
قَوْله تَعَالَى ﴿أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ ليستخفوا مِنْهُ﴾ الْآيَة، قَالَ عبد الله بن شَدَّاد: كَانَ الرجل الْكَافِر يمر بِالنَّبِيِّ فيثني صَدره، ويستغشي بِثَوْبِهِ بغضا للنَّبِي حَتَّى لَا يرَاهُ النَّبِي وَلَا يرى هُوَ النَّبِي. وَعَن بَعضهم: أَن الرجل من الْكفَّار كَانَ يدْخل بَيته ويرخي ستره، ويتغشى بِثَوْبِهِ ويحني ظَهره وَيَقُول: هَل يعلم الله مَا فِي قلبِي؟ وَعَن أبي رزين قَرِيبا من القَوْل الأول، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَمعنى قَوْله: ﴿يثنون صُدُورهمْ﴾ أَي: يعطفون ويطوون، وَمِنْه ثني الثَّوْب، قَالَ الشَّاعِر فِي التغشي:
(أرعى النُّجُوم وَلم أُؤمر برعيتها | وَتارَة أتغشى فضل أطمار) |
﴿أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ﴾ يَعْنِي: يتغشون بثيابهم. قَوْله تَعَالَى: {يعلم مَا صفحة رقم 413

﴿ليستخفوا مِنْهُ أَلا حِين يستغشون ثبابهم يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور (٥) وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها وَيعلم مستقرها ومستودعها كل فِي كتاب مُبين (٦) وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَكَانَ عَرْشه﴾ يسرون وَمَا يعلنون إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور) قَالَ الْأَزْهَرِي وَغَيره: معنى الْآيَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا: إِن الَّذين أضمروا عَدَاوَة النَّبِي لَا يخفى علينا حَالهم. وَفِي بعض التفاسير: أَن رجلا كَانَ يبطن عَدَاوَة النَّبِي وَكَانَ يخْتَلف إِلَيْهِ وَيظْهر الْمحبَّة لَهُ، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ هَذِه الْآيَة.
صفحة رقم 414