آيات من القرآن الكريم

أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

ومعنى ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾، قال الزجاج: أي: إن الغلبة لله، وهو ناصرك وناصر دينك (١)، وقال غيره: العزة: القدرة على كل جبار بما لا يرام ولا يضام (٢)، والمعنى: إنه الذي يعزك حتى تصير أعز ممن ناوأك.
وليست هذه الآية مضادة لقوله: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨]؛ لأن عزة الرسول والمؤمنين بالله فهي كلها لله.
وقوله تعالى: ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أي: يسمع قولهم ويعلم ضميرهم فيجازيهم بما تقتضيه حالهم، ويدفع عنك شرهم، وهذه الآية بيان عما توجبه العزة لله من التسلي عن قول الجاهلين، وأذى المبطلين؛ لأنهم في سلطان الله حتى يعاملهم بما تقتضيه حالهم.
٦٦ - قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾، قال ابن عباس: يريد: لا ملك إلا لله في السموات ولا في الأرض (٣).
وقال الزجاج: أي: يفعل بهم وفيهم ما يشاء (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾ ذكر أهل التفسير والمعاني في (ما) هاهنا قولين: أحدهما: أنه نفي وجحد كأنه قيل: وما يتبعون شركاء على الحقيقة؛ لأنهم يعدونها شركاء شفعاء لهم، وليست على ما يظنون، فإذن ما يتبعون شركاء.
الثاني: أن (ما) استفهام كأنه قيل: أي شيء يتبع الذين يدعون من

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٧.
(٢) انظر معنى هذا القول في: "مجمل اللغة" (عز) ٣/ ٦١٣، "المفردات في غريب القرآن" (عز) ص ٣٣٣.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢١٦ بمعناه من رواية الكلبي.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٧، وليس فيه لفظ: بهم.

صفحة رقم 252

دون الله شركاء؟ تقبيحًا (١) لفعلهم يعني أنهم ليسوا على شيء؛ لأن هذا الاستفهام معناه الإنكار (٢).
وذكر صاحب النظم في هذا قولين آخرين:
أحدهما: أن التأويل: وما يتبع الذين يَدْعُون من دون الله فيما يدعون من الشركاء من يجب اتباعه في ذلك من نبي دعاهم إلى ذلك فهم يتبعونه فيه، كما يقال في الكلام: فلان متبع وفلان مبتدع، والمتبع (٣) الذي يتبع السنة، فاعلم أنهم لا يتبعون [ولكن يبتدعون، فلما كف عن هذا البيان وأضمره، بَيَّنَ في قوله: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ] (٤) إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ أنّ اتباعهم فيما يدعون من دون الله إنما هو ظن وتخرص (٥)، فعلى هذا القول: الشركاء منصوبة بـ (يدعون) لا بـ (يتبع) ويكون مفعول (يتبع) محذوفًا على ما ذكر من التقدير (٦).
القول الثاني: أن قوله: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ﴾ تكرير لقوله: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾

(١) في (ى): (تفخيمًا)، وهو خطأ.
(٢) انظر القولين في: "مشكل إعراب القرآن" ص ٣٤٨، "معالم التنزيل" ٤/ ١٤٢، "الكشاف" ٢/ ٢٤٤، "مفاتيح الغيب" ١٧/ ١٣٧، "التبيان في إعراب القرآن" ٥/ ١٧٦ - ١٧٧، "البحر المحيط" ٥/ ١٧٦ - ١٧٧، "الدر المصون" ٦/ ٢٣٥، واقتصر على القول الأول المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٤، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٥، وعلى الثاني "الطبري" ١١/ ١٣٩، و"السمرقندي" ٢/ ١٠٥، و"الثعلبي" ٧/ ٢٠ ب.
(٣) في (م): (فالمتبع).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٥) من (م) وفي غيرها: (تخريص).
(٦) في (ى): (التقدير الأول).

صفحة رقم 253
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية