آيات من القرآن الكريم

إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
ﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ ﭑﭒﭓ ﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩ

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة أَلَمْ نَشْرَحْ
مكية
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ إلى أخرها.
هذه ألف استفهام في اللفظ ومعناها التوقيف على النعم والآلاء، والمعنى: ألم نلين لك يا محمد صدرك ونوسعه لك للهدى ووعي الحكمة وقبول الإيمان؟
ومعنى: نشرح: [نفسح] ونوسع.

صفحة رقم 8331

وروي أنها [لما] نزلت قيل: " يا رسول الله، أينشرح الصدر؟ قال: نعم/ [وينفسح]. قالوا: يا رسول الله، ألذلك علامة؟ قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والإعداد للموت قبل نزول الفوت ".
والصدر محل العلم والقرآن، بدليل قوله: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الذين أُوتُواْ العلم﴾ [العنكبوت: ٤٩].
والمراد به القلب، لأنه وعاء الفهم (والعلم). ولكن ذكر الصدر لقربه من القلب وامتزاجه به.
ثم قال تعالى: ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾.
أي: وغفرنا لك ما سلف من ذنبك، فحططنا عنك ثقل آثام الجاهلية.

صفحة رقم 8332

وفي قراءة عبد الله: وحللنا عنك ذنبك.
﴿الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أي: [أثقل] ظهرك وأوهنه.
قال قتادة: كانت للنبي ﷺ ذنوب أثقلته، فغفرها الله تعالى له، يعني بذلك: ما كان قبل أن ينبأ.
وهو قول ابن زيد.
ثم قال تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.
أي: لا أذكر إلا ذكرت معي. وذلك قول المؤمنين: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
قال مجاهد: (وهو) قول المؤذن: أشهد أن لا إله [إلا الله]، وأشهد

صفحة رقم 8333

محمداً رسول الله.
وقال قتادة: ورفعنا لك ذكر في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: " أتاني جبريل [عليه] السلام فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت (ذكرك)؟ قال: الله (أعلم، (قال): إذا ذكرت ذكرت معي ".
ثم قال تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾.
أي: فإن مع الشدة التي) أنت فيها من جهاد قومك رخاء وفرجاً بأن يظفرك الله بهم حتى ينقادوا إلى الحق أو السيف.

صفحة رقم 8334

ولما نزلت هذه الآية، وبشر النبي ﷺ ( بها) أصحابه وقال: لن يغب عسر يسرين.
قال الحسن: " قال ﷺ لأصحابه: " أبشروا، أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين ".
قال ابن مسعود: " لو دخل العسر في جحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه "، ثم قرأ الآيةز
وإنما كان هذا، لأن العسر (الأول بالألف واللام، ثم كرر كذلك، فهو واليسر نكرة، فلما كرر كان الثاني غير الأول، فصار العسر) واحداً، واليسر يسرين.

صفحة رقم 8335

وقد قيل: إن معنى التكرير التوكيد.
وقيل: الأول للحال، والثاني للاستقبال.
ثم قال: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فانصب * وإلى رَبِّكَ فارغب﴾.
قال ابن عباس: معناه: فإذا فرغت من صلاتك فارغب إلى ربك في الدعاء، وانصب إليه.
وقال مجاهد: معناه: فإذا قمت إلى صلاتك فانصب في حاجتك إلى ربك.
وقال الضحاك: فإذا فرغت من صلاتك المكتوبة قبل أن تسلم فانصب.
[وقال] قتادة: أمره تعالى إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه.
وقال الحسن: معناه: إن الله أمر نبيه إذا فرغ من جهاد عدوه أن يجتهد في

صفحة رقم 8336

الدعاء والعبادة. وهو قول ابن زيد.
وعن مجاهد أن معناه: فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك.
وقال ابن مسعود: فانصب في قيام الليل. فيكون هذا على قوله - منسوخاً بما نسخ قيام الليل.
وقوله: ﴿وإلى رَبِّكَ فارغب﴾ أي: واجعل رغبتك إلى ربك دون من سواه من خلقه.
وعن مجاهد: " وإلى ربك فارغب "، أي: " إذا قمت إلى الصلاة ".
وقيل: معنى الآية: إذا فرغت من فرائضك فانصب في النوافل " وارغب " إلى ربك دون غيره.

صفحة رقم 8337
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية