آيات من القرآن الكريم

وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار﴾ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: طرفِي النَّهَار: الصُّبْح وَالْعصر، ﴿وَزلفًا من اللَّيْل﴾ : الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ مُجَاهِد: طرفِي النَّهَار: الصُّبْح وَالظّهْر وَالْعصر، وَزلفًا من اللَّيْل: الْمغرب وَالْعشَاء.
وعَلى هَذَا القَوْل: الْآيَة جَامِعَة للصلوات الْخمس. وَعَن بَعضهم: طرفا النَّهَار: الصُّبْح وَالْمغْرب، وَزلفًا من اللَّيْل: الْعَتَمَة.
وَمعنى قَوْله: ﴿زلفا من اللَّيْل﴾ سَاعَات اللَّيْل. وَقيل: سَاعَة من اللَّيْل. وَقَرَأَ مُجَاهِد: " وزلفى من اللَّيْل " وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: " وَزلفًا من اللَّيْل ". وَالْمَعْرُوف: زلفا من اللَّيْل. قَالَ الشَّاعِر:

صفحة رقم 464

﴿وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) ﴾
وَسبب نزُول الْآيَة: مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رجلا أَتَى النَّبِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي دخلت بستانا فَأَصَبْت امْرَأَة، فنلت مِنْهَا مَا ينَال الرجل من امْرَأَته، إِلَّا أَنِّي لم أجامعها، وَهَا أَنا ذَا بَين يَديك فَاصْنَعْ مَا شِئْت، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وأقم الصَّلَاة﴾ إِلَى ان قَالَ: ﴿إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾. قَالَ معَاذ بن جبل: يَا رَسُول الله - وَفِي رِوَايَة قَالَ: جَاءَ رجل من الْقَوْم فَقَالَ: يَا رَسُول الله - هَذَا لَهُ خَاصَّة أَو للْمُسلمين عَامَّة؟ فَقَالَ رَسُول الله: بل للْمُسلمين عَامَّة ".
وروى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ: " أَن رجلا أَتَى رَسُول الله وَقَالَ: يَا رَسُول الله: إِنِّي أصبت حدا فأقمه عَليّ، فَقَالَ: هَل شهِدت مَعنا هَذِه الصَّلَاة وَقد تطهرت؟ فَقَالَ: نعم. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: اذْهَبْ فقد غفر الله لَك مَا أصبت ". وروت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي قَالَ: " لَو أَن نَهرا بِبَاب أحدكُم يغْتَسل فِيهِ خمس مَرَّات فِي الْيَوْم، هَل يبْقى من درنه شَيْئا؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: فَذَلِك مثل الصَّلَوَات الْخمس يمحو الله بهَا الْخَطَايَا ". وَهَذَا خبر صَحِيح.
وَفِي تَكْفِير الْخَطَايَا بالصلوات الْخمس خبر عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - وَذكر فِيهِ: " أَن كل صَلَاة تكفر مَا بَينهَا وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى ". وَعَن سلمَان - رَضِي الله عَنهُ

صفحة رقم 465

﴿واصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ (١١٥) ﴾ - أَنه كَانَ قَاعِدا فِي ظلّ شَجَرَة فَأخذ مِنْهَا غصنا يَابسا وهزه فتحات عَنهُ الْوَرق، ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ لم فعلت هَذَا؟ قَالُوا: لَا. فَقَالَ: من تطهر وَصلى الصَّلَوَات الْخمس تحاتت عَنهُ الذُّنُوب كَمَا تحات هَذَا الْوَرق من هَذَا الْغُصْن. وَعَن أبي الْيُسْر - رجل من الْأَنْصَار - " أَن امْرَأَة أَتَت إِلَيْهِ تطلب تَمرا تشتريه، فَقَالَ: فِي الدّكان تمر أَجود مِمَّا ترينه، قَالَ: فَدخلت الدّكان فقبلها والتزمها، وَأصَاب مِنْهَا مَا يُصِيب الرجل من امْرَأَته إِلَّا أَنه لم يُجَامِعهَا، ثمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - وَذكر لَهُ ذَلِك، وَقَالَ: افْعَل بِي مَا شِئْت، فَسكت النَّبِي سَاعَة، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار﴾ إِلَى أَن قَالَ: ﴿إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾.
وَرُوِيَ عَن معَاذ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، أوصني، فَقَالَ: " اتَّقِ الله حَيْثُمَا كنت، وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها، وخالق النَّاس بِخلق حسن ".
فَهَذِهِ الْأَخْبَار كلهَا دَالَّة على معنى الْآيَة.
وَفِي بعض التفاسير: أَن رجلا جلس إِلَى سعيد بن الْمسيب، فَسَمعهُ ابْن الْمسيب يَقُول: اللَّهُمَّ وفقني للباقيات الصَّالِحَات، فَقَالَ لَهُ سعيد: وَمَا الْبَاقِيَات الصَّالِحَات؟ قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس، فَقَالَ سعيد: لَا، إِنَّمَا الْبَاقِيَات الصَّالِحَات: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم، وَإِنَّمَا الصَّلَوَات الْخمس هِيَ الْحَسَنَات.
وَقَوله: ﴿ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ﴾ يَعْنِي: ذَلِك عظة للمتعظين.

صفحة رقم 466

﴿فلولا كَانَ من الْقُرُون من قبلكُمْ أولو بَقِيَّة ينهون عَن الْفساد فِي الأَرْض إِلَّا قَلِيلا مِمَّن أنجينا مِنْهُم وَاتبع الَّذين ظلمُوا مَا أترفوا فِيهِ وَكَانُوا مجرمين (١١٦) وَمَا كَانَ رَبك ليهلك الْقرى بظُلْم وَأَهْلهَا مصلحون (١١٧) وَلَو شَاءَ رَبك لجعل النَّاس أمة وَاحِدَة وَلَا يزالون مُخْتَلفين (١١٨) ﴾

صفحة رقم 467
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
(طي اللَّيَالِي زلفا فزلفا سماوة الْهلَال حَتَّى احقوقفا)