آيات من القرآن الكريم

وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

وما فيها من الاجرام العلوية وَالْأَرْضَ وما فيها من انواع المخلوقات وقدم السماوات لانها بمنزلة الذكر من الأنثى وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ اى من السحاب فان كل ما علاك سماء او من الفلك فان المطر منه يبتدئ الى السحاب ومنه الى الأرض على ما دلت عليه ظواهر النصوص يقول الفقير هو الأرجح عندى لان الله تعالى زاد بيان نعمه على عباده فبين اولا خلق السماوات والأرض ثم أشار الى ما فيها من كليات المنافع لكنه قدم واخر كتأخير تسخير الشمس والقمر ليدل على ان كلا من هذه النعم نعمة على حدة ولو أريد السحاب لم يوجد التقابل التام وأياما كان فمن ابتدائية ماءً اى نوعا منه وهو المطر فَأَخْرَجَ بِهِ اى بسبب ذلك الماء الذي أودع فيه القوة الفاعلية كما انه أودع فى الأرض القوة القابلية مِنَ الثَّمَراتِ من انواع الثمرات رِزْقاً لَكُمْ تعيشون به وهو بمعنى المرزوق شامل للمطعوم والملبوس مفعول لاخرج ومن للتبيين حال منه ولكم صفة كقولك أنفقت من الدراهم الفا او للتبعيض بدليل قوله تعالى فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ كأنه قيل انزل من السماء بعض الماء فاخرج به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم إذ لم ينزل من السماء كل الماء ولا اخرج بالمطر كل الثمار ولاجل كل الرزق ثمر او كان أحب الفواكه الى نبينا عليه السلام الرطب والبطيخ وكان يأكل البطيخ بالرطب ويقول (يكسر حر هذا ببرد هذا وبرد هذا بحر هذا) فان الرطب حار رطب والبطيخ بارد رطب كما فى شرح المصابيح وفى الحديث (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر) قوله تصبح اى أكل وقت الصباح قبل ان يأكل شيأ آخر وعجوة عطف بيان لسبع تمرات وهى ضرب من أجود التمر فى المدينة يضرب الى السواد يحتمل ان يكون هذه الخاصية فى ذلك النوع من التمر ويحتمل ان يكون بدعائه له حين قالوا احرق بطوننا تمر المدينة وفى الحديث (كلوا التمر على الريق فانه يقتل الديدان فى البطن) وكان عليه السلام يأخذ عنقود العنب بيده اليسرى ويتناول حبة حبة بيده اليمنى كذا فى الطب النبوي وفى البطيخ والرمان قطرة من ماء الجنة وروى عن على كلوا الرمان فليس منه حبة تقع فى المعدة الا أنارت القلب وأخرست الشيطان أربعين يوما وقال جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الأنبياء ريح السفر جل وريح الحور ريح الآس وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ بان أقدركم على صنعتها واستعمالها بما ألهمكم كيفية ذلك لِتَجْرِيَ اى الفلك لانه جمع فلك فِي الْبَحْرِ [در دريا] بِأَمْرِهِ بإرادته الى حيث توجهتم وانطوى فى تسخير الفلك تسخير البخار وتسخير الرياح قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود وفى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء عند غلبة السلامة كذا قال الجمهور. وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ اى المياه العظيمة الجارية فى الأنهار العظام وتسخيرها جعلها معدة لانتفاع الناس حيث يتخذون منها جداول يسقون بها زروعهم وجنانهم وما أشبه

صفحة رقم 421

ذلك قال فى بحر العلوم اللام فيها للجنس او للعهد أشير بها الى خمسة انهار سيحون نهر الهند وجيحون نهر بلخ ودجلة والفرات نهرى العراق والنيل نهر مصر أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة فاستودعها الجبال وأجراها فى الأرض وسخرها للناس وجعل فيها منافع لهم فى اصناف معاشهم وسائر الأنهار تبع لها وكأنها أصولها وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حال كونهما دائِبَيْنِ قال فى تهذيب المصادر الدأب [دائم شدن] فالمعنى دائمين متصلين فى سيرهما لا ينقطعان الى يوم القيامة وقال فى القاموس دأب فى عمله كمنع دأبا ويحرك ودؤوبا بالضم جدّ وتعب. فالمعنى مجدين فى سيرهما وانارتهما ودرئهما الظلمات واصلاحهما يصلحان الأرض والأبدان والنبات لا يفتران أصلا ويفضل الشمس على القمر لان الشمس معدن الأنوار الفلكية من البدور والنجوم وأصلها فى النورانية وان أنوارهم مقتبسة من نور الشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان بالزيادة والنقصان والاضاءة والاظلام والحركة والسكون فيهما اى لمعاشكم ومنامكم ولعقد الثمار وانضاجها واختلفوا فى الليل والنهار أيهما أفضل قال بعضهم قدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الأنبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال الامام النيسابورى الليل أفضل من النهار يقول الفقير الليل محل السكون ففيه سر الذات وله المرتبة العليا والنهار محل الحركة ففيه سر الصفات وله الفضيلة العظمى وأول المراتب وآخرها السكون كما أشار اليه قوله تعالى فى الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق) فالخلق يقتضى الحركة المعنوية وما كان قبل الحركة والخلق إلا سكون محض وذات بحت فافهم. وسيد الأيام يوم الجمعة وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة تضاعف الحج لسبعين حجة على غيره وبهذا ظهر فضل يوم الجمعة على يوم عرفة. وأفضل الليالى ليلة المولد المحمدي لو لاه ما نزل القرآن ولا نعتت ليلة القدر وهو الأصح وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى اعطاكم مصلحة لكم بعض جميع ما سألتموه فان الموجود من كل صنف بعض ما قدره الله وهذا كقوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ
فمن للتبعيض او كل ما سألتموه على ان من للبيان وكلمة كل للتكثير كقولك فلان يعلم كل شىء وأتاه كل الناس وعليه قوله تعالى فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ قال الكاشفى [وبداد شما را از هر چهـ خواستيد يعنى آنچهـ محتاج اليه شما بود خواسته وناخواسته بشما ارزانى داشت] وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ التي أنعم بها عليكم بسؤال وبغيره لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وعدها ولو اجمالا لكثرتها وعدم نهايتها وفيه دليل على ان المفرد يفيد الاستغراق بالاضافة واصل الإحصاء ان الحساب كان إذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد وضعت له حصاة ليحفظ بها ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة والنعم على قسمين نعمة المنافع لصحة البدن والامن والعافية والتلذذ بالمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والأموال والأولاد ونعمة دفع المضار من الأمراض والشدائد والفقر والبلاء وأجل النعم استواء الخلقة والهام المعرفة [سلمى قدس سره فرمود كه مراد ازين نعمت حضرت

صفحة رقم 422

پيغمبر ماست ﷺ كه سفر بزركتر وواسطه نزديكتر ميان حق وخلق اوست وفى نفس الأمر حصر صفات كمال وشرح أنوار جمال او از دائره تصور وتخيل بيرون واز اندازه تأمل وتفكر افزونست]

بر ذروه معارج قدر رفيع تو نى عقل راه يابد ونى فهم پى برد
إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ لبليغ فى الظلم يظلم النعمة باغفال شكرها او بوضعها فى غير موضعها او يظلم نفسه بتعريضها للحرمان كَفَّارٌ شديد الكفران لها او ظلوم فى الشدة يشكو ويجزع كفار فى النعمة يجمع ويمنع. واللام فى الإنسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم والكفران بعض من وجد فيه من افراده كما فى الإرشاد- روى- انه شكا بعض الفقراء الى واحد من السلف فقره واظهر شدة اهتمامه به فقال أيسرّك انك أعمى ولك عشرة آلاف درهم فقال لا فقال اقطع اليدين والرجلين ولك عشرون الف درهم فقال لا فقال أيسرّك جعل
الله انك مجنون ولك عشرة آلاف قال لا فقال اما تستحيى انك تشكو مولاك وعندك عروض بأربعين الف ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوزماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعط هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشان فهل كنت تعطيه قال نعم قال ولو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يساوى شربة ماء وان نعمة على العبد فى شربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس لا يستوى بملك الأرض كلها فلو أخذ لحظة حتى انقطع الهواء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام فيه هواء حار او فى بئر فيه هواء ثقيل برطوبة الماء مات غما ففى كل ذرة من بدنه نعم لا تحصى
نعمت حق شمار وشكر كذار نعتش را اگر چهـ نيست شمار
شكر باشد كليد كنج مزيد كنج خواهى منه ز دست كليد
والاشارة اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ سموات القلوب وَالْأَرْضَ ارض النفوس وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من سماء القلوب ماءً ماء الحكمة فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ من ثمرات الطاعات رِزْقاً لارواحكم فان الطاعات غذاء الأرواح كما ان الطعام غذاء الأبدان وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ فلك الشريعة لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ فى بحر الطريقة بِأَمْرِهِ بامر الحق لا بامر الهوى والطبع لان استعمال فلك الشريعة إذا كان بامر الهوى والطبع سريعا ينكسر ويغرق ولا يبلغ ساحل الحقيقة الا بامر اولى الأمر وملاحيه وهو الشيخ الواصل الكامل المكمل كما قال تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وقال النبي عليه السلام (من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله) وكم من سفن لارباب الطلب لما شرعت فى هذا البحر بالطبع انكسرت بنكباء الأهواء وتلاطم امواج الغرة وانقطعت دون ساحلها وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ انهار العلوم اللدنية وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ شمس الكشوف وَالْقَمَرَ قمر المشاهدات دائِبَيْنِ بالكشف والمشاهدة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وتسخير هذه الأشياء عبارة عن جعلها سببا لاستكمال استعداد الإنسان فى قبول الفيض الإلهي المختص به من بين سائر المخلوقات وفى قوله وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ

صفحة رقم 423
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية