
٤- مشروعية السجود للقارئ والمستمع إذا بلغ هذه الآية ﴿وظلالهم بالغدو والآصال﴾ ويستحب أن يكون ظاهراً مستقبلاً القبلة، ويكبر عند الخفض والرفع ولا يسلم.
٥- بطلان الشرك إذ لا دليل عليه من عقل ولا نقل١.
٦- وجوب العبادة لله تعالى.
أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨)
شرح الكلمات:.
فسالت أودية بقدرها: أي بمقدار مائها الذي يجري فيها.
زبداً رابياً: أي غثاء عالياً إذ الزبد هو وَضَرُ غليان الماء أو جريانه في الأنهار.
ومما يوقدون عليه في النار: أي كالذهب والفضة والنحاس.
ابتغاء حلية أو متاع٢.: أي طلباً لحلية من ذهب أو فضة أو متاع من الأواني.
زبد مثله: أي مثل زبد السيل.
فأما الزبد: أي زبد السبل أو زبد ما أوقد عليه النار.
٢ ﴿ابتغاء﴾ : مفعول لأجله، والحلية: ما يتحلى به، أي يتزيّن، والمتاع ما يتمتع به وينتفع.

فيذهب جفاء١: أي باطلاً مرمياً به بعيداً إذ هو غثاء ووضر لا خير فيه.
فيمكث في الأرض: أي يبقى في الأرض زمناً ينتفع به الناس.
للذين استجابوا لربهم الحسنى: أي للذين آمنوا وعملوا الصالحات الجنة.
لم يستجيبوا: أي لم يؤمنوا به ولم يطيعوه.
لافتدوا به: أي من العذاب.
سوء المهاد: وهي المؤاخذة بكل ذنب عملوه لا يغفر لهم منه شيء.
وبئس المهاد: أي الفراش الذي أعدوه لأنفسهم وهو جهنم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير التوحيد والتنديد بالكفر والشرك ففي هذه الآية الكريمة ضرب الله تعالى مثلاً للحق والباطل، للحق في بقائه، والباطل في اضمحلاله وتلاشيه فقال: ﴿أنزل﴾ أي الله ﴿من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها٢﴾ أي بحسب كبرها وصغرها لأن الوادي قد يكون كبيراً وقد يكون صغيراً، فاحتمل السيل أي حمل سيل الماء في الوادي زبداً رابياً أي غثاء ووضراً عالياً على سطح الماء، هذا مثل مائي، ومثل ناري قال فيه عز وجل: ﴿ومما يوقدون عليه في النار٣﴾ أي ومما يوقد عليه الصاغة والحدادون ﴿ابتغاء حلية﴾ أي طلباً للحلية، ﴿أو متاع﴾ أي طلباً لمتاع يتمتع به كالأوانى إذ الصائغ أو الحداد يضع الذهب أو الفضة أو النحاس في البوتقة وينفخ عليها بالكير فيعلو ما كان فاسداً غير صالح على صورة الزبد٤ وما كان صالحاً يبقى في البوتقة وهو الذي يصنع منه الحلية والمتاع، وقوله تعالى: ﴿كذلك﴾ أي المذكور من الأمور الأربعة مثلي الحق وهما الماء والجوهر ومثلي الباطل وهما زبد الماء وزبد الجوهر ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء﴾ أي باطلاً
٢ ﴿أودية﴾ جمع واد، والوادي اسم للماء السائل هنا إذ الوادي وهو أخدود بين مرتفعين لا يسيل وإنما يسيل الماء فيه، ومعنى: ﴿بقدرها﴾ : أي: بقدر ملئها.
٣ هذا المثل الثاني والأول هو مثل الماء السائل في الوادي وما يحمل من زبد عالٍ.
٤ هو معنى قوله تعالى: ﴿زبد مثله﴾ أي زبد ما يعلو الذهب والفضة والحديد كزبد ما يعلو ماء السيل.

مرمياً به يرميه السيل إلى ساحل الوادي فيعلق بالأشجار والأحجار ويرميه الصائغ عن بوتقته، وأما ما ينفع الناس من الماء للسقي والري فيمكث في الأرض، وكذا ما ينفع من الحلي والمتاع يبقى في بوتقة الصائغ١ والحداد وقوله تعالى: ﴿كذلك يضرب الله الأمثال﴾ أي مثل هذا المثل الذي ضربه للحق في بقائه والباطل في ذهابه وتلاشيه وإن علا وطغا في بعض الأوقات، ﴿يضرب﴾ أي بين الأمثال، ليعلموا فيؤمنوا ويهتدوا فيكملوا ويسعدوا.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٧) وأما الآية الثانية (١٨) فقد أخبر تعالى بوعد له ووعيد أما وعده فلأهل طاعته بأن لهم الحسنى٢ الجنة وأما وعيده فلأهل معصيته وهو أسوأ وعيد وأشده، ٣ فقال تعالى في وعده: ﴿للذين استجابوا لربهم الحسنى﴾ وقال في وعيده: ﴿والذين لم يستجيبوا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً﴾ أي من مال ومتاع ﴿ومثله معه﴾ أيضاً لافتدوا به من العذاب الذي تضمنه هذا الوعيد الشديد، ويعلن عن الوعيد فيقول: ﴿أولئك﴾ أي الأشقياء ﴿لهم سوء الحساب﴾ وهو أن يحاسبوا على كل صغيرة وكبيرة في أعمالهم ولا يغفر لهم منها شيء ﴿ومأواهم جهنم﴾ أي مقرهم ومكان إيوائهم ﴿وبئس المهاد﴾ أي الفراش جهنم لهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان.
٢- ثبات الحق، واضمحلال الباطل سنة من سنن الله تعالى.
٣- بيان وعد الله للمستجيبين له بالإيمان والطاعة وهي الجنة.
٤- بيان وعيد الله لمن يستجب له بالإيمان والطاعة.
٢ ومن الحسنى: النصر في الدنيا والتمكين فيها لأهل التوحيد.
٣ وهو النار وبئس المهاد.