آيات من القرآن الكريم

أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

(ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) ومن جملتهم هؤلاء المشركون المعاصرون للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كانوا في ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء فكيف يستطيعون أن يؤذوا رسول الله ﷺ بما لا يأذن الله به، و (ألا) كلمة تنبيه معناه أنه لا ملك لأحد فيهما إلا لله عز وجل فهو يملك ما فيهما.

صفحة رقم 94

وقال في الآية الأولى (ما) وفي هذه (من) فمجموعهما دل على أن الله يملك جميع كل شيء فيهما من العقلاء وغيرهم، أو غلب العقلاء على غيرهم لكونهم أشرف: وفي الآية نعي على عباد البشر والملائكة، والجمادات لأنهم عبدوا المملوك وتركوا المالك وذلك مخالف لما يوجبه العقل، ولهذا عقبه بقوله:
(وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء) ما نافية وشركاء مفعول يتبع وعلى هذا يكون مفعول يدعون محذوفاً، والأصل وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، شركاء في الحقيقة إنما هي أسماء لا مسميات لها، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، ويجوز أن يكون المذكور مفعول يدعون وحذف مفعول يتبع لدلالة المذكور عليه، يعني أنهم وأن سموا معبوداتهم شركاء لله فليس شركاء له على الحقيقة لأن ذلك محال (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).
وقيل ما استفهامية أي أيُّ شيء يتبع الذين يدعون؛ وعلى هذا شركاء منصوب بيدعون والكلام خارج مخرج التوبيخ لهم والإزراء عليهم.
وقيل موصولة، والمعنى أن الله مالك لمعبوداتهم لكونها من جملة من في السماوات ومن في الارض.
ثم زاد سبحانه في تأكيد الرد عليهم والدفع لأقوالهم فقال: (إن يتبعون إلا الظن) أي ما يتبعون يقيناً إنما يتبعون ظناً ويظنون أنهم آلهة تشفع لهم، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً (وإن هم إلا يخرصون) أصل معنى الخرص الحزر بتقديم الزاي على الراء أي التخمين والتقدير، ويستعمل بمعنى الكذب لغلبته في مثله، والاسم الخرص بالكسر أي يقدرون أنهم شركاء تقديراً باطلاً وكذباً بحتاً وقد تقدمت هذه الآية في الأنعام.

صفحة رقم 95

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩)
ثم ذكر سبحانه طرقاً من آثار قدرته مع الامتنان على عباده ببعض نعمه فقال:

صفحة رقم 96
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية