آيات من القرآن الكريم

تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

(تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا... (٢٥)
أي تؤتي ثمراتها في كل حين، وإيناعها بإذن ربها.
والشجرة هي المشبه به، وقد وصفها سبحانه بأنها طيبة، وطيبها في أنها ثابتة الأصل، وبأنها مرتفعة، وبأنها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
هذا هو المشبه به، فأما المشبه: هي الكلمة الطيبة، والكلمة الطيبة فيها عناصر الطيبة التي ذكرت في الشجرة، فهي كلمة النفس والقلب والعقل، تنبع من القلب والعقل فقال بإخلاص للَّه تعالى، وهو الحق، وإنها إذ تقال تعلو بصاحبها

صفحة رقم 4020

عن سفساف الأمور، وتتجه به إلى معاليها، فهي ترفع صاحبها ولا تهوى، وهي هادية مرشدة ممتدة النفع تؤتي ثمراتها كل حين، والكلمة الطيبة تبقى ببقاء الأنفس المتبصرة المدركة، فالكلمة حياة تحيي النفوس والأفئدة.
وما الكلمة التي تتحقق فيها هذه المعاني؟ قيل: إنها كلمة التوحيد، وقيل:
إنها الإيمان، والحق، أنها الكلمة التي تكون صادقة في ذاتها ومنبعثة من النفس لإرضاء اللَّه تعالى، والذود عن محارمه وتتحقق فيها النية الطيبة، والقول الطيب، كما قال تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ)، وروى من حديث أنس أن النبي - ﷺ - قال: " إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة، الإيمان فروعها، والصلاة أصلها، والزكاة فروعها، والصيام أغصانها، والتأذي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن محارم اللَّه ثمرتها ".
ولقد قال تعالى: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ)، أي الأمور المتشابهة بين بعضها البعض، فيبين المعنوي بالحسي حتى يصير كأنه محسوس مرئي، ويبين اللَّه سبحانه وتعالى ذلك البيان ليرجوهم أن يتذكروا ويعتبروا، فالرجاء ليس من اللَّه تعالى الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.
هذا مثل الكلمة الطيبة وهي كلمة الحق الجامعة لكل معاني الخير والطيب، والكمال والجمال، أما الكلمة الخبيثة فقد قال تعالى في مثلها:

صفحة رقم 4021
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية