آيات من القرآن الكريم

فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
ﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ ؛ معناهُ : فلا جادَ بمالهِ بإنفاقه في طاعةِ الله، وهلاَّ دخلَ في عملِ البرِّ، وانفقَ مالَهُ في فكِّ الرِّقاب وإطعامِ الجياعِ ليجاوزَ العقبةَ، فيكون خَيراً له من إنفاقهِ في عداوة مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهدُ والضحَّاك والكلبيُّ :((يَعْنِي بالْعَقَبَةِ الصِّرَاطَ، يُضْرَبُ عَلَى جَهَنَّمَ كَحَدِّ السَّيْفِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ سَنَةٍ سَهْلاً وَصُعُوداً وَهُبُوطاً، بجَنْبَيْهِ كَلاَلِيبُ وَخَطَاطِيفُ كَأَنَّهَا شُوْكُ السَّعْدَانِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمُكَرْدَسٌ فِي النَّار مَنْكُوسٌ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ كَالْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ كَالْفَارسِ، وَمِنْهُمْ كَالرَّجُلِ يَعْدُو، وَمِنْهُمْ كَالرَّجُلِ يَمْشِي، وَمِنْهُمُ مَنْ يَزْحَفُ وَمِنْهُمُ الزَّالِقُ. وَاقْتِحَامُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إلَى الْعِشَاءِ)).
وقال قتادةُ :((هَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى، يُقَالُ : إنَّ الْمُعْتِقَ وَالْمُطْعِمَ يُقَاحِمُ نَفْسَهُ وَشَيْطَانَهُ مِثْلَ مَنْ يَتَكَلَّفُ صُعُودَهُ))، قال ابنُ زيدٍ :((مَعْنَى الآيَةِ : فَهَلاَّ سَلَكْتَ الطَّرِيقَ الَّذِي فِيهَا النَّجَاةُ)).
ثُمَّ بيَّن ما هي، قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴾ ؛ تعظيمُ لشأنِ العقبةِ، تقولُ : ما أعلمَكَ يا مُحَمَّدُ بأيِّ شيء تجاوزُ عقبةَ الصِّراط، قال سُفيان بن عُيَينة :((كُلُّ شَيْءٍ قَالَ اللهُ فِيْهِ :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ فَإنَّهُ أخْبَرَ بهِ، وَمَا قَالَ فِيْهِ :(وَمَا يُدْريكَ) فَإنَّهُ لَمْ يُخْبرْهُ)).

صفحة رقم 367
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية