آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

أيهما الذئب بإذن الله، فوقف الذئب مقعى على ذنبه. فقال له: يعقوب: أسألك أيها الذئب بالذي اتخذني نبياً، وبعثني رسولاً. هل أكلت يوسف فيما أكلت؟ فقال له الذئب: والذي بعثك رسولاً، واتخذ (ك) نبياً. إن هذه البلاد ما دخلتها إلا ساعتي هذه، ثم حكى ليعقوب ما صنعوا به وبالحمل. ثم قال الذئب: يا نبي الله، وأنا أسمو إلى أكل نبيي! أو ما علمت أن لحوم الأنبياء محرمة على السباع؟ قال له يعقوب: اصدقت أيها الذئب. أنت كنت أشفق على يوسف من أخوته "، اذهب حيث شئت.
قوله: ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ﴾ - إلى قوله - ﴿أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
والمعنى: ومر قوم يسيرون، من مارة الطريق، ﴿فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ﴾: وهو

صفحة رقم 3523

الذي يرد المنهل (أ) والمنزل، وور (و) ده إياه، مصير إليه ﴿فأدلى دَلْوَهُ﴾، أي: أدخلها الجب، وأرسلها. يقال: أدليت الدلو: إذا أرسلتها في الجب، ودلوتها إذا أخرجتها؟. وفي الكلام حذف، والمعنى: فدلى دلوه: أي: أخرجها فتعلق بها (يوسف)، فقال المدل (ي): (يا بشراي هذا غلام).
فقال السدي: لما رآه قد تعلق، نادى رجلاً من أصحابه، يقال له: بشرى: يا بشرى، هذا غلام. وكذلك قال ابن جبير، وقتادة.
وهو معنى قراءة من قرأ " يا بشراي ".

صفحة رقم 3524

وقيل المعنى: يا بشار (ت) ي دعا بشارته.
ومن قرأ بغير ياء، احتمل أن يكون دعا رجلاً اسمه بشرى فلم يضفه إلى نفسه فهو في موضع رفع.
وقيل: إنه دعا البشرى، كأنه قال: يا أيتها البشرى.
ومعنى نداء البشرى: أنه على تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة. فكأنه قال: يا قوم أبشروا، ويجوز أن تكون هذه / القراءة، يراد بها الإضافة، ثم حذف (ت) الياء.
ثم قال تعالى: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ أي: وأسر يوسف الوُرَّادً بضاعة من

صفحة رقم 3525

التجار. قالوا لهم: هو معنا بضاعة، استَبْضَعْنَاهُ، بعض أهل الماء " التي " إلى مصر. وذلك أن السدي قال: لما رفعه المستدلي، وأصحابه، باعو (هـ) من رجلين. فخاف من التجار أن يعلموا بثمنه. فيقول (ون) لهما: أشركانا فيه. فقالوا: هو بضاعة (معنا) لأهل الماء.
وقال مجاهد: المعنى " أسره التجار بعضهم من بعض ".
وعن ابن عباس: أن المعنى: وأسره إخوته، وأسر يوسف نفسه (من التجار) خوفاً أن يقتله إخوته. واختار البيع، وذلك أن إخوته ذكروه لوارد

صفحة رقم 3526

القوم، فنادوا الوارد: يا بشرى هذا غلام يباع، فباعه إخوته.
ثم قال تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ أي: بثمن ذي بخس، أي: حرام. وقوله: (وشَرُوْهُ): يحتمل أن يكون معناه: وباعون، وأن يكون اشتروه، وهو من الأضداد.
قال مجاهد: باعه إخوته حين أخرجه المدلى.
وقال قتادة: وغيره: المعنى: وباعه السيارة من بعض التجار، بثمن بخس. وقيل: المعنى: فاشتراه السيارة من أخوته بثمن بخس، وهو اختيار الطبري، ثم خافوا أن يشركهم فيه أصحابهم، وقالوا هو بضاعة.
معنى: ﴿وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين﴾، أي: إخوته.

صفحة رقم 3527

وقيل: هم الذين اشتروه، والأول أحسن، لأن إِشْراءَهُم إياه من التجار يدل على (آن) رغبتهم فيه، وبيع إخوته له بثمن بخس يدل على زهادتهم فيه.
ويجوز أن يكون الضمير: الوارد، أي: وكان الوارد الذي رفعه من الجب فيه من الزاهدين، والذين اشتروه من الوراد، وليسوا بزاهدين فيه، بل اشتروه خوفاً أن يشركهم فيه غيرهم لرغبتهم فيه.
والبخس عند ابن عباس، والضحاك: الحرام.
وقيل: هو الظلم، وهو قول قتادة.
وقال مجاهد: هو القليل، وهو قول عكرمة. والبخس في اللغة النقصان، فمعناه: [ب] ثمن مبخوس: أي: منقوص.
ومعنى ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾: أي: غير موزونة، ناقصة.

صفحة رقم 3528

وقيل: المعنى: أنها أقل من أربعين، لأنهم كانوا لا يزنون ما كان أقل من أربعين، لأ (ن) أقل أوزانهم، وأصغرها الأوقية، (وهي) أربعون درهماً.
وقال ابن عباس، وابن مسعود، وغيرهما: كانت عشرين درهماً.
وقال مجاهد: كانت اثنين وعشرين درهماً، أخذ كل واحد من إخوة يوسف درهمين، درهمين، وهم أحد عشر رجلاً.
وقال عكرمة: كانت أربعين. وكان إخوة يوسف فيه من الزاهدين، لا يعلمون نبوءته وكرامته على الله.
ثم قال (تعالى): ﴿وَقَالَ الذي اشتراه مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي (مَثْوَاهُ)﴾: والذي اشتراه: هو الملك بمصر. قطفير وهو العزيز. وكان على خزائن مصر، وكان

صفحة رقم 3529

الملك المعظم عندهم / يومئذ: الريان بن الوليد، رجل من العمالقة. وكان اسم امرأة العزيز راعيل، وكان الملك زوجها لا ولد له، ولم يكن يأت [ي] النساء، فأراد أن يتبناه.
وروي عن ابن مسعود أنه، قال: أفرس الناس ثلاثت [ة]: العزيز، حين قال لامرأته ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾، وابنة شعيب حين قالت لأبيها: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوي (الأمين)﴾ [القصص: ٢٦]، وأبو بكر الصديق، رضي الله عنهـ، حين ولى عمر، رضي الله عنهـ.
ثم قال تعالى: ﴿وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض﴾: والمعنى وكما خلصناه من القتل من أيدي إخته، كذلك مكنا له في الأرض، فجعلناه على خزائنها.

صفحة رقم 3530

وقيل: المعنى: وكذلك مكنا له في الأرض، بأن عطفنا قلب الملك عليه حتى تمكن على الخزائن.
﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث﴾: مكناه، وهذا تصديق ليعقوب في قوله ليوسف: ﴿وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث﴾ [يوسف: ٦]: وتأويل الأحاديث عبارة الرؤيا.
﴿والله غَالِبٌ على أَمْرِهِ﴾: أي: مستولٍ على أمر يوسف.
وقيل: غالب على أمره: أي (مستول على أمره)، يفعل ما يشاء. " فالهاء " [في] المعنى الأول ليوسف، وفي الثاني لله. وقيل: إنها في القول الثاني ليوسف (أيضاً). [أي]: غالب على أمر يوسف، يفعل فيه ما يشاء.
﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾: وهم الذين باعوه بثمن بخس، وزهدوا فيه،

صفحة رقم 3531
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية