آيات من القرآن الكريم

وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

مِنَ الرِّزْقِ مَمْدُوحٌ، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْإِنْفَاقِ مِنَ الْحَرَامِ بِمَمْدُوحٍ فَيَنْتُجُ أَنَّ الرِّزْقَ لَيْسَ بِحَرَامٍ. وَقَدْ مَرَّ تَقْرِيرُ هَذَا الْكَلَامِ مِرَارًا.
المسألة الْخَامِسَةُ: فِي انْتِصَابِ قَوْلِهِ: سِرًّا وَعَلانِيَةً وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَالِ أَيْ ذَوِي سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ بِمَعْنَى مُسِرِّينَ وَمُعْلِنِينَ. وَثَانِيهَا: عَلَى الظَّرْفِ أَيْ وَقْتَ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ. وَثَالِثُهَا: عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِنْفَاقَ سِرٍّ وَإِنْفَاقَ عَلَانِيَةٍ وَالْمُرَادُ إِخْفَاءُ التَّطَوُّعِ وَإِعْلَانُ الْوَاجِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ قَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: البيع هاهنا الْفِدَاءُ وَالْخِلَالُ الْمُخَالَّةُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ خَالَلْتُ خِلَالًا وَمُخَالَّةً، وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا مُخَالَّةٌ وَلَا قَرَابَةٌ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: أَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى تَجِدُوا ثَوَابَ ذَلِكَ الْإِنْفَاقِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي لَا تَحْصُلُ فِيهِ مُبَايَعَةٌ وَلَا مُخَالَّةٌ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٤].
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَفَى الْمُخَالَّةَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَهَا فِي قَوْلِهِ: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزُّخْرُفِ: ٦٧].
قُلْنَا: الْآيَةُ الدَّالَّةُ عَلَى نَفْيِ الْمُخَالَّةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى نَفْيِ الْمُخَالَّةِ بِسَبَبِ مَيْلِ الطَّبِيعَةِ وَرَغْبَةِ النَّفْسِ، وَالْآيَةُ الدَّالَّةُ عَلَى ثُبُوتِ الْمُخَالَّةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى حُصُولِ الْمُخَالَّةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّهُ أعلم.
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٣٢ الى ٣٤]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا أَطَالَ الْكَلَامَ فِي وَصْفِ أحوال السعداء وأحوال الأشقياء، وكانت الْعُمْدَةُ الْعُظْمَى وَالْمَنْزِلَةُ الْكُبْرَى فِي حُصُولِ السَّعَادَاتِ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ وَبِصِفَاتِهِ، وَفِي حُصُولِ الشَّقَاوَةِ فِقْدَانَ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ، لَا جَرَمَ خَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى وَصْفَ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ بِالدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وذكر هاهنا عشرة أنواع من الدلائل. أولها: خلق السموات. وَثَانِيهَا: خَلْقُ الْأَرْضِ، وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ. وَثَالِثُهَا: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ.
وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ.
وَسَادِسُهَا وَسَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ. وَثَامِنُهَا وَتَاسِعُهَا: قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ. وَعَاشِرُهَا: قَوْلُهُ: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَهَذِهِ الدَّلَائِلُ الْعَشَرَةُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَتَقْرِيرُهَا وَتَفْسِيرُهَا مرارا وأطوارا ولا بأس بأن نذكر هاهنا بعض الفوائد. [الحجة الأولى والثانية قَوْلُهُ تَعَالَى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ] فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: اللَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلَهُ: الَّذِي خَلَقَ خَبَرُهُ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَدَأَ بذكر خلق السموات وَالْأَرْضِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ

صفحة رقم 96

السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ مِنْ كَمْ وَجْهٍ تَدُلُّ عَلَى وجود الصانع الحكيم، وإنما بدأ بذكرهما هاهنا لِأَنَّهُمَا هُمَا الْأَصْلَانِ اللَّذَانِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا سَائِرُ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ: [الحجة الثالثة] وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:
البحث الْأَوَّلُ: لَوْلَا السَّمَاءُ لَمْ يَصِحَّ إِنْزَالُ الْمَاءِ مِنْهَا وَلَوْلَا الْأَرْضُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِيهِ، فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا حَتَّى يَحْصُلَ هَذَا الْمَقْصُودُ وَهَذَا الْمَطْلُوبُ.
البحث الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً وَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَاءَ نَزَلَ مِنَ السَّحَابِ وَسُمِّيَ السَّحَابُ سَمَاءً اشْتِقَاقًا مِنَ السُّمُوِّ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهُ مِنْ نَفْسِ السَّمَاءِ وَهَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا كَانَ واقفا على قلة جَبَلٍ عَالٍ وَيَرَى الْغَيْمَ أَسْفَلَ مِنْهُ فَإِذَا نَزَلَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ يَرَى ذَلِكَ الْغَيْمَ مَاطِرًا عَلَيْهِمْ وَإِذَا كَانَ هَذَا أَمْرًا مُشَاهَدًا بِالْبَصَرِ كَانَ النِّزَاعُ فِيهِ بَاطِلًا.
البحث الثَّالِثُ: قَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَ هَذِهِ الثَّمَرَاتِ بِوَاسِطَةِ هَذَا الْمَاءِ الْمُنْزَلِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَصْلَحَةً لِلْمُكَلَّفِينَ، لِأَنَّهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ هَذِهِ الْمَنَافِعَ الْقَلِيلَةَ يَجِبُ أَنْ تُتَحَمَّلَ فِي تَحْصِيلِهَا الْمَشَاقُّ وَالْمَتَاعِبُ، فَالْمَنَافِعُ الْعَظِيمَةُ الدَّائِمَةُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَوْلَى أَنْ تُتَحَمَّلَ الْمَشَاقُّ فِي طَلَبِهَا، وَإِذَا كَانَ الْمَرْءُ يَتْرُكُ الرَّاحَةَ وَاللَّذَّاتِ طَلَبًا لِهَذِهِ الْخَيْرَاتِ الْحَقِيرَةِ، فَبِأَنْ يَتْرُكَ اللَّذَّاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ لِيَفُوزَ بِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَخَلَّصَ عَنْ عِقَابِهِ أَوْلَى. وَلِهَذَا السَّبَبِ لَمَّا زَالَ التَّكْلِيفُ فِي الْآخِرَةِ أَنَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ نَفْسٍ مُشْتَهَاهَا مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ، هَذَا قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَقَالَ قَوْمٌ آخَرُونَ: إِنَّهُ تَعَالَى يُحْدِثُ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ بِوَاسِطَةِ هَذَا الْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ، وَالمسألة كَلَامِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
البحث الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: لَفْظُ الثَّمَراتِ يَقَعُ فِي الْأَغْلَبِ عَلَى مَا يَحْصُلُ عَلَى الْأَشْجَارِ، وَيَقَعُ أَيْضًا عَلَى الزُّرُوعِ وَالنَّبَاتِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ [الْأَنْعَامِ: ١٤١].
البحث الْخَامِسُ: قَالَ تَعَالَى: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَخْرَجَ هَذِهِ الثَّمَرَاتِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ رِزْقًا لَنَا، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ تَعَالَى قَصَدَ بِتَخْلِيقِ هَذِهِ الثَّمَرَاتِ إِيصَالَ الْخَيْرِ وَالْمَنْفَعَةِ إِلَى الْمُكَلَّفِينَ، لِأَنَّ الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إِحْسَانًا إِلَّا إِذَا قَصَدَ الْمُحْسِنُ بِفِعْلِهِ إِيصَالَ النَّفْعِ إِلَى الْمُحْسَنِ إِلَيْهِ.
البحث السَّادِسُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : قَوْلُهُ: مِنَ الثَّمَراتِ بَيَانٌ لِلرِّزْقِ، أَيْ أَخْرَجَ بِهِ رِزْقًا هُوَ ثَمَرَاتٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَفْعُولَ أَخْرَجَ وَرِزْقًا حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ أَوْ نَصْبًا عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ أَخْرَجَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى رَزَقَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَرَزَقَ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ.
فَأَمَّا الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تعالى: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [الشُّورَى: ٣٢] فَفِيهَا مَبَاحِثُ:
البحث الْأَوَّلُ: أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَنْبُتُ مِنَ الْأَرْضِ إِنَّمَا يَكْمُلُ بِوُجُودِ الْفُلْكِ الْجَارِي فِي الْبَحْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ كُلَّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنْ أَنْعُمِهِ حَتَّى إِنَّ نِعْمَةَ هَذَا الطَّرَفِ إِذَا نُقِلَتْ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ الْأَرْضِ وَبِالْعَكْسِ كَثُرَ الرِّبْحُ فِي التِّجَارَاتِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا النَّقْلَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِسُفُنِ الْبَرِّ وَهِيَ الْجِمَالُ أَوْ

صفحة رقم 97

بِسُفُنِ الْبَحْرِ وَهِيَ الْفُلْكُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ مَعَ أَنَّ تَرْكِيبَ السَّفِينَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ؟
قُلْنَا: أَمَّا عَلَى قَوْلِنَا إِنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا سُؤَالَ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْأَشْجَارَ الصُّلْبَةَ الَّتِي مِنْهَا يُمْكِنُ تَرْكِيبُ السُّفُنِ وَلَوْلَا خَلْقُهُ/ لِلْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْآلَاتِ وَلَوْلَا تَعْرِيفُهُ الْعِبَادَ كَيْفَ يتخذوه وَلَوْلَا أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْمَاءَ عَلَى صِفَةِ السَّيَلَانِ الَّتِي بِاعْتِبَارِهَا يَصِحُّ جَرْيُ السَّفِينَةِ، وَلَوْلَا خَلْقُهُ تَعَالَى الرِّيَاحَ وَخَلْقُ الْحَرَكَاتِ الْقَوِيَّةِ فِيهَا وَلَوْلَا أَنَّهُ وَسَّعَ الْأَنْهَارَ وَجَعَلَ فِيهَا مِنَ الْعُمْقِ مَا يَجُوزُ جَرْيُ السُّفُنِ فِيهَا لَمَا وَقَعَ الِانْتِفَاعُ بِالسُّفُنِ فَصَارَ لِأَجْلِ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ لِهَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ الْمُدَبِّرُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَالْمُسَخِّرُ لَهَا حَسُنَتْ إِضَافَةُ السُّفُنِ إِلَيْهِ.
البحث الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ ذَلِكَ التَّسْخِيرَ إِلَى أَمْرِهِ لِأَنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ قَلَّمَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ فَعَلَ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ إِنَّهُ أَمَرَ بِكَذَا تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النَّحْلِ: ٤٠] وَتَحْقِيقُ هَذَا الوجه رَاجِعٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
البحث الثَّالِثُ: الْفُلْكُ مِنَ الْجَمَادَاتِ فَتَسْخِيرُهَا مَجَازٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ كَمَا يَشْتَهِيهِ الْمَلَّاحُ صَارَ كَأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُسَخَّرٌ لَهُ.
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ قَلَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الزِّرَاعَاتِ لَا جَرَمَ ذَكَرَ تَعَالَى إِنْعَامَهُ عَلَى الْخَلْقِ بِتَفْجِيرِ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ حَتَّى يَنْبَعِثَ الْمَاءُ مِنْهَا إِلَى مَوَاضِعِ الزَّرْعِ وَالنَّبَاتِ، وَأَيْضًا مَاءُ الْبَحْرِ لَا يَصْلُحُ لِلشُّرْبِ، وَالصَّالِحُ لِهَذَا الْمُهِمِّ هُوَ مِيَاهُ الْأَنْهَارِ.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ عَظِيمٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً [نُوحٍ: ١٦] وَمِنْهَا قَوْلُهُ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ [الرَّحْمَنِ: ٥] وَمِنْهَا قَوْلُهُ:
وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الْفُرْقَانِ: ٦١] وَمِنْهَا قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يُونُسَ: ٥] وَقَوْلُهُ: دائِبَيْنِ مَعْنَى الدؤب فِي اللُّغَةِ مُرُورُ الشَّيْءِ فِي الْعَمَلِ عَلَى عادة مطردة يقال دأب يدأب دأبا ودؤبا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي قَوْلِهِ: قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً [يُوسُفَ: ٤٧] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَوْلُهُ:
دائِبَيْنِ مَعْنَاهُ يَدْأَبَانِ فِي سَيْرِهِمَا وَإِنَارَتِهِمَا وَتَأْثِيرِهِمَا فِي إِزَالَةِ الظُّلْمَةِ وَفِي إِصْلَاحِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ فَإِنَّ الشَّمْسَ سُلْطَانُ النَّهَارِ وَالْقَمَرَ سُلْطَانُ اللَّيْلِ وَلَوْلَا الشَّمْسُ لَمَا حَصَلَتِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَلَوْلَاهَا لَاخْتَلَّتْ مَصَالِحُ الْعَالَمِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنَافِعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ.
الحجة الثامنة والتاسعة: قوله: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنَافِعَهُمَا مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً [النَّبَأِ:
١٠، ١١] وَقَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً [يونس: ٦٧] قال ولمتكلمون:
تَسْخِيرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَجَازٌ لِأَنَّهُمَا عَرَضَانِ، وَالْأَعْرَاضُ لَا تُسَخَّرُ.
وَالْحُجَّةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْلُهُ: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ تِلْكَ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ بَيَّنَ

صفحة رقم 98

بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا، بَلْ أَعْطَى عِبَادَهُ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْمُرَادَاتِ مَا لَا يَأْتِي عَلَى بَعْضِهَا التَّعْدِيدُ وَالْإِحْصَاءُ فَقَالَ: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ من كل مسؤول شيئا، وقرئ: من كل بالتنوين وما سَأَلْتُمُوهُ نَفْيٌ وَمَحَلُّهُ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ آتَاكُمْ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرَ سَائِلِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» مَوْصُولَةً وَالتَّقْدِيرُ: آتَاكُمْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ مَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهِ وَلَمْ تَصْلُحْ أَحْوَالُكُمْ وَمَعَايِشُكُمْ إِلَّا بِهِ، فَكَأَنَّكُمْ سَأَلْتُمُوهُ أَوْ طَلَبْتُمُوهُ بِلِسَانِ الْحَالِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ النِّعَمَ خَتَمَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها قَالَ الْوَاحِدِيُّ: النعمة هاهنا اسْمٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ يُقَالُ: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، يُنْعِمُ إِنْعَامًا وَنِعْمَةً أُقِيَمَ الِاسْمُ مَقَامَ الْإِنْعَامِ كَقَوْلِهِ: أَنْفَقْتُ عَلَيْهِ إِنْفَاقًا وَنَفَقَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَا تُحْصُوها أَيْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى تَعْدِيدِ جَمِيعِهَا لِكَثْرَتِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى أَقْسَامِ نِعَمِ اللَّهِ مُمْتَنِعٌ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ لِيَعْرِفَ عَجْزَ نَفْسِهِ عَنْهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهُ مِثَالَيْنِ.
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَطِبَّاءَ ذَكَرُوا أَنَّ الْأَعْصَابَ قِسْمَانِ، مِنْهَا دِمَاغِيَّةٌ وَمِنْهَا نُخَاعِيَّةٌ. أَمَّا الدِّمَاغِيَّةُ فَإِنَّهَا سَبْعَةٌ ثُمَّ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ الحكم النَّاشِئَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ السَّبْعَةِ، ثُمَّ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْوَاحِ السَّبْعَةِ تَنْقَسِمُ إِلَى شُعَبٍ كَثِيرَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الشُّعَبِ أَيْضًا إِلَى شُعَبٍ دَقِيقَةٍ أَدَقَّ مِنَ الشَّعَرِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَمَرٌّ إِلَى الْأَعْضَاءِ وَلَوْ أَنَّ شُعْبَةً وَاحِدَةً اخْتَلَّتْ إِمَّا بِسَبَبِ الْكَمِّيَّةِ أَوْ بِسَبَبِ الْكَيْفِيَّةِ أَوْ بِسَبَبِ الْوَضْعِ لَاخْتَلَّتْ مَصَالِحُ الْبِنْيَةِ، ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الشُّعَبَ الدَّقِيقَةَ تَكُونُ كَثِيرَةَ الْعَدَدِ جِدًّا، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا حِكْمَةٌ مَخْصُوصَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ الْإِنْسَانُ فِي هَذَا الْمَعْنَى عرف أن الله تَعَالَى بِحَسَبِ كُلِّ شَظِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ الشَّظَايَا الْعَصَبِيَّةِ عَلَى الْعَبْدِ نِعْمَةً عَظِيمَةً لَوْ فَاتَتْ لَعَظُمَ الضَّرَرُ عَلَيْهِ وَعَرَفَ قَطْعًا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهَا وَالِاطِّلَاعِ عَلَى أَحْوَالِهَا وَعِنْدَ هَذَا يَقْطَعُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها وَكَمَا اعْتَبَرْتَ هَذَا فِي الشَّظَايَا الْعَصَبِيَّةِ فَاعْتَبِرْ مِثْلَهُ فِي الشَّرَايِينِ وَالْأَوْرِدَةِ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ الْبَسِيطَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ بِحَسَبِ الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ وَالْوَضْعِ وَالْفِعْلِ وَالِانْفِعَالِ حَتَّى تَرَى أَقْسَامَ هَذَا الْبَابِ بَحْرًا لَا سَاحِلَ لَهُ، وَإِذَا اعْتَبَرْتَ هَذَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ الْوَاحِدِ فَاعْرِفْ أَقْسَامَ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَرُوحِهِ، فَإِنَّ عَجَائِبَ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ أَكْثَرُ مِنْ عَجَائِبِ عَالَمِ الْأَجْسَادِ ثُمَّ لَمَّا اعْتَبَرْتَ حَالَةَ الْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ فَعِنْدَ ذَلِكَ اعْتَبِرْ أَحْوَالَ عَالَمِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ وَطَبَقَاتِ الْعَنَاصِرِ وَعَجَائِبِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَعِنْدَ هَذَا تَعْرِفُ/ أَنَّ عُقُولَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ لَوْ رُكِّبَتْ وَجُعِلَتْ عَقْلًا وَاحِدًا ثُمَّ بِذَلِكَ الْعَقْلِ يَتَأَمَّلُ الْإِنْسَانُ فِي عَجَائِبِ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَقَلِّ الْأَشْيَاءِ لَمَا أَدْرَكَ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلَ، فَسُبْحَانَهُ تَقَدَّسَ عَنْ أَوْهَامِ الْمُتَوَهِّمِينَ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ اللُّقْمَةَ الْوَاحِدَةَ لِتَضَعَهَا فِي الْفَمِ فَانْظُرْ إِلَى مَا قَبْلَهَا وَإِلَى مَا بَعْدَهَا أَمَّا الْأُمُورُ الَّتِي قَبْلَهَا: فَاعْرِفْ أَنَّ تِلْكَ اللُّقْمَةَ مِنَ الْخُبْزِ لَا تَتِمُّ وَلَا تَكْمُلُ إِلَّا إِذَا كَانَ هَذَا الْعَالَمُ بِكُلِّيَّتِهِ قَائِمًا عَلَى الوجه الْأَصْوَبِ، لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا، وأنها لا تنبت إلا معونة الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وَتَرْكِيبِ الطَّبَائِعِ وَظُهُورِ الرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ، وَلَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ دَوَرَانِ الْأَفْلَاكِ، وَاتِّصَالِ بَعْضِ الْكَوَاكِبِ بِبَعْضٍ عَلَى وُجُوهٍ مَخْصُوصَةٍ فِي الْحَرَكَاتِ، وَفِي كَيْفِيَّتِهَا فِي الْجِهَةِ وَالسُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْحِنْطَةُ لَا بُدَّ مِنْ آلَاتِ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ تَوَلُّدِ الْحَدِيدِ فِي أَرْحَامِ الْجِبَالِ، ثُمَّ إِنَّ الْآلَاتِ الْحَدِيدِيَّةَ لَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهَا إِلَّا بِآلَاتٍ

صفحة رقم 99
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية