آيات من القرآن الكريم

فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
ﮮﮯﮰ

والقول هو الأول (١)؛ لبعد أن يراد بالنجدين الثديان، ومن قال ذلك ذهب إلى أنهما (٢) كالطريقين لحياة الولد ورزقه، والله تعالى هدى الطفل الصغير حتى ارتضعهما، فهو قوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾
١١ - قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ قال (ابن قتيبة (٣) و) (٤) الأزهري (٥): أي فلا هو اقتحم يعني الإنسان المذكور (والاقتحام الدخول في الأمر الشديد، وهو المهالك، ويقال قَحمَ يَقْحَمُ قُحُومًا، واقتحم اقتحامًا، وتقحم تقحُمًّا، إذا ركب القحم، وهي المهالك، والأمور العِظام) (٦)، (والعقبة: طريق في الجبل وعر، والجميع: العقب والعقاب) (٧).
قال عطاء: يريد عقبة جهنم (٨).
وقال الكلبي: هي عقبة بين الجنة، والنار (٩).

(١) وهو الذي رجحه أيضًا الطبري، وابن كثير، والشوكاني في تفاسيرهم:"جامع البيان" ٣٠/ ٢٠١، و"تفسيرالقرآن العظيم" ٤/ ٥٤٨، و"فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.
(٢) في (أ): (أنها).
(٣) "تفسير غريب القرآن" ٥٢٨، وكلامه: (قال: فلا هو اقتحم العقبة).
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) "تهذيب اللغة" ٤/ ٧٧ (قحم)، قال: (أي قل هو اقتحم العقبة).
(٦) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة". المرجع السابق، وانظر: "لسان العرب" ١٢/ ١٦٢ - ١٦٣ (قحم).
(٧) ما بين القوسين تناول المعنى اللغوي للعقبة.
انظر ذلك في: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٨٢، "لسان العرب" ١/ ٦٢١ (عقب).
(٨) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤.
(٩) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤، وورد قوله في: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٧ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٧، و"فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.

صفحة رقم 24

وقال ابن عمر -رضي الله عنه-: هي جبل زلال (١) في جهنم (٢).
وقال الضحاك (٣)، ومجاهد (٤): هي الصراط يضرب على جهنم، وهو معنى قول الكلبي: عقبة بين الجنة والنار.
وقال قتادة: إنها قحمة شديدة، فاقتحموها بطاعة الله (٥).
هذا كلام المفسرين في تفسير هذه العقبة المذكورة هاهنا (٦)
قال المبرد (٧)، والفراء (٨)، وأبو عبيدة (٩)، (والزجاج (١٠)) (١١):

(١) زلال: لعله أراد انه سريع النزول منه، كما يقال: ماء زلال، وزليل: سريع النزول والمر في الحلق. والله أعلم.
"لسان العرب" ١١/ ٣٠٧ (زلل).
(٢) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠١، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٧٨، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٨٩، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٤، و"التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٢٢، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.
(٣) ورد قوله في "الكشف والبيان"، و"النكت والعيون"، و"معالم التنزيل"، و"زاد المسير". مراجع سابقة. وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٧.
(٤) المراجع السابقة عدا "النكت والعيون".
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠١، "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ أ، "الحجة" ٦/ ٤١٤، "فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.
(٦) أيضًا من الأقوال في معنى العقبة: (قال كعب: هو سبعون درجة في جهنم). "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠٢.
(٧) "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٦، "فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٩٩.
(١٠) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٢٩.
(١١) ما بين القوسين ساقط من: (أ).

صفحة رقم 25

معنى، ﴿فَلَا اقْتَحَمَ﴾ فلم يقتحم.
قال الفراء (١)، والزجاج (٢): ولم يضم إلى قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ كلامًا آخر فيه "لا"، والعرب قل ما تتكلم في مثل هذا المكان (٣) إلا بـ"لا" مرتين أو أكثر، لا تكاد تقول: لا حييتنى، تريد مَا حييتنى، فإن قال: لا حييتنى، ولا بررتني صلح. كما قال الله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١] واكتفى هاهنا بواحدة، لأن المعنى يدل على التكرير، وهو قوله: (فك رقبة أو إطعام (٤))، ﴿ثُمَّ كَانَ﴾ كأنه قيل: فلا تفعل ذا ولاذا، ولا أمن.
قال أبو علي الفارسي: معنى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ لم يقتحمها، وإذا كانت ﴿لَا﴾ بمعنى ﴿لَمْ﴾ لم يلزم تكريرها، كما لا يلزم التكرير مع ﴿لَمْ﴾، فإن تكررت في موضع نحو: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١]، فهو كتكرير لم نحو: ﴿لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] (٥).
ويدل على صحة مَا ذكر أبو علي مَا أنشد أبو عبيدة، والمبرد (٦):

وأيُّ خميس لا أفَأنَا (٧) نِهابَه وأسيافنا يَقْطُرْن من كَبْشِهِ دَمَا (٨)
يعني: لم يفر، ولم يكرر لا.
وأما مَا ذكرنا عن المفسرين في تفسير العقبة، فغير متوجه هاهنا
(١) "معاني القرآن" ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٢٩.
(٣) في (أ): (للمكان).
(٤) في النسختين، ومعاني الفراء: (طعم).
(٥) "الحجة" ٦/ ٤١٥ بنصه.
(٦) "الكامل" ٢/ ١٠٤٤، ولم أجده في "مجاز القرآن".
(٧) في (أ): (أفا).
(٨) البيت لطرفة بن العبد، سبق ذكره، انظر: تفسير سورة القيامة؛ الآية: ٣١.

صفحة رقم 26
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية