
سورة والليل
مكية، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون كلمة، وإحدى وعشرون آية
أخبرني [محمد بن القاسم] بن أحمد قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو عمرو وأبو عثمان البصري قال: حدّثنا محمد بن عبد الوهاب العبدي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا سلام بن سليم قال: حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامه، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ «من قرأ سورة وَاللَّيْلِ أعطاه الله حتى يرضى، وعافاه الله سبحانه من العسر ويسّر له اليسر» «١» [١٥٦].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ١ الى ١٣]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣)
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى النهار فيذهب بضوءه وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى يعني ومن خلق.
أخبرنا محمد بن نعيم قال: أخبرنا الحسين بن أيوب قال: حدّثنا علي بن عبد العزيز قال:
أخبرنا أبو عبيد قال: حدّثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيل، عن الحسن: أنه كان يقرأ: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى، فيقول: والذي خلق، قال هارون قال أبو عمر وأهل مكة: يقول للرعد:
سبحان ما سبّحت له. وقيل: وخلق الذكر والأنثى، وذكر أنّها في قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء: والذكر والأنثى.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم قال: حدّثنا أبو معونة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال:
أمنكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبد الله؟ قال: فأشاروا إليّ، فقلت: نعم أنا، فقال: فكيف سمعت

عبد الله يقرأ هذه الآية، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى؟ قال: قلت: سمعته يقرأها (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى والذكر والأنثى).
قال لنا: والله هكذا سمعت رسول الله ﷺ يقرؤها وهؤلاء يريدونني أن أقرأ وَما خَلَقَ فلا أتابعهم «١».
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى إنّ عملكم لمختلف [وقال عكرمة وسائر المفسرين: السعي: العمل]، فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها، يدل عليه
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها» [١٥٧] «٢».
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ماله في سبيل الله وَاتَّقى ربّه واجتنب محارمه وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى اي بالخلف أيقن بأن الله سبحانه سيخلف هذه، وهذه رواية عكرمة وشهر بن حوشب، عن ابن عباس، يدلّ عليه ما
أخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم، عن محمد بن جرير قال: حدّثني الحسن بن أبي سلمة بن أبي كبشة قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا عباد بن راشد، عن قتادة قال: حدّثنا خليل العصري، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم غربت شمسه إلّا وبعث بجنبتها ملكان يناديان، يسمعهما خلق الله تعالى كلهم إلّا الثقلين، اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، فأنزل في ذلك القرآن، فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى - الى قوله- لِلْعُسْرى» [١٥٨] «٣».
وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحّاك: وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، ب (لا إله إلّا الله). وهي رواية عطية، عن ابن عباس. وقال مجاهد: بالجنة، ودليله قوله سبحانه لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ «٤»، وقال قتادة ومقاتل والكلبي: بموعود الله الذي وعده أن يثيبه.
فَسَنُيَسِّرُهُ فسنهيّئه في الدنيا، تقول العرب: يسّرت غنم فلان إذا ولدت أو تهيّأت للولادة، قال الشاعر:
هما سيدانا يزعمان وإنما | يسوداننا إن يسّرت غنماهما «٥» |
(٢) مسند أحمد: ٣/ ٣٢١، والمستدرك: ٤/ ٤٢٢. [.....]
(٣) تفسير القرطبي: ٢٠/ ٨٣.
(٤) سورة يونس: ٢٦.
(٥) جامع البيان للطبري: ٢٩/ ٧٠.