
والقول هو الأول (١)؛ لبعد أن يراد بالنجدين الثديان، ومن قال ذلك ذهب إلى أنهما (٢) كالطريقين لحياة الولد ورزقه، والله تعالى هدى الطفل الصغير حتى ارتضعهما، فهو قوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾
١١ - قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ قال (ابن قتيبة (٣) و) (٤) الأزهري (٥): أي فلا هو اقتحم يعني الإنسان المذكور (والاقتحام الدخول في الأمر الشديد، وهو المهالك، ويقال قَحمَ يَقْحَمُ قُحُومًا، واقتحم اقتحامًا، وتقحم تقحُمًّا، إذا ركب القحم، وهي المهالك، والأمور العِظام) (٦)، (والعقبة: طريق في الجبل وعر، والجميع: العقب والعقاب) (٧).
قال عطاء: يريد عقبة جهنم (٨).
وقال الكلبي: هي عقبة بين الجنة، والنار (٩).
(٢) في (أ): (أنها).
(٣) "تفسير غريب القرآن" ٥٢٨، وكلامه: (قال: فلا هو اقتحم العقبة).
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) "تهذيب اللغة" ٤/ ٧٧ (قحم)، قال: (أي قل هو اقتحم العقبة).
(٦) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة". المرجع السابق، وانظر: "لسان العرب" ١٢/ ١٦٢ - ١٦٣ (قحم).
(٧) ما بين القوسين تناول المعنى اللغوي للعقبة.
انظر ذلك في: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٨٢، "لسان العرب" ١/ ٦٢١ (عقب).
(٨) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤.
(٩) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤، وورد قوله في: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٧ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٧، و"فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.

وقال ابن عمر -رضي الله عنه-: هي جبل زلال (١) في جهنم (٢).
وقال الضحاك (٣)، ومجاهد (٤): هي الصراط يضرب على جهنم، وهو معنى قول الكلبي: عقبة بين الجنة والنار.
وقال قتادة: إنها قحمة شديدة، فاقتحموها بطاعة الله (٥).
هذا كلام المفسرين في تفسير هذه العقبة المذكورة هاهنا (٦)
قال المبرد (٧)، والفراء (٨)، وأبو عبيدة (٩)، (والزجاج (١٠)) (١١):
"لسان العرب" ١١/ ٣٠٧ (زلل).
(٢) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠١، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٧٨، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٨٩، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٤، و"التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٤، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٢٢، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.
(٣) ورد قوله في "الكشف والبيان"، و"النكت والعيون"، و"معالم التنزيل"، و"زاد المسير". مراجع سابقة. وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٧.
(٤) المراجع السابقة عدا "النكت والعيون".
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠١، "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ أ، "الحجة" ٦/ ٤١٤، "فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.
(٦) أيضًا من الأقوال في معنى العقبة: (قال كعب: هو سبعون درجة في جهنم). "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠٢.
(٧) "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٦٦، "فتح القدير" ٥/ ٤٤٤.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٩٩.
(١٠) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٢٩.
(١١) ما بين القوسين ساقط من: (أ).

معنى، ﴿فَلَا اقْتَحَمَ﴾ فلم يقتحم.
قال الفراء (١)، والزجاج (٢): ولم يضم إلى قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ كلامًا آخر فيه "لا"، والعرب قل ما تتكلم في مثل هذا المكان (٣) إلا بـ"لا" مرتين أو أكثر، لا تكاد تقول: لا حييتنى، تريد مَا حييتنى، فإن قال: لا حييتنى، ولا بررتني صلح. كما قال الله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١] واكتفى هاهنا بواحدة، لأن المعنى يدل على التكرير، وهو قوله: (فك رقبة أو إطعام (٤))، ﴿ثُمَّ كَانَ﴾ كأنه قيل: فلا تفعل ذا ولاذا، ولا أمن.
قال أبو علي الفارسي: معنى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ لم يقتحمها، وإذا كانت ﴿لَا﴾ بمعنى ﴿لَمْ﴾ لم يلزم تكريرها، كما لا يلزم التكرير مع ﴿لَمْ﴾، فإن تكررت في موضع نحو: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١]، فهو كتكرير لم نحو: ﴿لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] (٥).
ويدل على صحة مَا ذكر أبو علي مَا أنشد أبو عبيدة، والمبرد (٦):
وأيُّ خميس لا أفَأنَا (٧) نِهابَه | وأسيافنا يَقْطُرْن من كَبْشِهِ دَمَا (٨) |
وأما مَا ذكرنا عن المفسرين في تفسير العقبة، فغير متوجه هاهنا
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٢٩.
(٣) في (أ): (للمكان).
(٤) في النسختين، ومعاني الفراء: (طعم).
(٥) "الحجة" ٦/ ٤١٥ بنصه.
(٦) "الكامل" ٢/ ١٠٤٤، ولم أجده في "مجاز القرآن".
(٧) في (أ): (أفا).
(٨) البيت لطرفة بن العبد، سبق ذكره، انظر: تفسير سورة القيامة؛ الآية: ٣١.