[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٨ الى ٤٣]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢)وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)
. (١) لا معقب: لا ناقض ولا رادّ.
في هذه الآيات أولا: تطمين وتثبيت للنبي ﷺ وردّ على الكافرين:
١- فليس النبي بدعا في رسالته ولا في شخصيته البشرية. فقد أرسل الله من قبله رسلا وكانوا مثله بشرا لهم أزواج ولهم ذرية.
٢- ولم يكن لرسول أن يأتي بآية من عند نفسه حينما كان يتحدّاه الناس وإنما كانت الآيات تأتي بإذن الله وفي الوقت المناسب الذي يقدّره الله لأن لكل أمر وقتا معينا في علمه.
٣- ولله مطلق التصرف في الحكم والأحكام يمحو ما يريد ويثبت ما يريد.
وعنده علم كل شيء.
٤- وإن من الممكن أن يري الله النبي بعض ما يتوعد به الجاحدين كما أن من الممكن أن يتوفّاه الله قبل ذلك.
٥- وعلى كل حال فإن قصارى مهمته تبليغ رسالة الله. أما حساب الناس فهو على الله وحده.
وفيها ثانيا: التفات إنذاري إلى الكفّار.
١- فوجّه إليهم سؤال استنكاري عما إذا لم يروا آثار عقوبة الله من تدمير صفحة رقم 550
وانتقاص من أطراف الأرض التي كانت مساكن الكفار من قبلهم حتى يقفوا موقف المعاند والمكابر.
٢- وعقّب على السؤال بأن الله إذا ما حكم بأمر فهو نافذ حتما لا يستطيع أحد أن ينقضه أو يردّه وبأنه سريع الحساب أكثر مما يتوهمون.
٣- وذكروا بما كان من أمثالهم السابقين: فقد مكروا مثل ما يمكرون.
ولكن المكر المؤثر المتحقق هو مكر الله فهو يعلم ما تكسب كل نفس ويحصيه عليها. ولن يلبث الكفار أن يروا لمن تكون العاقبة والغلبة ومن الذي يجدي مكره وكيده.
وفيها ثالثا: التفات إلى النبي ثانية بسبيل التثبيت والتطمين: فالكفار ينكرون رسالته فما عليه إلّا أن يقول لهم إنه يجعل الله شهيدا بينه وبينهم فهو خير الشاهدين ثم يجعل الذي عنده علم الكتاب أيضا شاهدا على صحة رسالته.
ولقد روى البغوي في سياق الشطر الأول من الآية الأولى أن اليهود أو المشركين قالوا إن هذا الرجل ليست له همّة إلّا في النساء، فأنزله الله للردّ عليهم.
وروى في سياق الشطر الثاني أنه جواب لعبد الله بن أبي أمية الذي تحدّى النبي بالإتيان بآية.
والآيات منسجمة مع بعضها. وبعضها معطوف على بعض بحيث تبدو وحدة متماسكة. والرواية الأولى لا يمكن أن تصحّ لأن النبي ﷺ لم يتزوّج في العهد المكي إلّا بأمّ المؤمنين خديجة وكانت أكبر منه سنا حينما تزوّجها وبلغت عنده سنّ الشيخوخة ولم يتطلّع إلى غيرها. والطابع المكيّ قوي البروز على الآيات وقد ورد أمثالها في سور لا خلاف في مكيتها. ولم يرو المفسرون الآخرون رواية ما في صدد نزولها وإنما قال بعضهم إن في الآية الأولى ردّا على المشركين الذين كانوا يستغربون أن يكون النبي بشرا يتزوج النساء وينجب ذرية ويظنون أنه ينبغي أن يكون من جنس الملائكة ثم الذين كانوا يتحدّون النبي بالآيات.
ومع وجاهة ذلك بالنسبة للآية الأولى فإن الذي يتبادر أن الآيات متصلة أيضا
بالسياق والمشهد الجدلي. وقد احتوت تثبيتا وردا وتدعيما وإنذارا وجاءت خاتمة قوية للموقف الجدلي وللسورة في آن واحد.
ولقد تضمنت آيات مكية عديدة مرّت أمثلة منها حكاية استغراب المشركين بشرية النبي «١». فمن المحتمل أن يكونوا كرروا ذلك في ظروف نزول السورة فاحتوت الآية الأولى ردّا عليهم في سياق ما احتوته الآيات من ردود وتقريرات.
ولقد كان تحدّي المشركين النبي بالإتيان بآية مما تكررت حكايته في السياق المتوالي من السورة فاحتوت الآية الأولى كذلك ردّا جديدا على تحدّيهم بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل. ولقد كانوا يعرفون أن الرسل السابقين كانوا يأتون بالمعجزات فاستهدف هذا الردّ تقرير كون ذلك لم يكن إلّا بإذن الله وفي المناسبة والحالة اللتين تقتضيهما حكمته. ولقد كانوا يعرفون حتما أن من الرسل من كان له أزواج وذرية. فإن هذا مستفيض الذكر في كتب أهل الكتب وأوساطهم، فجاء الردّ بذلك قويّا مفحما.
ولقد أورد المفسرون في سياق جملة أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أقوالا عديدة معزوّة إلى ابن عباس وبعض علماء التابعين أوردناها وعلقنا عليها في سياق تفسير الآية [٤٤] المماثلة لها في سورة الأنبياء. وما قلناه هناك يقال هنا بتمامه فلا حاجة للإعادة.
ولقد روى الطبري والبغوي عن قتادة أحد علماء التابعين أن المقصود بجملة وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عبد الله بن سلام أحد أحبار اليهود الذين أسلموا في المدينة ثم رويا إنكار الشعبي وسعيد بن جبير من علماء التابعين كذلك لذلك وقالا: كيف يكون عبد الله بن سلام والسورة مكية، وهذا حقّ. ولقد حكت آيات عديدة مكية تصديق أهل الكتاب لرسالة النبي ﷺ وصدق وحي القرآن وإيمانهم بذلك على ما مرّ بيانه في هذه السورة ثم في سور عديدة سابقة «٢». والمتبادر أن
(٢) في التاج حديث يرويه الترمذي عن عبد الله بن سلام نفسه قال: «إن هذه الآية نزلت فيّ». وقد نبّه صاحب التاج أن سند الحديث غريب. انظر التاج ج ٣ ص ٣٦٠.
استشهاد الآية إنما كان بالذين كانوا في مكة من هؤلاء.
ومع وضوح القصد من هذه الجملة وهو استشهاد أهل العلم والكتاب على صحة نبوّة النبي ووحي القرآن فإن الطبرسي المفسّر الشيعي أورد في سياقها فيما أورد رواية عن إمامي الشيعة أبي جعفر وأبي عبد الله أن المراد به علي بن أبي طالب وأئمة الهدى ورواية عن أبي عبد الله أنه قال: إيّانا عنى وعليّ أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي وأنه وضع يده على صدره ثم قال: عندنا والله علم الكتاب.
والهوى الحزبي والتكلّف والخروج عن الصدد بارز على الرواية كما هو واضح.
تعليق على جملة لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ وعلى آية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
ولقد تعددت التأويلات التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل من أصحاب رسول الله ﷺ وتابعيهم للجملة الأولى «١». منها أنها بسبيل الردّ على استعجال الكفار لعذاب الله المنذر به. ومنها أنها بسبيل الردّ على تحديهم النبي بالآيات.
ومنها أنها بسبيل تقرير كون الله قد جعل لكل كتاب أنزله على أنبيائه السابقين مدة محدودة فيثبت منها ما يشاء ويمحو ما يشاء في الكتب التي ينزلها بعد حتى نسخت بالقرآن. ورأى بعضهم في هذا دليلا على صحة القول بالنسخ في القرآن. وقد يكون للقول الأول وجاهة مستمدة من الآيتين [٣٤ و ٤٠] من هذه السورة. وقد يكون للقول الثالث وجاهة من حيث الاستنباط. لأن بعض الأحكام المنزلة على بعض الأنبياء كانت تنسخ بأحكام أخرى تنزل على أنبياء آخرين. ثم نزل القرآن الذي صار هو المرجع للمبادىء والأحكام الإلهية وصار هو كتاب الدين الذي أذن الله أن يظهره على الدين كلّه. غير أن الذي يتبادر لنا أن القول الثاني هو الأكثر اتساقا مع السياق على ما شرحناه آنفا وفي سورة غافر آية تدعم هذا الشرح بقوة.
وهي وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨).
وتعددت كذلك التأويلات التي يرويها المفسرون أو يوردونها باجتهادهم لمدى جملة يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ من ذلك إنها بسبيل تقرير كون كل الأحكام والأقدار والأقوال والأفعال الربانية قابلة للمحو والإثبات.
واستثنى بعضهم الموت والحياة والسعادة والشقاء، ويعنون بالسعادة والشقاء تقدير الله الأزلي لسعادة المهتدين الناجين وشقاء الأشقياء الضالين الهالكين في الآخرة بمعنى أن من قدر عليه الشقاء ظلّ شقيا لا يتبدّل أمره وكذلك من قدّر له السعادة.
وأنكر بعضهم استثناء السعادة والشقاء وأوردوا للتدليل على ذلك خبرا يفيد أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما كانا يدعوا الله فيقولان:
اللهمّ إن كنت كتبتني شقيا فامحه عني وأثبتني سعيدا إنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وأوردوا مثل هذا الدعاء أو قريبا منه لبعض التابعين أيضا. ومن ذلك أنها بسبيل تقرير كون الله يمحو ما يشاء مما أنزل من الأحكام ويثبت ما يشاء مما هو مقرّر عنده في أم الكتاب. أو إن الذي يثبته هو المقرر عنده في أم الكتاب.
ومنها أنها بسبيل تقرير كون الله يغفر ما يشاء من ذنوب عباده ويمحوها من كتب أعمالهم ويبقي منها ما يشاء. ومنها أنها بسبيل بيان كون الله يأمر بطرح كل ما ليس فيه ثواب وعقاب من أعمال الناس من كتبهم. ومنها أنها بسبيل تقرير مطلق تصرف الله تعالى بالمحو والإثبات في كل ما يريد بكونه وخلقه وأحكامه وعقابه وثوابه وإرزاقه الناس وأعمالهم وآجالهم وسعادتهم وشقائهم إلخ وأن علم ذلك كله عنده في أم الكتاب. واستدلّ بعضهم بهذه الآية على جواز البداء على الله تعالى أي رجوعه عمّا كان قدّره وقضاه. ورأى بعضهم في هذا التعبير مسّا بذات الله فقال إن لله لوحين واحدا فيه كل ما هو كائن حقا وهذا لا يقع فيه تبديل ولا رجوع وهو المعبّر عنه بعبارة أم الكتاب، وآخر يمحو منه ما شاء أن يمحوه ويثبت ما شاء أن يثبت.
وقال بعضهم في الردّ على جواز البداء على الله إن علم الله قديم أزلي وهو من لوازم ذاته وما كان كذلك كان دخول التغيير والتبديل فيه محال.
وتعددت الأقوال المروية والواردة في مدى أُمُّ الْكِتابِ كذلك...
منها أنها الحلال والحرام، ومنها أنها علم الله الشامل لكل شيء. ومنها أنه الأصل الذي لا يتغير ولا يتبدل. ومنها أنه المحتوي لكل شيء سواء ما شاءت حكمة الله محوه أم شاءت إثباته. ومنها أنه علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون وأنه قال لعلمه كن كتابا فكان كتابا. وهذا القول الأخير مروي عن ابن عباس عن كعب بن أبيّ أحد علماء أصحاب رسول الله. وقد قال الطبري الذي استوعب الأقوال المرويّة تعقيبا عليها إن أولى الأقوال بالصواب قول من قال (عنده أصل الكتاب وجملته ويدخل في ذلك ما شاء أن يمحوه وما شاء أن يثبته).
وبعض هذه الأقوال متصل بموضوعي اللوح والقدر. وقد علقنا عليهما في سورتي البروج والقمر بما يغني عن التكرار. ونكتفي بالقول هنا إنّ فيما رواه المفسرون وقالوه حول الجملة الثانية ما هو أمور غيبية لا يصح الأخذ بشيء منها إلّا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وليس هناك شيء صحيح عنه في صدد هذه الجملة. وكل الأقوال اجتهادية وتخمينية. ويلمح شيء من التعارض بينها في الوقت نفسه. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الذي يتبادر لنا أن الجملة جزء من آية والآية جزء من سلسلة استهدفت الردّ على الكفار وإفحامهم وتثبيت النبي ﷺ تجاه مواقفهم منه وإن ما احتوته هو بسبيل ذلك حيث أريد بها تقرير كون الله عز وجل مطلق التصرف في جميع الأمور ما علم منها وما لم يعلم وما غاب وما حضر وما حدث وما لم يحدث. وما مضى وما يأتي فإذا شاءت حكمته أن يقع أمر في الموعد وقع، وإذا شاءت حكمته أن يمحوه أو يثبته تمّ ذلك حسب مشيئته. وأن الأولى أن تظلّ الجملة في هذا النطاق دون تخمين وتزيد وخروج عن الصدد والله تعالى أعلم.
[تم بتوفيق الله تعالى الجزء الخامس ويليه إن شاء الله تعالى الجزء السادس وأوله تفسير سورة الحج]
فهرس محتويات الجزء الخامس
تفسير سورة الأحقاف ٧ تعليق على آية وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ... ١٦
تعليق على جملة أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي ١٧ تعليق على جملة إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ ٢٠ تعليق على آية وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً ٢٤ تفسير سورة الذاريات ٣٣ تعليق على وصف المتقين ٣٧ تعليق على آية فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ ٤٣ تفسير سورة الغاشية ٤٥ تعليق على ما روي في إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ٤٨ تفسير سورة الكهف ٥٠ تعليقات على آيات قصة أصحاب الكهف ٥٧ تعليق على الآية وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ٦٢ تعليق على الآية وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ ٦٤ تعليق على مثل الرجلين اللذين كان لأحدهما جنتان ٦٩ تعليق على آية وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ ٧١ تعليق على وصف إبليس أنه من الجن ٢٧٥ تعليق على قصة موسى والعبد الصالح ٨٣ تعليق على قصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج ٩١ تفسير سورة النحل ١١٥ تعليق على اختصاص آيات الأنعام بالأكل ١٢٢ تعليق على جملة وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ١٣٨ تعليق على قول المشركين أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى ١٥١ تعليق على جملة تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ١٥٣ تعليق على جملة يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ ١٥٥ تعليق على جملة وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ١٥٨ أرذل العمر ١٥٨ تعليق على جملة وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ ١٦٦ تعليق على الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ١٦٧ شرح الآية وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ١٧٠ تعليق على آيات فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ ١٧٥ مسألة النسخ في القرآن ١٧٧ تعليق على آية وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ١٨٣ تعليق على جملة رُوحُ الْقُدُسِ ١٨٤
تعليق على الأمر بالاستعاذة من الشيطان ١٨٤ تعليق على آية مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ١٨٦ تلقينات الآية مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ١٨٩ تعليق على جملة وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ ١٩٢ تلقين آية وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً ١٩٥ التلقين الذي احتوته جملة وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ١٩٧ تعليق على آية ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ ٢٠٢ تعليق على آية وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا ٢٠٤ تفسير سورة نوح ٢٠٧ تعليق على أسماء معبودات قوح نوح ٢١١ تفسير سورة إبراهيم ٢١٣ دلالة جملة لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ ٢١٤ تعليق على جملة وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ ٢١٦ تعليق على جملة وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ٢٢٢ تعليق على آية يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ٢٣٢ تعليق على آية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ ٢٤٠ تفسير سورة الأنبياء ٢٥٣ تعليق على جملة لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ ٢٦٢ تعليق على قصة إبراهيم مع قومه في هذه السورة ٢٧٦ تعليق على قصة داود وسليمان في هذه السورة ٢٧٩ تعليق على قصة مريم ٢٨٥ تعليق على جملة أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ ٢٩٥ تأويل الشيعة للجملة السابقة وموضوع المهدي ٢٩٧ تفسير سورة المؤمنون ٣٠٠ تعليق على الأمانة وخطورتها ٣٠٤ تعليق على استفراش ملك اليمين ٣٠٦ تعليق على آية وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ ٣٠٨ تعليق على تخصيص طور سيناء بشجرة الزيتون ٣١١ تعليق على محتويات الآيات ٣٢٥ تفسير سورة السجدة ٣٤٠ تعليق على الآية لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ ٣٤١ تعليق على آية يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ٣٤٤ تعليق على ملك الموت ٣٤٥ تعليق على آية وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ ٣٤٨ تعليقات على آية إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ ٣٤٩ تعليق على الآية وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ ٣٥٥ تفسير سورة الطور ٣٥٩ تعليق على آية وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ٣٦٣ تعليق على كلمة كاهن ٣٦٦ تفسير سورة الملك ٣٧٣ تعليق على آية هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ٣٧٩ تفسير سورة الحاقة ٣٨٤
صفحة رقم 557
تعليق على الحضّ على طعام المسكين ٣٨٩ تفسير سورة المعارج ٣٩٢ تعليق على رواية شيعية في سبب نزول هذه الآيات ٣٩٣ تعليق على جملة تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ ٣٩٤ تعليق على اختصاص جمع المال وكنزه ٣٩٧ تعليق على الآيات إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ٣٩٨ تعليق على الآية وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ ٤٠٠ تفسير سورة النبأ ٤٠٤ تفسير سورة النازعات ٤١٠ تفسير سورة الانفطار ٤١٩ تفسير سورة الانشقاق ٤٢٣ تعليق على ما يلهمه أسلوب ومضامين السورة ٤٢٧ تفسير سورة الروم ٤٢٨ تعليق على خبر انكسار الروم ٤٢٩ تعليق على قدرة الله ونواميسه في الكون ٤٣٩ تعليق على آية وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ ٤٤٠ تعليق على آية فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ٤٤٨ تعليق على آية مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ... ٤٥٠
تعليق على جملة وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا ٤٥٣ تعليق على آية ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ٢٤٥٥ تعليق على جملة كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
٤٥٧ تعليق على سماع الموتى لخطاب الأحياء ٤٦٠ تعليق على آية فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ٤٦٤ تفسير سورة العنكبوت ٤٦٥ تعليق على الآيات [١- ٧] من السورة ٤٦٧ تعليق على آية وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ ٤٧٠ تعليق على آية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ٤٧١ تعليق على آية وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها ٤٨٢ تأويل جملة وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ٤٨٤ تعليق على آية وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ ٤٨٦ استطراد إلى مكتسبات النبي قبل النبوة ٤٩٢ تعليق على آية وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ٤٩٦ تعليق على آية يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا
٤٩٩ تفسير سورة المطففين ٥٠٧ تنبيه ٥١٤ تفسير سورة الرعد ٥١٥ تعليق على جملة إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ ٥٢٥ تعليق على مجموعة الآيات [١٩- ٢٥]. ٥٣٣
تعليق على جملة أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ٥٤٠ تعليق على جملة لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ ٥٥٣
الجزء السادس
ثبت بالسور المدنية مرتبة حسب نزولها الذي يرويه المصحف الذي اعتمدناه هكذا:
١- البقرة ٢- الأنفال ٣- آل عمران ٤- الأحزاب ٥- الممتحنة ٦- النساء ٧- الحديد ٨- محمد ٩- الطلاق ١٠- البينة ١١- الحشر ١٢- النور ١٣- المنافقون ١٤- المجادلة ١٥- الحجرات ١٦- التحريم ١٧- التغابن ١٨- الصف ١٩- الجمعة ٢٠- الفتح ٢١- المائدة ٢٢- التوبة ٢٣- النصر على أننا سوف نخالف ترتيب بعض هذه السور لأن في بعضها دلالات تكاد تكون قطعية على أن ترتيبها حسب ما رواه المصحف الذي اعتمدناه لا يمكن أن يكون صحيحا ومبررا.
من ذلك سورة الممتحنة التي ذكرت كخامسة السور المدنية ترتيبا، مع أنها تحتوي إشارات إلى وقائع جرت بعد صلح الحديبية، الذي أشير إليه في سورة الفتح، التي جاء ترتيبها العشرين، والتي احتوت سورة المائدة إشارة إليها. ولذلك سوف نؤخر تفسير سورة الممتحنة إلى بعد سورتي الفتح والمائدة. ومن ذلك سورة الجمعة التي ذكرت كتاسعة عشرة، مع أن فيها تنديدا بمواقف اليهود يدل
على أنها نزلت قبل التنكيل بجميع يهود المدينة. ولذلك سوف نقدم تفسيرها على سورة الأحزاب التي ذكرت فيها آخر وقائع التنكيل بيهود المدينة.
ومن ذلك سورة الحديد التي ذكرت كسابعة السور ترتيبا مع أنها تحتوي إشارة إلى ما بعد الفتح المكي، الذي وقع بعد صلح الحديبية بسنتين. ولذلك سوف نؤخر تفسيرها إلى ما بعد تفسير سورة الممتحنة التي فيها إشارة إلى حركة الفتح المكي قبيل وقوعه.
ومن ذلك سورة الحشر، التي جاء ترتيبها الحادية عشرة، مع أنها نزلت في مناسبة وقعة إجلاء بني النضير التي كانت قبل وقعة الأحزاب أو الخندق المشار إليها في سورة الأحزاب ولذلك سوف نقدم تفسيرها على هذه السورة. وعلى هذا فسوف يكون ترتيب تفسير السور المدنية في هذا الجزء والأجزاء التالية كما يلي:
البقرة- الأنفال- آل عمران- الحشر- الجمعة- الأحزاب- النساء- محمد- الطلاق- البينة- النور- المنافقون- المجادلة- الحجرات- التحريم- التغابن- الفتح- المائدة- الممتحنة- الحديد- التوبة- النصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
السور المفسّرة في هذا الجزء «١» ١- الحج ٢- الرحمن ٣- الإنسان ٤- الزلزلة ٥- البقرة
سورة الحجّ
في السورة إنذار بالقيامة وهولها. وتدليل على قدرة الله على بعث الناس ومحاسبتهم. وتنديد بفئات من الكفار وذوي القلوب المريضة وتنويه بالمؤمنين.
وإنذار رهيب للأولين وبشرى للآخرين. وتوبيخ للكفار على صدّهم عن المسجد الحرام. وبيان عن صلة إبراهيم بالكعبة والحج. واستطراد إلى مناسك الحج وبخاصة ما يتعلق بالقرابين وإقرارها بعد تنقيتها من شوائب الشرك. وبشرى للمهاجرين بنصر الله وعنايته في حالتي الموت والحياة. وتقرير باعتبار المسلمين مظلومين بما كان من قتال المشركين لهم وأذاهم. وتقرير حق الدفاع لهم وتقرير ما يمكن أن يكون من سعادة المجتمع إذا تمكنوا في الأرض حيث يقيمونه على أساس قويم من صلاة وزكاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وتطمين وتثبيت للنبي إزاء عناد الكفار وتذكير بآثار عظمة الله في كونه. وبعذاب الله للأمم السابقة لكفرها وتكذيبها لرسلها، ومشاهد ومواقف جدلية. وختام قوي موجّه للمسلمين، منوّه بالمكانة العظمى التي خصّوا بها، احتوى فيما احتواه تقرير نسبة العرب بالأبوة إلى إبراهيم (عليه السلام) وما جعل الله لهم من مزيّة ليكونوا شهداء على الناس.
والمصحف الذي اعتمدناه يروي أن هذه السورة مدنية، في حين أن المفسرين البغوي والنيسابوري والزمخشري والطبرسي والخازن والبيضاوي والنسفي يروون أنها مكية، وبعضهم يذكر أن بعض آيات منها مدنيّة.
والآيات المرويّة مدنيتها هي [١٩- ٢٢] في رواية و [١٩- ٢٤] في رواية أخرى، ثم الآيات [٣٨- ٤١ و ٥٢- ٥٥ و ٥٨- ٦٠].
والمتمعن في الآيات [١٩- ٢٤] ومضمونها، يجد أن أسلوبها ومضمونها
مكّيان أكثر من كونهما مدنيين. وكذلك الآيات [٥٢- ٥٥]. أما الآيات [٣٨- ٤١ و ٥٨- ٦٠] فقد يؤيّد أسلوبها ومضمونها مدنيتها، مع احتمال أن تكون- وبخاصة الآيات [٣٨- ٤١]- مكية أيضا لأن أسلوبها ومضمونها يسوغان تخمين ذلك.
وهناك آيات لم يذكرها الرواة في عداد الآيات المدنية على ما اطّلعنا عليه، مع أن مضمونها قد يسوغ بل قد يرجّح مدنيتها وهي الآيات [٢٥- ٢٧] ثم الآيتان الأخيرتان من السورة اللتان يحتمل أن تكونا مدنيتين أيضا على ما سوف نشرحه بعد.
وعلى كل حال، فإن أسلوب معظم آيات السورة ومضمونها يسوغان ترجيح صحّة رواية مكّيتها، مع احتمال أن تكون بعض آياتها مدنية.
وفي هذه السورة موضعان يسجد عندهما سجود تلاوة، وهما الآيتان [١٨ و ٧٧] وقد ورد في صدد ذلك حديث رواه أبو داود والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر قال: «قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله في سورة الحجّ سجدتان قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» »
. وروى هذا الحديث الإمام أحمد بفرق مهم وهو أن عقبة قال: «يا رسول الله، أفضلت سورة الحجّ على سائر القرآن بسجدتين؟
قال: نعم» «٢». وهناك حديث رواه أبو داود عن خالد بن معدان «أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: فضلت سورة الحجّ على سائر القرآن بسجدتين» «٣». وحديث رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي عن أبي الجهم قال: «سجد عمر سجدتين في الحجّ- أي في سورة الحجّ- وهو بالجابية، وقال إنّ هذه فضلت بسجدتين» «٤».
والحديث الأول وارد في كتاب من كتب الأحاديث الصحيحة، والأحاديث الأخرى محتملة الصحّة. وسجدات التلاوة منحصرة في السور المكيّة. فبالإضافة
(٢) من تفسير السورة لابن كثير.
(٣) انظر المصدر نفسه.
(٤) انظر المصدر نفسه. [.....]