
﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) ﴾
﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ﴾ الَّذِي بَخِلَ بِهِ، ﴿إِذَا تَرَدَّى﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا مَاتَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَأَبُو صَالِحٍ: هَوَى فِي جَهَنَّمَ. ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ يَعْنِي الْبَيَانَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ طَرِيقَ الْهُدَى مِنْ طَرِيقِ الضَّلَالِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، قَالَ: عَلَى اللَّهِ بَيَانُ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي مَنْ سَلَكَ الْهُدَى فَعَلَى اللَّهِ سَبِيلُهُ (١) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ" (النَّحْلِ -٩) يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ اللَّهَ فَهُوَ عَلَى السَّبِيلِ الْقَاصِدِ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّ عَلَيْنَا لِلْهُدَى وَالْإِضْلَالَ كَقَوْلِهِ: "بِيَدِكَ الْخَيْرُ" (آلِ عِمْرَانَ -٢٦) [فَاقْتَصَرَ عَلَى الْهُدَى لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ: "سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ" (النَّحْلِ -٨١) فَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْحَرِّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَرْدَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ] (٢). ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ فَمَنْ طَلَبَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِمَا فَقَدْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ. ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ﴾ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾ أَيْ: تَتَلَظَّى، يَعْنِي تَتَوَقَّدُ وَتَتَوَهَّجُ. ﴿الَّذِي كَذَّبَ﴾ الرَّسُولَ، ﴿وَتَوَلَّى﴾ عَنِ الْإِيمَانِ. ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾ يُرِيدُ بِالْأَشْقَى الشَّقِيَّ، وَبِالْأَتْقَى التَّقِيَّ.
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".