آيات من القرآن الكريم

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

(وإما نرينك بعض الذي نعدهم) أصله إن نُرِكَ وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط ولأجله زيدت نون التأكيد خلافاً لسيبويه، والمعنى أن حصلت منا الإراءة لك بعض الذي وعدناهم من إظهار دينك في حياتك بقتلهم وأسرهم، وجواب الشرط محذوف، والتقدير فتراه أو فذاك.
وجملة (أو نتوفينك) معطوفة على ما قبلها، المعنى أو لا نرينك ذلك في حياتك بل نتوفينك قبل ذلك (فإلينا مرجعهم) فعند ذلك نعذبهم في الآخرة فنريك عذابهم فيها، وجواب أو نتوفينك محذوف أيضاً والتقدير أو نتوفينك قبل الإراءة فنحن نريك ذلك في الآخرة، وقيل أنه جواب للشرط وما عطف عليه إذ معناه صالح لذلك، وإلى هذا ذهب العوفي وابن عطية.
وقيل أن جواب أو نتوفينك هو قوله فإلينا مرجعهم لدلالته على ما هو

صفحة رقم 71

المراد من إراءة النبي ﷺ تعذيبهم في الآخرة وقيل العدول في الموضعين إلى صيغة المستقبل لاستحضار الصورة، والأصل أريناك أو توفيناك وفيه نظر فان إراءة ﷺ ببعض ما وعد المشركين من العذاب لم تكن قد وقعت كالوفاة.
وحاصل معنى هذه الآية: إن لم ننتقم منهم عاجلاً انتقمنا منهم آجلاً، وقد أراد الله قتلهم وأسرهم وذلهم وذهاب عزهم وانكسار سورة كبرهم بما أصابهم به في يوم بدر وما بعده من المواطن فلله الحمد.
(ثم الله شهيد على ما يفعلون) من تكذيبهم وكفرهم فيعذبهم أشد العذاب وجاء بثم الدالة على التبعيد مع كون الله سبحانه شهيدا على ما يفعلونه في الدارين للدلالة على أن المراد بهذه الأفعال ما يترتب عليها من الجزاء أو ما يحصل من إنطاق الجوارح بالشهادة عليهم يوم القيامة، فجعل ذلك بمنزلة شهادة الله عليهم كما ذكره النيسابوري.
وفي السمين (ثم) هنا ليست للترتيب الزماني بل هي لترتيب الأخبار لا لترتيب القصص في نفسها كقولك زيد عالم ثم هو كريم.
قال الزمخشري: ذكرت الشهادة والمراد مقتضاها ونتيجتها وهو العقاب، كأنه قيل ثم الله معاقب على ما يفعلون، وفيه وعيد لهم وتهديد شديد.

صفحة رقم 72
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية