آيات من القرآن الكريم

قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً نصب على الحال والقطع فَذَرُوها أي دعوها تأكل في أرض الله من العشب والنبات فليس عليكم رزقها ولا مؤنتها.
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ ولا تصيبوها بعقر ونحر فَيَأْخُذَكُمْ إن قتلتموها عَذابٌ قَرِيبٌ من عقرها فَعَقَرُوها فَقالَ لهم صالح تَمَتَّعُوا حتى يحين [عذابه] فِي دارِكُمْ منازلكم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ تمهلون ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ غير كذب وقيل: غير مكذوب فيه.
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ نعمة وعصمة مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ عذابه وهوانه.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ يعني صيحة جبريل فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ صرعى، هلكى كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا يقيموا ويكونوا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦٩ الى ٧٣]
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا يعني الملائكة، واختلفوا في عددهم، فقال ابن عباس: كانوا ثلاثة: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل. الضحّاك: تسعة، السدّي: أحد عشر، وكانوا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم.
إِبْراهِيمَ الخليل بِالْبُشْرى بالبشارة بإسحاق ويعقوب، وبإهلاك قوم لوط قالُوا لإبراهيم سَلاماً سلّموا عليه ونصب سَلاماً بإيقاع القول عليه، لأن السلام قول أي [مثل] قالُوا وسلّموا سَلاماً (قالَ) إبراهيم (سَلامٌ) أي عليكم سلام، وقيل: لكم سلام وقيل: رفع على الحكاية، (قِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ) (وَقُولُوا حِطَّةٌ)، وقرأ حمزة والكسائي سِلام بكسر السين من غير ألف ومثله في والذاريات، وكذلك هو في مصحف عبد الله ومعناه: نحن سلام صالح لكم غير حرب، وقيل: هو بمعنى السلم أيضا كما يقال: حل وحلال، وحرم وحرام. وأنشد الفراء:

مررنا فقلنا إيه سلّم فسلمت كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح «١»
(١) تفسير الطبري: ١٢/ ٨٩.

صفحة رقم 177

فَما لَبِثَ فما أقام ومكث إبراهيم أَنْ بمعنى حتى بإسقاط الخافض أي بأن جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ قال ابن عباس: مشوي بالحجارة الحارة في خد من الأرض، قتادة ومجاهد:
نضج بالحجارة وشوي، ابن عطية: شوي بعضه بحجارة، أبو عبيدة: كل ما أسخنته فقد حنذته فهو حنيذ ومحنوذ وأصل يحنذ أن إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق «١».
فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ أي للعجل نَكِرَهُمْ أي: أنكرهم، ويقال: نكرت الشيء وأنكرته بمعنى واحد. قال الأعشى:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلّا الشيب والصلعا «٢»
فجمع المعنيين في وقت واحد.
وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً أضمر وأحسّ منهم خوفا، وقال مقاتل: وقع في قلبه، الأخفش:
خامر نفسه. الفرّاء: استشعر. الحسن: حدّث نفسه، وأصل الوجوس الدخول، وكان الخوف دخل قلبه. قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا أتاهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يجئ لخير وأنّه يحدّث نفسه بشرّ.
قالُوا لا تَخَفْ يا إبراهيم فإنّا ملائكة الله إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ قال الوالبي: لمّا عرف إبراهيم أنهم ملائكة خاف أنه وقومه المقصودون بالعذاب لأن الملائكة كانت تنزل إذ ذاك بالعذاب، نظير ما في الحجر ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ أي بالعذاب، قالت الملائكة: لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ لا إلى قومك.
وَامْرَأَتُهُ سارة بنت هاران بن ناحور بن شاروع بن أرغوا بن فالغ وهي ابنة عم إبراهيم قائِمَةٌ من وراء الستر تسمع كلام الملائكة وكلام إبراهيم، وقيل: كانت قائمة (......) «٣»
الرسل وإبراهيم جالس معهم فهو كلام أوّلي، وقرأ ابن مسعود: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ وهو جالس فَضَحِكَتْ.
واختلفوا في العلة الجالبة للضحك، فقال السدي: لما قرب إليهم الطعام فلم يأكلوا خاف إبراهيم فظنهم لصوصا، فقال لهم: أَلا تَأْكُلُونَ؟ فقالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلّا بثمن، قال: فإن لهذا ثمنا، قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوّله وتحمدون على آخره، فنظر جبريل إلى ميكائيل وقال: حق أن يتخذك خليلا، فَلَمَّا رَأى إبراهيم وسارة أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ
(١) في لسان العرب (٣/ ٤٨٥) : هو أن يحضره شوطا أو شوطين ثمّ يظاهر عليه الجلال في الشمس ليعرق تحتها، فهو محنوذ وحنيذ، وإن لم يعرق قيل: كبا.
(٢) تاج العروس: ٣/ ٥٨٤.
(٣) كلمة غير مقروءة.

صفحة رقم 178

إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ،... فَضَحِكَتْ سارة وقالت: إنا قمنا لأضيافنا هؤلاء أنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم، وهم لا يأكلون طعامنا.
وقال قتادة: فَضَحِكَتْ من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم، وقال مقاتل والكلبي:
فَضَحِكَتْ من خوف إبراهيم من ثلاثة نفر وهو فيما بين خدمه وحشمه، وقال ابن عباس ووهب:
ضحكت عجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنّها وسنّ زوجها، وقالوا: هو من التقديم الذي معناه التأخير، وكان بمعنى: [.....] «١»
وامرأته قائمة.
فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فضحكت وقالت يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ الآية، وقيل: ضحكت سرورا بالأمن عليهم لما قالوا: لا تخف. وقال مجاهد وعكرمة: فَضَحِكَتْ أي حاضت في الوقت، تقول العرب: ضحكت الأرنب إذا حاضت، وقال الشاعر:

وضحكت الأرانب فوق الصفا كمثل دم الخوف يوم اللقا
فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قال ابن عباس والشعبي: الوراء ولد الولد، واختلف القرّاء في قوله: يَعْقُوبَ، فنصبه ابن عامر وعاصم وقيل: في موضع جر في الصفة أي من وراء إسحاق بيعقوب، فلمّا حذف الباء نصب، وقيل: بإضمار فعل له، ووهبنا له يعقوب. ورفعه الآخرون على خبر حذف الصفة، فلمّا بشّرت بالولد والحفيد صكت وَجْهَها أي ضر الله تعجبا وقالَتْ يا وَيْلَتى والأصل: يا ويلتاه أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وكانت لتسعين سنة في قول ابن إسحاق، وتسع وتسعين سنة في قول مجاهد.
وَهذا بَعْلِي زوجي سمي بذلك لأنه قيّم أمرها كما سمّي مالك الشيء بعله، والنخل الذي استغنى بالأمطار عن ماء الأنهار يسمّى بعلا شَيْخاً وكان إبراهيم ابن مائة سنة في قول مجاهد، وعشرين ومائة سنة في قول ابن إسحاق.
إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ فقالت الملائكة أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ يعني هنا إبراهيم إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ قال السدّي: قالت سارة لإبراهيم (عليه السلام) : ما آية قولك؟ قال: فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه، فاهتزّ أخضر فقال إبراهيم: هو لله إذا ذبيحا.
(١) كلمة غير مقروءة. [.....]

صفحة رقم 179
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية