
الصغيرة. ولا يغيب ﴿وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾: أي: هو محصى في كتاب مبين: فكل عنده في اللوح المحفوظ، ومن باطن وظاهر، والحفظة يكتبون ما ظهر لهم من الأعمال التي تقدمت في اللوح المحفوظ، وما خفي عنهم من أعمال بني آدم، وأسرارهم لا يكتبونه ولا يعلمونه. وعلمه كله عند الله تعالى مثْبت في اللوح المحفوظ، لا يعزب عنه منه شيء.
قوله: ﴿ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ إلى قوله ﴿الفوز العظيم﴾.
" ألا ": تنبيه، وأولياؤه ": قوم يُذكَر الله تعالى عند رؤيتهم، لما عليهم من سمات الخير، والإخبات: قاله ابن عباس.
وروي ذلك عن النبي، عليه السلام.
وروى أبو هريرة عن النبي عليه السلام أنه قال: " إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء. قيل: من هم يا رسول الله؟ لعلنا نحبهم. قال: هم قوم متحابون في

الله تعالى من غير أموال، ولا أنساب. وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ: ﴿ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ "
ثم قال تعالى: ﴿الذين آمَنُواْ (وَكَانُواْ) يَتَّقُونَ﴾: أي: هم الذين آمنوا بالله تعالى ورسوله، وبما جاء من عند الله سبحانه ﴿وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾: محارمه. ﴿لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة﴾ قال عروة بن الزبير، ومجاهد: " هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح، أو ترى له ".
قال أبو الدرداء: " سألت النبي ﷺ، عن هذه الآية فقال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل، وتُرى له، وهي / جزء من سبعة وأربعين جزءاً من النبوءة ".

وعن ابن عباس أنه قال: هو قول الله تعالى لنبيه: ﴿وَبَشِّرِ المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ الله فَضْلاً كَبِيراً﴾ [الأحزاب: ٤٧] قال: " (هي) الرؤيا الصالحة ". وبشرى الآخرة الجنة. وعلى هذا أكثر أهل التفسير. وقال قتادة، والزهري هي: بشرى عند الموت في الدنيا.
وقال الضحاك: يعلم أين هو قبل الموت، ويدل على هذا القول قوله: ﴿يُبَشِّرُهُمْ (رَبُّهُم) بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ﴾ [التوبة: ٢١] الآية.
وقوله: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ﴾ الآية. [فصلت: ٣٠].