آيات من القرآن الكريم

قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

النَّصْبِ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: بَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ وَهَبْنَا لَهَا يَعْقُوبَ، وَأَمَّا وَجْهُ الرَّفْعِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ مَوْلُودٌ أَوْ مَوْجُودٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي لَفْظِ وَرَاءَ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ مَعْنَاهُ بَعْدَ أَيْ بَعْدَ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الظَّاهِرُ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَرَاءَ وَلَدُ الْوَلَدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُكَ، فَقَالَ نَعَمْ مِنَ الْوَرَاءِ، وَكَانَ وَلَدَ وَلَدِهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي شديد التعسف، واللفظ كأنه ينبو عنه.
[سورة هود (١١) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]
قالَتْ يَا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)
[في قوله تعالى قالت يا ويلتا] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْفَرَّاءُ أصل الويل وي وهو الخزي، ويقال: ويل فلان أَيْ خِزْيٌ لَهُ فَقَوْلُهُ وَيْلَكَ أَيْ خِزْيٌ لَكَ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَيْحَ زَجْرٌ لِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ وَقَعَ فِيهِ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَلَمْ أَسْمَعْ عَلَى بِنَائِهِ إِلَّا وَيْحَ، وو يس، وو يك، وَوَيْهَ، وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى وَأَمَّا قوله: يا وَيْلَتى فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَلِفُ أَلِفُ النُّدْبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الْأَلِفُ فِي وَيْلَتَا مُبْدَلَةٌ مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ فِي يَا وَيْلَتى وَكَذَلِكَ فِي يَا لَهَفَا وَيَا عَجَبَا ثُمَّ أُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ الْأَلِفُ وَالْفَتْحَةُ، لِأَنَّ الْفَتْحَ وَالْأَلِفَ أَخَفُّ مِنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو آلِدُ بِهَمْزَةٍ وَمَدَّةٍ، وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ بِلَا مَدٍّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهَا تَعَجَّبَتْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى وَالتَّعَجُّبُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى يُوجِبُ الْكُفْرَ، بَيَانُ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهَا فِي مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ وَثَالِثُهَا: قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَأَمَا بَيَانُ أَنَّ التَّعَجُّبَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى يُوجِبُ الْكُفْرَ، فَلِأَنَّ هَذَا التَّعَجُّبَ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهَا بِقُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْكُفْرَ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّهَا إِنَّمَا تَعَجَّبَتْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ فَإِنَّ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ لَوْ أَخْبَرَهُ/ مُخْبِرٌ صَادِقٌ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقْلِبُ هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا إِبْرِيزًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتَعَجَّبُ نَظَرًا إِلَى أَحْوَالِ الْعَادَةِ لَا لِأَجْلِ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَ قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً فَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: وَهَذَا مِنْ لَطَائِفِ النَّحْوِ وَغَامِضِهِ فَإِنَّ كَلِمَةَ هَذَا لِلْإِشَارَةِ، فَكَأَنَّ قَوْلَهُ: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً قَائِمٌ مَقَامَ أَنْ يُقَالَ أُشِيرَ إِلَى بَعْلِي حَالَ كَوْنِهِ شَيْخًا، وَالْمَقْصُودُ تَعْرِيفُ هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَهِيَ الشَّيْخُوخَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَرَأَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هَذَا بَعْلِي وَهُوَ شَيْخٌ، أَوْ بَعْلِي بَدَلٌ من المبتدأ وشيخ خَبَرٌ أَوْ يَكُونَانِ مَعًا خَبَرَيْنِ، ثُمَّ حَكَى تَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا: أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ تَعَجَّبُوا مِنْ تَعَجُّبِهَا، ثُمَّ قالوا: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ ذِكْرُ مَا يُزِيلُ ذَلِكَ التَّعَجُّبَ وَتَقْدِيرُهُ: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ مُتَكَاثِرَةٌ وَبَرَكَاتِهِ لَدَيْكُمْ مُتَوَالِيَةٌ مُتَعَاقِبَةٌ، وَهِيَ النُّبُوَّةُ وَالْمُعْجِزَاتُ الْقَاهِرَةُ وَالتَّوْفِيقُ لِلْخَيْرَاتِ الْعَظِيمَةِ فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّ اللَّه خَرَقَ الْعَادَاتِ فِي تَخْصِيصِكُمْ بِهَذِهِ

صفحة رقم 375
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية