
قَوْله تَعَالَى: ﴿للَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم الْحسنى﴾ الْآيَة، قد بَينا أَن الاستجابة والإجابة بِمَعْنى وَاحِد. وَقَوله: ﴿الْحسنى﴾ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا الْجنَّة، وَقيل: هُوَ الرزق والعافية فِي الدُّنْيَا وَالنَّعِيم فِي الْآخِرَة، وَالْحُسْنَى فعلى من الْحسن.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين لم يَسْتَجِيبُوا لَهُ﴾ أَي: لم يجيبوا لَهُ. وَقَوله: ﴿لَو أَن لَهُم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه لافتدوا بِهِ﴾ يَعْنِي: لبذلوا ذَلِك افتداء من النَّار.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُم سوء الْحساب﴾ رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ لفرقد: يَا فريقد، أَتَدْرِي مَا سوء الْحساب؟ هُوَ أَن يُحَاسب على جَمِيع الذُّنُوب وَلَا يغْفر مِنْهَا شَيْئا. وَقد صَحَّ عَن النَّبِي بِرِوَايَة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " من نُوقِشَ الْحساب

﴿جَهَنَّم وَبئسَ المهاد (١٨) أَفَمَن يعلم أَنما أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق كمن هُوَ أعمى إِنَّمَا يتَذَكَّر أولُوا الْأَلْبَاب (١٩) الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقضون الْمِيثَاق (٢٠) وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويخشون رَبهم وَيَخَافُونَ سوء الْحساب (٢١) وَالَّذين صَبَرُوا ابْتِغَاء وَجه رَبهم وَأَقَامُوا الصَّلَاة وأنفقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سرا وَعَلَانِيَة﴾ عذب " وَفِي رِوَايَة " هلك " وَقيل: إِن سوء الْحساب هُوَ أَن لَا يقبل حَسَنَة، وَلَا يعْفُو عَن سَيِّئَة. وَقَوله: ﴿ومأواهم جَهَنَّم﴾ أَي: مستقرهم جَهَنَّم.
وَقَوله: ﴿وَبئسَ المهاد﴾ أَي: بئس مَا مهدوا لأَنْفُسِهِمْ أَي: بئس مَا مهد لَهُم.