آيات من القرآن الكريم

يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ۚ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ۚ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

٩٤ - قوله تعالى: ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ﴾، قال ابن عباس: (يريد بالأباطيل (١)) (٢) ﴿إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ﴾ من غزوة تبوك، ﴿قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ لن نصدقكم ﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ يريد: قد أخبرنا الله بسرائركم وما تخفي صدوركم ﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ أي فيما تستأنفون، تبتم عن النفاق أو أقمتم عليه ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ يريد: يعلم ما غاب عنا من ضمائركم ونياتكم، ومعنى: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ﴾ أي للجزاء ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ قال (٣): يريد: يخبركم بما كنتم (٤) تكتمون وتسرون.
٩٥ - قوله تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ﴾ أي إذا (٥) رجعتم إليهم من تبوك، والمحلوف عليه محذوف من الآية على معنى: يحلفون بالله لكم أنهم ما قدروا على الخروج، أو ما أشبه هذا ﴿لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ أي: لتصفحوا عنهم فلا تؤنبوهم (٦). والمعنى: لتعرضوا عن لائمتهم، فهو من باب حذف المضاف.
قال الله تعالى: ﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾، قال ابن عباس: (يريد ترك الكلام والسلام والموالاة) (٧).

(١) في (م): (بالباطل).
(٢) ذكره بمعناه ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٤٨٦.
(٣) يعني ابن عباس، وانظر قوله بمعناه في: "تنوير المقباس" ص ٢٠٢.
(٤) قوله: (تعملون. قال يريد يخبركم بما كنتم) ساقط من (ح).
(٥) ساقط من (ى).
(٦) في (ح): (تؤنبهم)، وفي (ى): (تونههم) بلا نقطة على النون.
(٧) رواه الثعلبي ٦/ ١٣٨ أ، والبغوي ٤/ ٨٥.

صفحة رقم 7

وقال مقاتل: (قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة: "لا تجالسوهم ولا تكلموهم" (١). وقال أهل المعاني: (هؤلاء طلبوا إعراض الصفح، فأعطوا إعراض المقت) (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ رِجْسٌ﴾، قال ابن عباس: (يريد: إن عملهم رجس من عمل الشيطان ليس لله برضى) (٣)، فعلى هذا يكون التقدير: إنهم ذوو رجس أي ذوو عمل قبيح، وذكرنا الكلام في معنى الرجس عند قوله: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] (٤).

(١) "تفسير مقاتل" ١٣٤ أ، وقد روى الحديث ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٦/ ١٨٦٥ مرسلًا عن السدي، ثم هو من رواية أسباط بن نصر عنه، وهو ضعيف عند أكثر الأئمة، ولخص الإمام ابن حجر حاله فقال: صدوق كثير الخطأ يغرب) انظر: "تقريب التهذيب" ص٩٨ (٣٢١)، و"تهذيب التهذيب" ١/ ١٠٩، ثم إن في المتن نكارة وهو مخالفته لحديث كعب بن مالك المتفق عليه، ولفظه عند البخاري: (ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا)، ولفظه عند مسلم: (ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه). انظر: "صحيح البخاري"، كتاب: التفسير، باب: وعلى الثلاثة.. ٦/ ١٣٤، و"صحيح مسلم" (٢٧٦٩)، كتاب: التوبة، رقم (٢٧٦٩) ٤/ ٢١٢٤.
(٢) "تفسير الرازي" ١٦/ ١٦٤، و"الخازن" ٢/ ٢٥٤. منسوبًا لأهل المعاني، ولم أجده فيما بين يدي من كتبهم.
(٣) رواه الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٣٨ أمختصرًا عن عطاء.
(٤) انظر "النسخة" (ح) ٢/ ٦٩ أحيث قال: (الرجس في اللغة: اسم لكل ما استقذر من عمل، يقال: رجس الرجل رجسًا، ورجس: إذا عمل عملًا قبيحًا، وأصله من الرجسر -بفتح الراء- وهو شدة الصوت، يقال: سحاب رجاس: إذا كان شديد الصوت بالرعد.. فكأن الرجس العمل الذي يقبح ذكره جدًا، ويرتفع في القبح).

صفحة رقم 8
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية