
قوله: ﴿وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ﴾ إلى قوله ﴿المتعال﴾ المعنى: أن الله تعالى أخبرنا أن المشركين يقولون هلا أنزل على محمد آية، تدل على نبوته، وهي قوله: ﴿لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ [هود: ١٢].
ثم قال الله تعالى، لنبيه عليه السلام ﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ﴾ لهم لا غير. ثم قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾: أي: ولكل أمة هاد، يهديهم؛ إما إلى هدى، وإما إلى ضلال، دليله قوله: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء: ٧٣]، وقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النار﴾ [القصص: ٤١]
وقال قتادة: معناه: ولكل قومٍ داعٍ يدعوهم إلى الله (سبحانه).
فأنت يا محمد داعي هؤلاء. فمحمد، عليه السلام، هو الهادي، وهو المنذر.
وقال ابن جبير: الهادي هو الله، ( تعالى)، والمعنى: إنما أنت يا محمد منذر،

ولكل قوم اهتدوا هادٍ يهديهم، وهو الله (تعالى).
(و) قال مجاهد: المنذر: النبي ﷺ، والهادي / الله ( تعالى)، وقال (هـ) ابن عباس، والضحاك.
وقال أبو صالح: معناه: ولكل (قوم) قادة يقودونهم، إما إلى هدى، وإما إلى ضلال.
وعن ابن عباس رضي الله عنهـ معناه: ولكل قوم داع يدعوهم إلى الله تعالى.
ثم قال تعالى (جل ذكره): ﴿الله يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى﴾ الآية المعنى: إنه ذكر عن قريش أنهم ينكرون البعث، فذكرهم بعلمه ﴿مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى﴾، وما يزيد الرحم في حمله على التسعة أشهر، وما ينقص من التسع أشهر. وإِنَّ من عَلِمَ هذا

قادر على إعادتكم بعد موتكم، لأن الابتداء أصعب من الإعادة.
﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾: أي: قدره، ودبره، فلا تنكروا البعث بعد الموت.
وقال قتادة: ﴿تَغِيضُ الأرحام﴾: هو ما يسقط من الأولاد قبل التسعة.
وقال مجاهد: الغيض: النقصان، وذلك أن المرأة إذا أهرقت الدم، وهي حامل (انتقص) المولود، وإذا لم تهرق الدم، عظم الولد وتم. وقال أيضاً " (إذا حاضت) المرأة في حملها كان (ذلك) نقصاناً في ولدها. فإن زادت على تسعة أشهر كان ذلك تماماً لما نَقْصَ من ولدها.
وقال الحسن: الغيض أن تضع لثمانية أشهر، وأقل الازدياد أن تز (يـ) ـد

على تسعة أشهر.
وعنه (أيضاً) أنه قال: (الغيض الذي يولد لغير تمام، وهو السِّقط. والاز (د) ياد: ما ولد لتمام كقوله: ﴿مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ [الحج: ٥]: أي تامة وغير تامة.
وقال ابن جبير: إذا حملت المرأة، ثم حاضت نقص ولدها، ثم تزداد في الحمل مقدار ما جاءها الدم فيه، فتزيد على تسعة أشهر مثل أيام الدم.
وقال عكرمة: غيضها: الحيض على الحمل، ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ قال: تزداد كل يوم حاضته في حملها يوماً طاهراً في حملها حت تُوِفي عُدَّة حملها، وهي طاهرة.
وعن مجاهد أيضاً: غيضها دون التسعة أشهر، والزيادة فوق التسعة أشهر. واجتمع العلماء على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر.

واختلفوا في أكثره. فقال قوم: أكثه سنتان، وهو مروي عن عائشة (Bها).
وروي عن الضحاك بن مزاحم، وهرم بن حيان أنهما قاما كل واحد منهما في بطن أمه سنتين.
وقال الليث بن سعد: أكثر الحمل ثلاث سنين.
وحكي أن مولاةً لعمر بن عبد العزيز، (Bهـ) حملت ثلاث سنين.
وقال الشافعي مدته: أربع سنين.

وروي عن مالك: مثل قول الشافعي (Bهـ).
وروي أيضاً عن مالك أنه قال: خمس سنين، وحكي عن امرأة ابن عجلان أنها كانت تحمل خمس سنين.
وقال الزهري: المرأة تحمل ست سنين، وسبع سنين.
وقال قوم: لا يجوز التحديد (في هذا)، ومذهب الشافعي /، ومالك: أن الحامل تحيض.
وقال عطاء، والشعبي، والحكم، وحماد، وغيرهم: الحامل

لا تحيض، ولو حاضت ما جاز أن تستبرئ الأمة بحيضة، واستبراء الأمة (بحيضة) إجماع. فلا يعترض به على من أجاز حيض الحامل، لأن الأمة خرجت بالإجماع على استبرائها بحيضة.
صفحة رقم 3683