آيات من القرآن الكريم

ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ

(٨١) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٨٢) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤)
شرح الكلمات:.
خلصوا نجيا: أي اعتزلوا يناجي بعضهم بعضاً.
أخذ عليكم موثقاً: أي عهداً وميثاقاً لتأتن به إلا أن يحاط بكم.
ومن قبل ما فرطتم: أي ومن قبل إضاعتكم لبنيامين فرطتم في يوسف كذلك.
فلن أبرح الأرض: أي لن أفارق الأرض، أي أرض مصر.
وما كنا للغيب حافظين: أي لما غاب عنا ولم نعرفه حافظين.
العير التي أقبلنا فيها: أي أصحاب القافلة التي جئنا معها وهم قوم كنعانيون.
سولت لكم أنفسكم: أي زينت وحسنت لكم أمراً ففعلتموه.
أن يأتيني بهم جميعاً: أي بيوسف وأخويه بنيامين وروبيل.
وتولى عنهم: أي معرضاً عن حديثهم.
وقال يا أسفى: أي يا حزني أحضر هذا أوان حضورك.
فهو كظيم: أي مغموم مكروب لا يظهر كربه.
معنى الآيات:
مازال السياق في الحديث على قصة يوسف وإخوته، إنه بعد أن أخذ يوسف أخاه بالسرقة ولم يقبل استرحامهم له بأخذ غيره بدلاً عنه انحازوا ناحية يفكرون في أمرهم وهو

صفحة رقم 637

ما أخبر به تعالى عنه في قوله: ﴿فلما استيأسوا﴾ أي يئسوا ﴿خلصوا نجياً﴾ ١ أي اعتزلوا يتناجون في قضيتهم ﴿قال كبيرهم﴾ وهو روبيل مخاطباً إياهم٢ ﴿ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً﴾ يذكرهم بالميثاق الذي أخذه يعقوب عليهم لما طلبوا منه أن يرسل معهم بنيامين لأن عزيز مصر طلبه. ﴿ومن قبل ما فرطتم في٣ يوسف﴾ أي وذكرهم بتفريطهم في يوسف يوم ألقوه في غيابة الجب وباعوه بعد خروجه من الجب. ومن هنا قال لهم ما أخبر تعالى به: ﴿فلن أبرح الأرض﴾ أي أرض مصر حتى يأذن لي أبي بالرجوع إليه. ﴿أو يحكم الله لي﴾ بما هو خير٤ ﴿وهو خير الحاكمين﴾.
ولما أقنعهم بتخلفه عنهم أخذ يرشدهم إلى ما يقولونه لوالدهم وهو ما أخبر تعالى به في قوله عنه: ﴿ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق٥ وما شهدنا إلا بما علمنا﴾ ٦ أي حيث رأينا الصواع يستخرج من رحل أخينا ﴿وما كنا للغيب حافظين﴾ أي ولو كنا نعلم أن أخانا يحدث له هذا الذي حدث ما أخذناه معنا. كما أننا ما شهدنا بأن السارق يؤخذ بالسرقة إلا بما علمنا منك ﴿واسأل القرية التي كنا فيها﴾ ٧ وهي عاصمة مصر ﴿والعير التي أقبلنا فيها﴾ إذ فيها كنعانيون من جيرانك ﴿وإنا لصادقون﴾ في كل ما أخبرناك به. هذا ما أرشد به روبيل إخوته، ولما ذهبوا به واجتمعوا بأبيهم وحدثوه بما علمهم روبيل أن يقولوه فقالوه لأبيهم. رد عليهم يعقوب عليه السلام بما أخبر تعالى به عنه في قوله: ﴿قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً﴾ أي زينت لكم أنفسكم أمراً ففعلتموه ﴿فصبر جميل﴾ أي فصبري على ما أصابني صبر جميل لا جزع فيه ولا شكاية لأحد غير الله ﴿عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً﴾ أي يوسف

١ لفظ نجي: يطلق على الواحد والجماعة كلفظ عدو، ولجمع على أنجية قال الشاعر:.
إني إذا ما القوم كانوا أنجية
واضطرب القوم اضطراب الأدشية.
هناك أوصيني ولا توصي بيه٢ قيل: هو شمعون إذ كان أكبرهم في الرأي، وقيل: يهوذا وكان أعقلهم. وقيل: هولاوى وهو أبو الأنبياء.
٣ ما: مصدرية أي: تفريطكم في يوسف، والجملة معترضة.
٤ بأن يطلق سراح أخي فأمضي معه إلى أبينا، أو يحكم الله لي بالسيف فأحارب حتى أخلّص أخي، أو أغلب فأعذر إذ قال والدي: إلاّ أن يحاط بكم.
٥ قرأ ابن عباس والضحاك وأبو رزين سُرّق بتشديد الراء والبناء للمجهول أي: نسب إلى السرقة ورمي بها، السرق: بفتح السين والراء: مصدر سرق والسِّرِق والسرقة: اسم الشيء المسروق.
٦ في الآية دليل على مشروعية الشهادة بأي وجه حصل العلم بالبصر، بالسمع باللمس إذ الشهادة مرتبطة بالعلم عقلا وشرعاً، وفي الحديث: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها".
٧ المراد: أهل القرية إذ العادة أن القرية لا تنطق، ولو قال: أحد كلّم هنداً وهو يريد غلامها لما جاز.

صفحة رقم 638

وبنيامين وروبيل ﴿إنه هو العليم﴾ بفقري إليه وحاجتي عنده ﴿الحكيم﴾ في تدبيره لأوليائه وصالحي عباده ﴿وتولى عنهم﴾ أي أعرض عن مخاطبتهم ﴿وقال يا أسفى﴾ أي يا أسفي وشدة حزني أحضر فهذا أوان حضورك ﴿على يوسف﴾ قال تعالى مخبراً عن حاله بعد ذلك ﴿وابيضت عيناه من الحزن﴾ فغلب بياضهما على سوادهما ومعنى هذا أنه فقد الإبصار بما أصاب عينيه من البياض. ﴿فهو كظيم١﴾ أي ممتلىء من الهم والكرب والحزن مكظوم لا يبثه لأحد ولا يشكوه لغير ربه تعالى.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مشروعية المناجاة للتشاور في الأمر الهام.
٢- مشروعية التذكير بالالتزامات والعهود والمحافظة على ذلك.
٣- قد يغلب الحياء على المؤمن فيمنعه من أمور هي خير له.
٤- مشروعية النصح وتزويد المنصوح له بما يقوله ويعمله.
٥- جواز اتهام البرىء لملابسات أو تهمة سابقة.
٦- جواز إظهار التأسف والحزن والشكوى لله تعالى.
قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (٨٦) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧) فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ

١ الكظيم: مبالغة للكظم والكظم: الإمساك النفساني، أي: كاظم للحزن لا يظهره للناس، وكظيم، بمعنى مكظوم كمحزون.

صفحة رقم 639
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية