آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

وَإِنْ كَذَّبُوكَ، يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْ لِي عَمَلِي، وَجَزَاؤُهُ، وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ، وَجَزَاؤُهُ، أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ، هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ [الْقَصَصِ: ٥٥]، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦) [الْكَافِرُونَ: ٦]. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْجِهَادِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ التَّوْفِيقَ لِلْإِيمَانِ بِهِ لَا بغيره.
فَقَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، بِأَسْمَاعِهِمُ الظَّاهِرَةِ فَلَا يَنْفَعُهُمْ، أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ، يريد صمم الْقَلْبِ، وَلَوْ كانُوا لَا يَعْقِلُونَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ، بِأَبْصَارِهِمُ الظَّاهِرَةِ، أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ، يُرِيدُ عمي القلوب [١]، وَلَوْ كانُوا لَا يُبْصِرُونَ، وَهَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُسْمِعَ مَنْ سَلَبْتُهُ السَّمْعَ، وَلَا أَنْ تَهْدِيَ مَنْ سَلَبْتُهُ الْبَصَرَ، وَلَا أَنْ تُوَفِّقَ لِلْإِيمَانِ مَنْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُؤْمِنُ.
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً، لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ متفضّل وعادل، وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، بِالْكَفْرِ والمعصية. [قرأ حمزة والكسائي: «ولكن الناس» بتخفيف نون وَلكِنَّ ورفع النَّاسَ، وقرأ الباقون وَلكِنَّ النَّاسَ، بتشديد نون وَلكِنَّ ونصب النَّاسَ] [٢].
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ، قَرَأَ حَفْصٌ بِالْيَاءِ وَالْآخَرُونَ بِالنُّونِ، كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ، قَالَ الضَّحَّاكُ: كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا قَدْرَ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ، يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ، يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حين يبعثوا من قبورهم [٣] كَمَعْرِفَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ تَنْقَطِعُ الْمَعْرِفَةُ إِذَا عَايَنُوا أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ. وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْرِفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ بِجَنْبِهِ [٤] وَلَا يُكَلِّمُهُ هَيْبَةً وَخَشْيَةً. قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْخُسْرَانِ: خُسْرَانُ النَّفْسِ، وَلَا شَيْءَ أعظم منه.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٦ الى ٥٠]
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا يَفْعَلُونَ (٤٦) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ مَا شاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ، يا محمد فِي حَيَاتِكَ [٥] مِنَ الْعَذَابِ، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، قَبْلَ تَعْذِيبِهِمْ، فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا يَفْعَلُونَ، فَيَجْزِيهِمْ بِهِ، ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ، تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهُ شهيد. وقال مُجَاهِدٌ: فَكَانَ الْبَعْضُ الَّذِي أَرَاهُ [لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [٦] قَتْلَهُمْ بِبَدْرٍ، وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ، خلت، رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ، وَكَذَّبُوهُ، قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ، أَيْ: عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا وَأُهْلِكُوا بِالْعَذَابِ، يَعْنِي: قبل مجيء الرسل [٧]، لا ثواب ولا عقاب.

(١) في المطبوع «القلب» والمثبت عن المخطوط. [.....]
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من ط ومن المخطوط.
(٣) في المطبوع «بعثوا من القبور» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المخطوط «يحبه».
(٥) زيد في المخطوط «وبعض الذي نعدهم».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «الرسول».

صفحة رقم 421
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية