آيات من القرآن الكريم

۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

(والجناب «١» خصيب) فأدخل (أن) على (إِنَّما) وهي بِمنزلتها قَالَ: وسمعتُ الفراء قَالَ: زعم القاسم بن مَعن أن بِئشة وزئنة أرضان مهموزتان.
وقوله: قَدْ شَغَفَها حُبًّا [٣٠] أي قد خرق شَغَاف «٢» قلبها وتقرأ «٣» (قَدْ شَعَفَهَا) بالعين وهو من قولك: شُعِف بِهَا. كأنّه «٤» ذَهَبَ بِهَا كلّ مذهب. والشَعَف: رءوس الجبال.
وقوله: (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) يُقال: اتخذت لَهُنّ مجلسًا. ويُقال: إنّ مُتْكًا غير مهموز، فسمعت «٥» أَنَّهُ الْأُتْرُجُّ. وَحَدَّثَنِي شيخ من ثقات أهل البصرة أَنَّهُ قَالَ: الزُّمَاوَرْدُ «٦».
وقوله: وقطّعن أيديهنّ يقول: وَخَدشنها ولم يُبِنَّ أيديهن، مِن إعظامه، وذلك قوله:
(حاشَ لِلَّهِ) أعظمته أن يكون بشرًا، وقلن: هذا مَلَكٌ. وَفِي قراءة «٧» عبد الله (حَاشَا لِلَّهِ) بالألف، وهو فِي معنى مَعَاذَ الله.
وقوله: (مَا هَذَا بَشَراً) نصبت (بَشَراً) لأن الباء قد استعملت فِيهِ فلا يكاد أهل الحجاز ينطقونَ إِلَّا بالباء، فلمّا حذفوها أحبُّوا أن يكون لَهَا أثر فيما خَرَجت منه فنصبوا عَلَى ذَلِكَ ألا ترى أن كلّ ما في القرآن أتى بالباء إِلَّا هذا، وقوله: (مَا هُنَّ «٨» أُمَّهاتِهِمْ) وأمّا أهلُ نَجدٍ فيتكلمونَ بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا. وهو أقوى الوجهين فِي العربية. أنشدني بعضهم:

لَشتَّانَ ما أَنْوِي وينوي بنو أبى جميعا فما هذان مستويان
(١) هذه رواية أخرى فى تمام البيت فى مكان «والمحل قريب».
(٢) شغاف القلب غلافه.
(٣) ش: «يقرأ» وهى قراءة الحسن وابن محيصن.
(٤) هذا تفسير لقراءة العين فى الآية.
(٥) ا: «وسمعت».
(٦) هو طعام يتخذ من البيض واللحم.
(٧) قرأ أبو عمرو بالألف فى الوصل.
(٨) الآية ٢ سورة المجادلة. [.....]

صفحة رقم 42

تَمَنَّوْا ليَ الموتَ الَّذِي يَشْعَب الفتى وكلُّ فتًى والموتُ يلتقيانِ «١»
وأنشدوني:
ركابُ حُسَيْلٍ أشهرَ الصيفِ بُدَّن ونَاقةُ عَمْرو ما يُحَلُّ لَهَا رَحْلُ
ويزعمُ حِسْلٌ أَنَّهُ فَرْع قومِهِ وما أنت فرع يا حُسيل ولا أصْلُ «٢»
وقال الفرزدق:
أمَا نحنُ راءُو دارِها بعد هذه يدَ الدهر إلا أنْ يمرّ بِهَا سَفْرُ «٣»
وإذا قدّمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت: ما سامعٌ هذا وما قائمٌ أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل هاهنا ولم تدخل ألا ترى أَنَّهُ قبيح أن تَقُولُ: ما بقائم أخوكَ لأنَّها إنَّما تقعُ فِي المنفيّ إذا سَبَق الاسم، فلمَّا لَمْ يمكن فِي (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسُنَ ذَلِكَ فِي (لَيْسَ) :
أن تَقُولُ: لَيْسَ بقائم أخوكَ لأن (لَيْسَ) فعل يقبل المضمر، كقولك: لست ولسنا ولم يُمكن ذَلِكَ فِي (ما).
فإن قلت: فإني أراهُ لا يمكن فِي (لا) وقد أدخلت العرب الباء فِي الفعل التي تليها «٤» فقالوا «٥» :
لا بالْحَصُورِ ولا فِيهَا بسوَّارِ
قلت: إن (لا) أشبه بليس من (ما) ألا ترى أنك تَقُولُ: عبد الله لا قائم ولا قاعد، كما تَقُولُ:
عبد الله لَيْسَ قاعدًا ولا قائِمًا، ولا يَجوز عبد الله ما قائم ولا قاعد فافترقتا هاهنا.
(١) ورد هذا البيت الثاني فى شواهد النحو فى مبحث المبتدأ، ونسبه العيني إلى الفرزدق. ويشعب: يفرق.
(٢) فرع القوم: الشريف فيهم.
(٣) من قصيدة له في مدح بنى ضبة. وانظر ديوانه ٣١٥: وقوله: «بها» فى ا: «لها» والسفر: المسافرون ويد الدهر: طول الدهر.
(٤) أراد بالفعل الكلمة فأنث اسم الموصول لها. وأراد بالفعل هنا الوصف وفى ب: «الفعل يليها»
(٥) الشطر من بيت تقدم للأخطل. ونسبه إلى العرب لما سمعهم ينشدونه هكذا ويقرونه

صفحة رقم 43
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية