آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

آيات من كتاب الله كقوله: (ويعلم ما في الأرحام) ؛ لأن ما فيه موصولة بلا نزاع، وكقوله: (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) وقوله: (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) الآية.
ويحتمل أيضاً: أن تكون لفظة ما في هذه الآية الكريمة مصدرية، أي يعلم حمل كل أنثى بالمعنى المصدري، وقد جاءت آيات تدل أيضاً على هذا المعنى كقوله (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب)، وقوله: (إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) الآية.
قال البخاري: حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثنا معن قال: حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مَفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدرى نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله".
(الصحيح ٨/٢٢٥- ك التفسير- سورة الرعد ح/٤٦٩٧).
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا شعبة، أنبأني سليمان الأعمش قال: سمعت زيد بن وهب، عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وهو الصادق المصدوق- قال: "إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع: برزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. فوالله إن أحدكم -أو الرجل- ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" قال آدم: إلا ذراع.
(الصحيح ١١/٤٨٦ ح ٦٥٩٤- ك القدر)، وأخرجه مسلم (الصحيح- ك القدر، ب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه).

صفحة رقم 108

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: المرأة ترى الدم، وتحمل أكثر من تسعة أشهر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد)، قال: كان الحسن يقول: الغيضوضة، أن تضع المرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لما دون الحد، قال قتادة: وأما الزيادة فما زاد على تسعة أشهر.
قوله تعالى (وكل شيء عنده بمقدار)
قال البخاري: حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أسامة قال: كنت عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ جاءه رسول إحدى بناته -وعنده سعد وأبيُّ بن كعب ومعاذ- أن ابنها يجود بنفسه، فبعث إليها: "لله ما أخذ ولله ما أعطى، كل بأجل، فلتصبر ولتحتسب".
(الصحيح ١١/٥٠٣ ح ٦٦٠٢- ك القدر، ب (وكان أمر الله قدرا مقدورا)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٢/٦٣٥-٦٣٦ ح ٩٢٣- ك الجنائز، في البكاء على الميت).
ورواية الطبري الآتية تبين مناسبة إيراد حديث البخاري عند الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وكل شيء عنده بمقدار)، إي والله، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلا معلوماً.
قوله تعالى (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار). بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء، وإن الاختفاء والظهور عنده أيضاً سواء؛ لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفي كما يعلم الظاهر، وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله: (وأسروا قولكم أو أجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وقوله: (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر

صفحة رقم 109
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
حكمت بشير ياسين
الناشر
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
سنة النشر
1420 - 1999
الطبعة
الأولى ، 1420 ه - 1999 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية