آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

يقول إن هذه الآية تدل على ترجيح جانب الخوف على جانب الرجاء لقوله: (ذُو مَغْفِرَةٍ) وهو للتقليل، ابن عرفة: إنما أخذه من كون المغفرة مصدر محذوف [بالتاء الدالة على الوحدة*] والعقاب مصدر منهم يقع على القليل والكثرة، قال وإن ربك لغفار للناس لأفاد المبالغة، قلت: وهو لابن عطية لأنه قال ما نصه: والظاهر [من*] معنى المغفرة هنا إنما ستره [في الدنيا وإمهاله للكفرة*] [ألا ترى التيسير في لفظ مَغْفِرَةٍ*] وأنها منكرة مقللة، وليس فيها مبالغة كما في قوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ). قلت وذكر الزمخشري: في سورة [غافر*] في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) إذا قال: (ذُو) أدل على عظم فضله وكثرته، ونحوه لابن الخطيب في سورة الإسراء في قوله: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ونحوه للقاضي عياض في الإكمال في قصة سعد بن أبي وقاص في الوصية حيث قال: قد [بَلَغَنِي*] مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ، [وَأَنَا ذُو مَالٍ*]، [وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ].
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى... (٨)﴾
انظر هل المراد به الآدميات أو عموم [الإناث*]، فإن قلت: قوله: (وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ) قرينة في الخصوص، قلنا: قد ذكر الفخر والآمدي أن العام إذا عقب بعضه بصفة من أصنافه فمذهب مالك والشافعي فإن على عموم، وقال الثوري: هو مقصود على ذلك الصنف فقوله: (وَمَا تَغِيضُ) وإن كان لَا يصدق إلا على الأرحام ولا يخصه، وذكر المؤرخون أنه كان في بلد سلا عشرة ملوك ولدوا من بطن واحدة، ابن عطية: وقع لمالك كما يدل على أن [الحامل*] عنده لَا تحيض، ومذهب ابن القاسم أنها تحيض، قيل لابن عرفة: يلزم من قولكم أنها تحيض أن يكون الحيض دليلا على براءة الرحم فكيف جعلتموه علامة على براءة الرحم في العدة والاستبراء، فقال: إنما حكمنا بالمظنة، فقلنا: هو مظنة براءة الرحم فخلفه بعض الأحيان لَا يمدح كما أن ظهور الغم في زمن الشتاء مظنة لنزول المطر وقد يتخلف، فإن قلت: لم قدم النقص على الزيادة؟ قلنا: لأن الأصل عدم الزيادة.
قوله تعالى: (وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ).
ابن عرفة: انظر هل المراد به القدرة وهي الإبراز من العدم إلى الوجود أو الإرادة وهي التخصص أو العلم وهو الكشف وإلا [فالظاهر*] أن المراد به الإرادة وإن (وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) مراد لأنه أتى به عقيب قوله: (وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ) وما تزداد هم حمل ناقص وحمل زائد وحمل معتدل، فقال: (كُلُّ شَيْءٍ) ذلك مراد له كان

صفحة رقم 419
تفسير ابن عرفة
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي التونسي المالكي
تحقيق
جلال الأسيوطي
الناشر
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
الطبعة
الأولى، 2008 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية