالوا أضغاث أحلام ٣٦٨ ٤٥ وقال الذي نجا ٣٦٩ ٤٦ يوسف أيها الصديق ٣٧٠ ٤٧ قال تزرعون سبع سنين ٣٧٠ ٤٨ ثم يأتى من بعد ذلك سبع ٣٧١ ٤٩ ثم يأتى من بعد ذلك عام ٣٧٢
صفحة رقم 594٥٠ وقال الملك ائتوني به ٣٧٢ ٥١ قال ما خطبكن ٣٧٥ ٥٢ ذلك ليعلم أنى لم أخنه ٣٧٧ ٥٣ وما أبرئ نفسي ٣٧٧ ٥٤ وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ٣٧٩ ٥٥ قال اجعلنى على خزائن الأرض ٣٨٠ ٥٦ وكذلك مكنا ليوسف ٣٨١ ٥٧ ولأجر الآخرة خير ٣٨٢ ٥٨ وجاء إخوة يوسف ٣٨٢ ٥٩ ولما جهزهم بجهازهم ٣٨٤ ٦٠ فإن لم تأتونى به ٣٨٥ ٦١ قالوا سنراود عنه أباه ٣٨٥ ٦٢ وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم ٣٨٦ ٦٣ فلما رجعوا إلى أبيهم ٣٨٧ ٦٤ قال هل آمنكم عليه ٣٨٩ ٦٥ ولما فتحوا متاعهم ٣٨٩ ٦٦ قال لن أرسله معكم ٣٩١ ٦٧ وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد ٣٩١ ٦٨ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ٣٩٣ ٦٩ ولما دخلوا على يوسف ٣٩٤ ٧٠ فلما جهزهم بجهازهم ٣٩٦ ٧١ قالوا وأقبلوا عليهم ٣٩٦ ٧٢ قالوا نفقد صواع الملك ٣٩٧ ٧٣ قالوا تالله لقد علمتم ٣٩٧ ٧٤ قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ٣٩٧ ٧٥ قالوا جزاؤه ٣٩٧ ٧٦ فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ٣٩٨
صفحة رقم 595٧٧ قالوا إن يسرق ٤٠٠ ٧٨ قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا ٤٠١ ٧٩ قال معاذ الله ٤٠١ ٨٠ فلما استيأسوا منه ٤٠٢ ٨١ ارجعوا إلى أبيكم فقولوا ٤٠٤ ٨٢ واسأل القرية ٤٠٤ ٨٣ قال بل سوّلت لكم أنفسكم ٤٠٥ ٨٤ وتولى عنهم وقال يا أسفى ٤٠٦ ٨٥ قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ٤٠٧ ٨٦ قال إنما أشكو بثي وحزنى إلى الله ٤٠٨ ٨٧ يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف ٤٠٩ ٨٨ فلما دخلوا عليه ٤١٠ ٨٩ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف ٤١٢ ٩٠ قالوا أإنك لأنت يوسف ٤١٢ ٩١ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ٤١٣ ٩٢ قال لا تثريب عليكم اليوم ٤١٣ ٩٣ اذهبوا بقميصي هذا ٤١٣ ٩٤ ولما فصلت العير ٤١٤ ٩٥ قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم ٤١٤ ٩٦ فلما أن جاء البشير ٤١٤ ٩٧ قالوا يا أبانا استغفر لنا ٤١٥ ٩٨ قال سوف أستغفر لكم ربي ٤١٥ ٩٩ فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ٤١٥ ١٠٠ ورفع أبويه على العرش ٤١٧ ١٠١ رب قد آتيتني من الملك ٤١٨ ١٠٢ ذلك من أنباء الغيب ٤١٩ ١٠٣ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ٤٢١
صفحة رقم 596١٠٤ وما تسألهم عليه من أجر ٤٢١ ١٠٥ وكأين من آية ٤٢٢ ١٠٦ وما يؤمن أكثرهم ٤٢٢ ١٠٧ أفأمنوا أن تأتيهم غاشية ٤٢٣ ١٠٨ قل هذه سبيلي ٤٢٣ ١٠٩ وما أرسلنا من قبلك ٤٢٤ ١١٠ حتى إذا استيئس الرسل ٤٢٥ ١١١ لقد كان في قصصهم عبرة ٤٢٦
صفحة رقم 597
فهرس إجمالى لتفسير سورة الرعد
رقم الآية/ الآية المفسرة/ الصفحة المقدمة والتمهيد ٤٣١ ١ المر تلك آيات الكتاب ٤٣٧ ٢ الله الذي رفع السموات ٤٣٩ ٣ وهو الذي مد الأرض وجعل ٤٤٠ ٤ وفي الأرض قطع متجاورات ٤٤٢ ٥ وإن تعجب فعجب قولهم ٤٤٥ ٦ ويستعجلونك بالسيئة ٤٤٧ ٧ ويقول الذين كفروا لولا ٤٤٩ ٨ الله يعلم ما تحمل كل أنثى ٤٥٠ ٩ عالم الغيب والشهادة ٤٥١ ١٠ سواء منكم من أسر القول ٤٥٢ ١١ له معقبات من بين يديه ٤٥٢ ١٢ هو الذي يريكم البرق ٤٥٤ ١٣ ويسبح الرعد بحمده ٤٥٥ ١٤ له دعوة الحق ٤٥٨ ١٥ ولله يسجد من في السموات ٤٦٠ ١٦ قل من رب السموات والأرض ٤٦٢ ١٧ أنزل من السماء ماء فسالت ٤٦٤ ١٨ للذين استجابوا لربهم الحسنى ٤٦٧ ١٩ أفمن يعلم أن ما أنزل ٤٦٨ ٢٠ الذين يوفون بعهد الله ٤٦٩ ٢١ والذين يصلون ما أمر الله ٤٧٠ ٢٢ والذين صبروا ابتغاء ٤٧٠
٢٣ جنات عدن يدخلونها ٤٧٢ ٢٤ سلام عليكم بما صبرتم ٤٧٣ ٢٥ والذين ينقضون عهد الله ٤٧٣ ٢٦ الله يبسط الرزق لمن يشاء ٤٧٤ ٢٧ ويقول الذين كفروا ٤٧٦ ٢٨ الذين آمنوا وتطمئن ٤٧٨ ٢٩ الذين آمنوا وعملوا ٤٧٨ ٣٠ كذلك أرسلناك في أمة ٤٧٩ ٣١ ولو أن قرآنا سيرت ٤٨١ ٣٢ ولقد استهزئ برسل ٤٨٤ ٣٣ أفمن هو قائم ٤٨٤ ٣٤ لهم عذاب في الحياة الدنيا ٤٨٩ ٣٥ مثل الجنة التي وعد ٤٨٩ ٣٦ والذين آتيناهم الكتاب ٤٩٠ ٣٧ وكذلك أنزلناه حكما ٤٩٢ ٣٨ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك ٤٩٤ ٣٩ يمحو الله ما يشاء ويثبت ٤٩٥ ٤٠ وإما نرينك بعض الذي ٤٩٦ ٤١ أو لم يروا أنا نأتى الأرض ٤٩٦ ٤٢ وقد مكر الذين من قبلهم ٤٩٨ ٤٣ ويقول الذين كفروا لست ٤٩٨
صفحة رقم 599
فهرس إجمالى لتفسير سورة إبراهيم
رقم الآية/ الآية المفسرة/ رقم الصفحة المقدمة والتعريف بالسورة ٥٠٥ ١ الر. كتاب أنزلناه ٥٠٩ ٢ الله الذي له ما في السموات ٥١١ ٣ الذين يستحبون الحياة الدنيا ٥١١ ٤ وما أرسلنا من رسول ٥١٢ ٥ ولقد أرسلنا موسى ٥١٥ ٦ وإذ قال موسى لقومه ٥١٩ ٧ وإذ تأذن ربكم ٥٢١ ٨ وقال موسى إن تكفروا ٥٢٢ ٩ ألم يأتكم نبأ الذين ٥٢٣ ١٠ قالت رسلهم أفي الله شك ٥٢٨ ١١ قالت لهم رسلهم إن نحن ٥٣٠ ١٢ وما لنا أن لا نتوكل على الله ٥٣١ ١٣ وقال الذين كفروا لرسلهم ٥٣٢ ١٤ ولنسكننكم الأرض من بعدهم ٥٣٤ ١٥ واستفتحوا وخاب ٥٣٥ ١٦ من ورائه جهنم ويسقى ٥٣٧ ١٧ يتجرعه ولا يكاد يسيغه ٥٣٧ ١٨ مثل الذين كفروا بربهم ٥٣٨ ١٩ ألم تر أن الله خلق السموات ٥٤١ ٢٠ وما ذلك على الله بعزيز ٥٤٢ ٢١ وبرزوا لله جميعا ٥٤٢ ٢٢ وقال الشيطان لما قضى الأمر ٥٤٥
٢٣ وأدخل الذين آمنوا ٥٤٨ ٢٤ ألم تر كيف ضرب الله ٥٤٩ ٢٥ تؤتى أكلها كل حين ٥٥١ ٢٦ ومثل كلمة خبيثة ٥٥٢ ٢٧ يثبت الله الذين آمنوا ٥٥٢ ٢٨ ألم تر إلى الذين بدلوا ٥٥٤ ٢٩ جهنم يصلونها ٥٥٦ ٣٠ وجعلوا لله أندادا ٥٥٦ ٣١ قل لعبادي الذين آمنوا ٥٥٧ ٣٢ الله الذي خلق السموات ٥٥٩ ٣٣ وسخر لكم الشمس والقمر ٥٦٠ ٣٤ وآتاكم من كل ما سألتموه ٥٦١ ٣٥ وإذ قال إبراهيم رب اجعل ٥٦٣ ٣٦ رب إنهن أضللن كثيرا ٥٦٥ ٣٧ ربنا إنى أسكنت من ٥٦٦ ٣٨ ربنا إنك تعلم ما نخفى ٥٦٩ ٣٩ الحمد لله الذي وهب لي ٥٦٩ ٤٠ رب اجعلنى مقيم الصلاة ٥٧٠ ٤١ ربنا اغفر لي ولوالدي ٥٧٠ ٤٢ ولا تحسبن الله غافلا ٥٧١ ٤٣ مهطعين مقنعي رءوسهم ٥٧٣ ٤٤ وأنذر الناس يوم ٥٧٤ ٤٥ وسكنتم في مساكن ٥٧٥ ٤٦ وقد مكروا مكرهم ٥٧٦ ٤٧ فلا تحسبن الله مخلف ٥٧٧ ٤٨ يوم تبدل الأرض ٥٧٨ ٤٩ وترى المجرمين يومئذ ٥٧٩
صفحة رقم 601٥٠ سرابيلهم من قطران ٥٧٩ ٥١ ليجزي الله كل نفس ٥٨٠ ٥٢ هذا بلاغ للناس ٥٨٠
صفحة رقم 602
[المجلد الثامن]
سورة الحجربسم الله الرّحمن الرّحيم
تعريف بسورة الحجر١- سورة الحجر، هي السورة الرابعة عشرة في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فقد ذكر الزركشي والسيوطي أنها نزلت بعد سورة يوسف «١»..
وعدد آياتها تسع وتسعون آية.
٢- وسميت بسورة الحجر، لورود هذا اللفظ فيها دون أن يرد في غيرها وأصحاب الحجر هم قوم صالح- عليه السلام-، إذ كانوا ينزلون الحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم- وهو المكان المحجور، أى الممنوع أن يسكنه أحد غيرهم لاختصاصهم به.
ويجوز أن يكون لفظ الحجر، مأخوذ من الحجارة، لأن قوم صالح- عليه السلام- كانوا ينحتون بيوتهم من أحجار الجبال وصخورها، ويبنون بناء محكما جميلا.
قال- تعالى- حكاية عما قاله نبيهم صالح لهم- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ «٢» ومساكنهم ما زالت آثارها باقية، وتعرف الآن بمدائن صالح، وهي في طريق القادم من المدينة المنورة إلى بلاد الشام أو العكس، وتقع ما بين خيبر وتبوك...
وقد مر النبي ﷺ على ديارهم وهو ذاهب إلى غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة...
٣- وسورة الحجر كلها مكية.
قال الشوكانى: وهي مكية بالاتفاق. وأخرج النحاس في ناسخه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة الحجر بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله» «٣».
وقد ذكر الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه السورة أنها مكية، دون أن يذكر في ذلك خلافا.
(٢) سورة الشعراء الآية ١٤٩
(٣) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٣ ص ١٢٠
وقال الآلوسى: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير- رضى الله عنهم- أنها نزلت بمكة. وروى ذلك عن قتادة ومجاهد.
وفي مجمع البيان عن الحسن أنها مكية إلا قوله- تعالى- وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وقوله- تعالى- كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ «١».
والحق أن السورة كلها مكية، وسنبين- عند تفسيرنا للآيات التي قيل بأنها مدنية- أن هذا القول ليس له دليل يعتمد عليه.
٤- (ا) وعند ما نقرأ هذه السورة الكريمة بتدبر وتأمل. نراها في مطلعها تشير إلى سمو مكانة القرآن الكريم، وإلى سوء عاقبة الكافرين الذين عموا وصموا عن دعوة الحق..
قال- تعالى- الر، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ. ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ. ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ.
(ب) ثم تخبرنا بعد ذلك بأن الله- تعالى- قد تكفل بحفظ كتابه، وصيانته من أى تحريف أو تبديل، وبأن المكذبين للرسول ﷺ إنما يكذبونه عن عناد وجحود، لا عن نقص في الأدلة الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم.
قال- تعالى- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ. وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ. وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ. وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ.
(ج) ثم تسوق السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا من الأدلة على وحدانية الله وقدرته، وعلى سابغ نعمه على عباده...
قال- تعالى- وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ. وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ.
(د) ثم حكت السورة قصة خلق آدم- عليه السلام-، وتكليف الملائكة بالسجود له، وامتثالهم جميعا لأمر الله- سبحانه-، وامتناع إبليس وحده عن الطاعة، وصدور حكمه- سبحانه- بطرده من الجنة...
قال- تعالى- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ. وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ..
(هـ) ثم قصت علينا السورة الكريمة بأسلوب فيه الترغيب والترهيب، وفيه العظة والعبرة، جانبا من قصة إبراهيم، ثم من قصة لوط، ثم من قصة شعيب، ثم من قصة صالح- عليهم الصلاة والسلام-...
قال تعالى-: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ. قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ. قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ. قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ.
(و) ثم ختمت سورة الحجر بتسلية الرسول ﷺ عما أصابه من قومه، وأمرته بالصفح والعفو حتى يأتى الله بأمره، وبشرته بأنه- سبحانه- سيكفيه شر أعدائه، وبأنه سينصره عليهم...
قال- تعالى-: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ، وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ. وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
ومن هذا العرض الإجمالى للسورة الكريمة، نراها قد اهتمت اهتماما واضحا بتثبيت المؤمنين وتهديد الكافرين، تارة عن طريق الترغيب والترهيب، وتارة عن طريق قصص السابقين، وتارة عن طريق التأمل في هذا الكون وما اشتمل عليه من مخلوقات تدل على وحدانية الله وعظيم قدرته وسابغ رحمته....
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المؤلف د. محمد سيد طنطاوى