
(وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ... (٢١)
أي أكرمي إقامته، أي اجعلوه في مقام مكرم غير مهين، (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) أي عسى أن ينفعنا ببيعه أو بعمله، أو نتخذه ولدا، ويقول تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ) أي كهذا الذي كان من أنه وجد بين من يحبونه، ولا يبغضونه، ويريدون له الحياة، ولا يريدون الموت: (مَكَّنَّا لِيُوسفَ)؛ ليعيش معززا مكرما، ولو في رق وأسْر، (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) لنعلمه: معطوفة على فعل محذوف هو نتيجة التمكين في الأرض، ليعيش مطمئنا هادئا، وليتمكن من العدل والإصلاح في الأرض، ودفع أزماتها، و (اللام) لام العاقبة في الفعل المذكور، والفعل المقدَّر، و (الأَحَادِيثِ) هي الكتب المنزلة، أو مأثورات النبيين إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وتأويلها معرفتها، ومعرفة مآلها، وقد يكون من ضمن ما علمه اللَّه تعالى تفسير الرؤى والأحلام، وقد كانت الطريق لتمكينه في الأرض وإقامة العدل فيها.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) لَا يرده شيء، ولا يرد قدره شيء، أرادوا له الضياع، وأراد اللَّه له الكرامة فكان ما أراد اللَّه، (وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

يغترون بما أوتوا من قوة، وما مكنوا، فيعميهم ذلك عن حقيقة السلطان الإلهي، فلا يعلمون.
كان ذلك التعليم بإلهام من اللَّه وهو صغير لم يبلغ أشده، ولما بلغ أشده آتاه حكمة وعلما بالأمور وتدبيرها، عندما تمكن من حكم مصر، ولذا قال تعالى: