آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

الصادقة ويجوز ان يكون ذلك اعترافا منهم بقصور علمهم وانهم ليسوا بنحارير فى تأويل الأحلام مع ان لها تأويلا فكأنهم قالوا هذه الرؤيا مختلطة من أشياء كثيرة والانتقال فيها من الأمور المخيلة الى الحقائق العقلية الروحانية ليس بسهل وما نحن بمتبحرين فى علم التعبير حتى نهتدى الى تعبير مثلها ويدل على قصورهم قول الملك ان كنتم للرؤيا تعبرون فانه لو كان هناك متبحر لبت القول بالإفتاء ولم يعلقه بالشرط وهو اللائح بالبال وعلى تقدير تبحرهم عمى الله عليهم وأعجزهم عن الجواب ليصبر ذلك سببا لخلاص يوسف من الحبس وظهور كماله وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما اى من صاحبى يوسف وهو الشرابي وَادَّكَرَ أصله اذتكر فقلبت التاء دالا والذال دالا وأدغمت والمعنى تذكر يوسف وما قاله بَعْدَ أُمَّةٍ اى مدة طويلة حاصلة من اجتماع الأيام الكثيرة وهى سبع سنين كما ان الامة انما تحصل من اجتماع الجمع العظيم فالمدة الطويلة كأنها امة من الأيام والساعات والجملة حال من الموصول قال الكاشفى [ملك ريان وليد از جواب ايشان متحير گشته در درياى تفكر غوطه خورده كه آيا اين مشكل من كه گشايد وراه تعبير اين واقعه كه بمن نمايد] يا رب اين خواب پريشان مرا تعبير چيست [ساقى كه ملك را متفكر ديد از حال يوسفش ياد آمدى] اى تذكر الناجي يوسف وتأويله رؤياه ورؤيا صاحبه وطلبه ان يذكره عند الملك فجثا بين يدى الملك اى جلس على ركبتيه فقال أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ اى أخبركم به خاطبه بلفظ الجماعة تعظيما فَأَرْسِلُونِ فابعثون الى السجن فان فيه رجلا حكيما من آل يعقوب يقال له يوسف يعرف تعبير الرؤيا قد عبر لنا قبل ذلك

بود بيدار در تعبير هر خواب دلش از غوص اين دريا گهر يأب
اگر گويى برو بگشايم اين راز وزو تعبير خوابت آورم باز
بگفتا اذن خواهى چيست از من چهـ بهتر كور را از چشم روشن
مرا چشم خرد اين لحظه كورست كه از دانستن اين راز دورست
فارسلوه الى يوسف فاتاه فاعتذر اليه وقال يا يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ البليغ فى الصدق وانما وصفه بذلك لانه جرب أحواله وعرف صدقه فى تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ اى فى رؤيا ذلك فان الملك قد رأى هذه الرؤيا ففى قوله أفتنا مع ان المستفتى واحد اشعار بان الرؤيا ليست له بل لغيره ممن له ملابسة بامور العامة وانه فى ذلك سفير ولم يغير لفظ الملك وأصاب فيه إذ قد يكون بعض عبارات الرؤيا متعلقة باللفظ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ [تا باشد كه باز كردم بآن جواب تمام بسوى مردمان يعنى ملك وملازمان او] لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [تا باشد كه ايشان ببركت تو بدانند تأويل اين واقعه را] كأنه قيل فماذا قال يوسف فى التأويل فقيل قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً مصدر دأب فى العمل إذا جدّ فيه وتعب وانتصابه على الحالية من فاعل تزرعون بمعنى دائبين اى مستمرين على الزراعة على عادتكم بجد

صفحة رقم 268

فاستشعر يوسف من الاول بالاشتقاق الكبير على ما هو المعول عليه عند الأكابر آت قرب ومن الثاني سنة بلاء ثم ان البلاء مشترك بين الخير والشر والخضر فيه حرفان من الخير مع ظهور ضاد الضوء بها واليابس هو البائس كذا فى شرح القصوص للشيخ مؤيد الدين الجندي قدس سره يقول الفقير أصلحه الله القدير وجه تخصيص البقرات والسنابل ان البقر عليه فى الاكل والحنطة معظم معاش الناس فاشارت الرؤيا الى ان الناس يقعون فى ضيق معاش من جهة الحنطة التي هى أول مأكولاتهم ومعظم اغذيتهم ولا ينافيه وجود قحط آخر من سائر الأنواع والاشارة ان السبع البقرات السمان صفات البشرية السبع التي هى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغصب والكبر والعجاف صفات الروحانية السبع التي هى أضداد صفات البشرية وهى القناعة والسخاء والعفة والغبطة والشفقة والحلم والتواضع والملك الروح وهو ملك مصر القالب والملأ الأعضاء والجوارح والحواس والقوى وليس التصرف فى الملكوت ومعرفة شواهده من شأنها والناجي هى النفس الملهمة وهى إذا أرادت ان تعلم شيأ مما يجرى فى الملكوت ترجع بقوة التفكر الى القلب فتستخبر منه فالقلب يخبرها لانه يشاهد الملكوت ويطالع شواهده وهو واقف بلسان القلب وهو ترجمان بين الروحانيات والنفس فيما يفهم من لسان الغيب الروحاني يؤول للنفس ويفهمها تارة بلسان الخيال وتارة بالفكر السليم وتارة بالإلهام وقوله تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً يشير الى تربية صفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة وذلك فى سنى أوان الطفولية قبل البلوغ وظهور العقل وجريان قلم التكليف عليه فَما حَصَدْتُمْ من هذه الصفات عند كماله فلا تستعملوه فَذَرُوهُ فى أماكنه إِلَّا قَلِيلًا مما تعيشون به وهو بمنزلة الغذاء لمصالح قيام القالب الى ان تبلغوا حد البلاغة ويظهر نور العقل فى مصباح السر عن زجاجة القلب كأنه كوكب درىّ ونور العقل إذا أيد بتأييد أنوار تكاليف الشرع بعد البلوغ وشرف بالهام الحق فى اظهار فجور النفس وهو صفات البشرية السبع وتقواها وهو الاجتناب بالتزكية عن هذه الصفات والتحلية بصفات الروحانية السبع وكان السبع العجاف قد أكلن السبع السمان وانما سمى السبع العجاف لانها من عالم الأرواح وهو لطيف وصفات البشرية من عالم الأجساد تنشأ وهو كثيف فسميت السمان ولا يبقى من صفات البشرية عند غلبات صفات الروحانية الا قليلا يحصن به الإنسان حياة قالبه وبقاء صورته وبعد غلبات صفات الروحانية واضمحلال صفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية وفيه يتبرا العبد من معاملاته وينجو من حبس وجوده وحجب انانيته وكان حصنه وملجأه الحق تعالى كذا فى التأويلات النجمية: قال الكمال الخجندي

جامه بده جان ستان روى مپيچ از زيان عاشق بي مايه را عين زيانست سود
سر فنا گوش كن جام بقا نوش كن حاجت تقرير نيست كز عدم آمد وجود
اللهم اجعلنا من اصحاب الفناء والبقاء وارباب اللقاء وَقالَ الْمَلِكُ اى ملك مصر وهو الريان ائْتُونِي بِهِ اى بيوسف وذلك ان الساقي لما رجع بتعبير الواقعة من عند يوسف

صفحة رقم 270

الى الملك وفى محضره الاشراف اعجب به تعبيره وعلم ان له علما وفضلا فاراد ان يكرمه ويقربه ويستمع التعبير المذكور من فمه بالذات

سخن كز دوست آرى شكر است آن ولى گر خود بگويد خوشتر است آن
ولذا قال ائتوني به فعاد الساقي فَلَمَّا جاءَهُ اى يوسف الرَّسُولُ وهو الساقي ليخرجه
كه اى سرو رياض قدس بخرام سوى بستان سراى شاه نه كام
وقال ان الملك يدعوك فابى ان يخرج معه قالَ للرسول ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ اى سيدك فَسْئَلْهُ ليسأل ويتفحص ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي [كه چهـ حال بود حال آن زنان كه] قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فى مجلس زليخا كما سبق مفصلا
بگفتا من چهـ آيم سوى شاهى كه چون من بيكسى را بي گناهى
بزندان سالها محبوس كردست ز آثار كرم مأيوس كردست
اگر خواهد كه من بيرون نهم پاى ازين غمخانه گو أول بفرماى
كه آنانى كه چون رويم بديدند ز حيرت در رحم كفها بريدند
كه جرم من چهـ بود از من چهـ ديدند چرا رختم سوى زندان كشيدند
بود كين سر شود بر شاه روشن كه پاكست از خيانت دامن من
مرا به كر زنم ثقب خزائن كه باشم در فراش خانه خائن
ولم يذكر سيدته تأدبا ومراعاة لحقها واحترازا عن مكرها حيث اعتقدها مقيمة فى عدوة العداوة واما النسوة فقد كان يطمع فى صدعهن بالحق وشهادتهن باقرارها بانهار راودته عن نفسه فاستعصم قال العلماء انما ابى يوسف عليه السلام ان يخرج من السجن الا بعد ان يتفحص الملك عن حاله مع النسوة لتنكشف حقيقة الحال عنده لا سيما عند العزيز ويعلم انه سجن ظلما فلا يقدر الحاسد الى تقبيح امره وليظهر كمال عقله وصبره ووقاره فان من بقي فى السجن ثنتى عشرة سنة إذا طلبه الملك وامر بإخراجه ولم يبادر الى الخروج وصبر الى ان تتبين براءته من الخيانة فى حق العزيز واهله دل ذلك على براءته من جميع انواع التهم وعلى ان كل ما قيل فيه كان كذبا وبهتانا وفيه دليل على انه ينبغى ان يجتهد فى نفى التهمة ويتقى مواضعها وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعن مواقع التهم) ومنه قال عليه السلام للمارين به فى معتكفه وعنده بعض نسائه (هى فلانة) نفيا للتهمة وروى عن النبي عليه السلام انه استحسن حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر الى الخروج حيث قال عليه السلام (لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتم حتى اشترطت ان يخرجونى ولقد عجبت حين أتاه الرسول فقال ارجع الى ربك الآية ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لأسرعت الاجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر انه كان حليما ذا اناة) الحلم بكسر الحاء تأخير مكافاة الظالم. والاناة على وزن القناة التأنى وترك العجلة قال ابن الملك هذا ليس اخبارا عن نبينا عليه السلام بتضجره وقلة صبره بل فيه دلالة على مدح صبر يوسف

صفحة رقم 271
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية