آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

والسعة فى الرزق وكثرة الأولاد والرياسة وغير ذلك لا وجه الله تعالى والمراد بالارادة ما يحصل عند مباشرة الأعمال لا مجرد الارادة القلبية لقوله تعالى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها اى توصل إليهم ثمرات أعمالهم فى الحياة الدنيا كاملة وليس المراد بأعمالهم اعمال كلهم فانه لا يجد كل متمن ما تمناه فان ذلك منوط بالمشيئة الالهية كما قال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ولا كل أعمالهم بل بعضها الذي يترتب عليه الاجر والجزاء وَهُمْ فِيها اى فى الحياة الدنيا لا يُبْخَسُونَ لا ينقصون شيأ من أجورهم أُولئِكَ المريدون للحياة الدنيا وزينتها الموفون فيها ثمرات أعمالهم من غير بخس الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ لان هممهم كانت مصروفة الى الدنيا وأعمالهم مقصورة على تحصيلها فقد اجتنبوا ثمراتها فلم يبق فى الآخرة الا العذاب المخلد وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها يعنى بطل ثواب أعمالهم التي صنعوها فى الدنيا لانها لم تكن لوجه الله تعالى والعمدة فى اقتضاء ثواب الآخرة هو الإخلاص وَباطِلٌ [وناچيز است] فى نفس الأمر ما كانُوا يَعْمَلُونَ رياء وسمعة. فقوله باطل خبر مقدم وما كانوا يعملون مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها والآية فى حق الكفار كما يفصح عنه الحصر فى كينونة النار لهم واعلم ان حسنات الكفار من البر وصلة الرحم والصدقة وبناء القناطر وتسوية الطرق والسعى فى دفع الشرور واجراء الأنهار ونحو ذلك مقبولة بعد إسلامهم يعنى يحسب ثوابها ولا يضيع واما قبل الإسلام فانعقد الإجماع على انهم لا يثابون على أعمالهم بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن يكون بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد بما فى الآيات والاخبار من بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر ووافقه المازري كما فى شرح المشارق لابن الملك وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الآية فى اهل الرياء من اهل القبلة فمعنى قوله تعالى لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ليس يليق لهم الا النار ولا يستحقون بسبب الأعمال الريائية الا إياها كقوله تعالى فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ وجائز ان يتغمدهم الله برحمته فليس فى الآية دلالة على الخلود والعذاب البتة والظاهر ان الآية عامة لاهل الرياء مؤمنا كان او كافرا او منافقا كما فى زاد المسير والرياء مشتق من الرؤية وأصله طلب المنزلة فى قلوب الناس برؤيتهم خصال الخير كما فى فتح القريب وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال (الرياء يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)

مرايى هر كسى معبود سازد مرايى را از آن گفتند مشرك
قال فى شرح الترغيب المشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ومجوسى ويهودى ونصرانى ومرتد وزنديق وعلى المرائى وهو الشرك الأصغر والشرك الخفي يقال للقراء من اهل الرياء أردت ان يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ولمن وصل الرحم وتصدق فعلت حتى يقال فقيل ولمن قاتل فقتل قاتلت حتى يقال فلان جريئ فقد قيل ذلك فهؤلاء الثلاثة أول خلق يسعر؟؟؟ بهم

صفحة رقم 108

النار كما فى الحديث (ويصعد الحفظة بعمل العبد الى السماء السابعة من صلاة وصوم ونفقة واجتهاد وورع فيقول لهم الملك الموكل بها اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه فانه أراد بعمله غير الله تعالى ويصعد الحفظة يعمله من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها فيقول لهم الله تعالى أراد به غيرى فعليه لعنتى فيقول الملائكة كلها عليه لعنتك ولعنتنا ويلعنه السموات السبع ومن فيهن) كما ورد فى الحديث: قال الحافظ

گوييا باور نمى دارند روز داورى كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند
قال الفضيل ترك العمل لاجل الناس رياء والعمل لاجل الناس شرك والإخلاص الخلاص من هذين معنى كلامه ان من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة ان يطلع الناس عليه فهو مرائ لانه لو كان عمله لله تعالى لم يضره اطلاع الناس عليه
ومن عمل لاجل ان يراه الناس فقد أشرك فى الطاعة ويستثنى من كلامه مسألة لا يكون ترك العمل فيها لاجل الناس رياء وهى إذا كان الشخص يعلم انه متى فعل الطاعة بحضرة الناس آذوه واغتابوه فان الترك من أجلهم لا يكون رياء بل شفقة عليه ورحمة كما فى فتح القريب وقال فى شرح الطريقة من مكايد الشيطان ان الرجل قد يكون ذاورد كصلاة الضحى والتهجد وتلاوة القرآن والادعية المأثورة فيقع فى قوم لا يفعلونه فيتركه خوفا من الرياء وهذا غلط منه إذ مداومته السابقة دليل الإخلاص فوقوع خاطر الرياء فى قلبه بلا اختيار ولا قبول لا يضر ولا يخل بالإخلاص فترك العمل لاجله موافقة للشيطان وتحصيل لغرضه نعم عليه ان لا يزيد على معتاده ان لم يجد باعثا وقد يترك لا خوفا من الرياء بل خوفا من ان ينسب اليه ويقال انه مرائ وهذا عين الرياء لانه تركه خوفا من سقوط منزلته عند الناس وفيه ايضا سوء الظن بالمسلمين وقد يقع فى خاطره ان تركه لاجل صيانتهم من الغيبة لا لاجل الفرار من المذمة وسقوط المنزلة وهذا ايضا سوء الظن بهم إذ صيانة الغير من المعصية انما يكون فى ترك المباحات دون السنن والمستحبات انتهى كلامه قال فى التأويلات النجمية وَحَبِطَ ما صَنَعُوا من اعمال الخير فِيها فى الدنيا للدنيا وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال وان كانت حقا لانهم عملوها لغير وجه الله وهو باطل وبه يشير الى ان كل من يعمل عملا يطلب به غير الله فان عمله ومطلوبه باطل كما قال ﷺ (ان اصدق كلمة قالتها العرب ألا كل شىء ما خلا الله باطل) قال حضرة الشيخ الأكبر قد سنا الله بسره الأطهر اعلم ان الموجودات كلها وان وصفت بالباطل فهى حق من حيث الوجود ولكن سلطان المقام إذا غلب على صاحبه يرى ما سوى الله تعالى باطلا من حيث انه ليس له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهذا معنى قولهم قوله باطل اى كالباطل لان العالم قائم بالله لا بنفسه فهو من هذا الوجه باطل والعارف إذا وصل الى مقامات القرب فى بداية عرفانه ربما تلاشت هذه الكائنات وحجب عن شهودها بشهود الخلق لانها زالت من الوجود بالكلية ثم إذا كمل عرفانه شهد الحق تعالى والخلق معا فى آن واحد وما كل أحد يصل الى هذا المقام فان غالب الناس ان شهد الخلق لم يشهد الحق وان شهد الحق لم يشهد الخلق ولا يدرك الوحدة الا من أدرك اجتماع الضدين ولعل

صفحة رقم 109
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية