آيات من القرآن الكريم

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

وإذا مس الإنسان الضر من ألم أو خطر أو شدة، دعانا واتجه إلينا مضطجعا لجنبه أو قاعدا أو قائما، دعانا ملحا في كشفه عنه، ومن هنا يعلم أن استعجال الكفار للشر من طغيانهم فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه.
مثل ذلك الذي عرفت من اتجاه إلى الله في الشدة وتركه في الرخاء زين للمسرفين ما كانوا يعلمونه.
وهكذا الإنسان يستعجل الشر، ولا يلجأ إلى الله إلا في الشدة والضر إن الإنسان كان ظلوما جهولا إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر الآية ٣].
هكذا الإنسان وتلك سنة الله في الأمم، ولن تجد لسنته تبديلا فاعتبروا يا أولى الأبصار، وانظروا يا أهل مكة، ماذا أنتم فاعلون؟!! تالله لقد أهلكنا الأمم التي مضت من قبلكم يا كفار مكة، وكانوا أكثر منكم قوة لما ظلموا أنفسهم بالبغي والطغيان، وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات التي تكشف لهم عن حقيقة الدنيا، والتي تناديهم بوجوب اتباع الرسل الكرام، وما كانوا ليؤمنوا لأن نفوسهم مرنت على الظلم والكفر، واطمأنوا إلى الدنيا، ومالوا إليها فصارت أعمالهم كلها فسقا وظلما وجورا، ومن كان كذلك لا يتصور منه إيمان، مثل ذلك الجزاء على الظلم من الإهلاك وإنزال عذاب الاستئصال، أو ضياع الأمة بالضعف والانحلال نجزى القوم المجرمين، وهكذا سنة الله في الخلق فاعتبروا يا أهل مكة ثم جعلناكم يا أمة محمد- أمة الدعوة- خلفاء لمن تقدمكم، وأرسلنا لكم محمدا خاتم النبيين لننظر كيف تعملون؟ وسنجازيكم على أعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر..
من أوهام المشركين والرد عليهم [سورة يونس (١٠) : الآيات ١٥ الى ١٨]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)

صفحة رقم 46

المعنى:
لون من ألوان خداعهم ومكرهم بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو أن يطلبوا منه أن يأتى بقرآن غير هذا، أو يبدله، والذي دفعهم إلى هذا كفرهم وعجزهم عن أن يأتوا بمثله، ولقد مكروا، ومكر الله، ولقنه الجواب وهو خير الماكرين.
أرسل الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم إلى الناس كافة، ودعا قومه العرب إلى دينه طالبا منهم التوحيد، ومنذرا لهم ومبشرا، وفي يمينه القرآن المعجزة الباقية، والحجة الدامغة وقد تحدى العرب به بأسلوب مثير لهم، تحداهم بعشر سور أو بسورة منه فعجزوا مجتمعين، وفيهم الفصحاء والشعراء والخطباء قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً «١»، والقرآن لا

(١) سورة الإسراء آية ٨٨.

صفحة رقم 47

يكف عن تسفيه أحلامهم وعيب آلهتهم، وقد غاظهم ذلك كله، وفيهم حب المغالبة وشهوة السبق فماذا يعملون؟!؟
قالوا: يا محمد ائتنا بقرآن غير هذا ليس فيه ذمنا وذم آلهتنا، أو بدل هذا القرآن أى: وعده ووعيده وحلاله وحرامه، وذمه ومدحه. إن فعلت ذلك فنحن معك يقصدون إن فعل محمد ذلك فقد هدم أساس دعوته، وقوض صرح حجته إذ هو يدعى أنه من عند الله لا من عنده فإذا غير فيه وبدل ثبت أن القرآن من عنده وهو بشر مثلهم أعطى قوة خارقة للعادة كالسحرة والكهان، ولكن الله أمره أن يجيب بهذا الجواب المسكت.
قل لهم: ما يكون لي وما يصح منى أن أبدله أبدا من تلقاء نفسي!! إذ ما أنا إلا رسول، وما هو إلا وحى يوحى، ولا أتبع إلا ما يوحى إلى من عند ربي، على أنى أخاف إن عصيت ربي بالتبديل في كلامه عذاب يوم عظيم هوله شديد وقعه على.
وفي الإجابة على الإتيان بقرآن غير هذا أمره الله بما يأتى:
قل لهم: لو شاء الله ما تلوته عليكم أبدا، ولا أعلمكم به فالمسألة ترجع إلى مشيئة الله لا مشيئتى، وما شاء الله كان، لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه ومالكم تذهبون بعيدا؟ فقد لبثت فيكم عمرا من قبل هذا القرآن [أربعين سنة] لم أجلس إلى معلم، ولم أقرأ كتابا، ولم أدرس في جامعة وأنا أمى في وسط أمى، لم أقل كلاما مثله في هذا الزمن الطويل (قبل النبوة) فهل يعقل أن يكون هذا كلامي. يا قومي أغفلتم عن هذا كله فلا تعقلون؟!! ولا أحد أظلم من رجلين: أحدهما: افترى على الله كذبا، والثاني: كذب بآياته البينة، ولا غرابة في هذا الحكم إنه لا يفلح الظالمون أبدا.
كانت العرب في جاهليتهم ذات أديان مختلفة، ومذاهب في العبادة متشعبة إلا أنها كلها تجتمع في الإشراك وعدم الوحدانية الخالصة لله- سبحانه- كان منهم من تهود

صفحة رقم 48
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية