آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ

٨٦ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ﴾ موضع (أن) نصب بحذف حرف الجر على تقدير: بأن آمنوا، كأنه قيل بالإيمان.
قال أهل المعاني: (ومعنى الأمر للمؤمنين بالإيمان: الدوام عليه والتمسك به في مستقبل الأوقات) (١)، مع أن هذا أمر عام يدخل فيه أمر المنافقين بالإيمان، ثم الجهاد؛ لأنه لا ينفعهم ذاك مع النفاق.
وقوله تعالى: ﴿أُولُو الطَّوْلِ﴾، قال ابن عباس والحسن: (استأذنك أهل الغنى في التخلف) (٢).
وقال مقاتل: (أهل السعة في المال) (٣).
وقال ابن كيسان: (يعني الكبراء المنظور إليهم) (٤)، وخص هؤلاء بالذكر لأن الذم لهم ألزم بكونهم قادرين على الجهاد والسفر، ومضى الكلام في الطول (٥)، والصحيح أنه ذكر ﴿أُولُو الطَّوْلِ﴾ لأن من لا مال له ولا قدرة على السفر لا يحتاج إلى الاستئذان في القعود؛ لأنه معذور، وهؤلاء لا عذر لهم في القعود، فيستأذنون ويقعدون، وقد فضح الله عز وجل المنافقين بهذه الصفات التي ذكرهم بها أشد الفضيحة.
٨٧ - قوله تعالى: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾، قال المفسرون:

(١) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٢/ ١١٩، و"معاني القرآن الكريم" للنحاس ٢/ ٢١٥.
(٢) رواه عن ابن عباس بنحوه ابن جرير ١٠/ ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٥٨، وذكره عن الحسن بمعناه الرازي في "تفسيره" ١٦/ ١٥٦، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ٨٢.
(٣) "تفسير مقاتل" ١٣٣ ب.
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ١٦/ ١٥٦، و"البحر المحيط" ٥/ ٨٢.
(٥) انظر: "تفسير البسيط" النساء: ٢٥.

صفحة رقم 585

(يعني النساء) (١)، قال الفراء: (النساء الخوالف: اللاتي يخلفن في البيت ولا يبرحن) (٢).
[وقال الزجاج] (٣): (أي رضوا بأن يكونوا في تخلفهم عن الجهاد كالنساء، قال: وقد (٤) يجوز أن يكون جمع خالفة في الرجال والخالفة: الذي هو غير نجيب (٥)، ولم يأت (فاعل) صفة جمعه (فواعل) إلا حرفان، قالوا: فارس وفوارس، وهالك وهوالك (٦) (٧).
وذكرنا الكلام في الخالف مستقصى في قوله تعالى: ﴿فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾ [التوبة: ٨٣].
وقوله تعالى: ﴿وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، قال ابن عباس: (يريد بالنفاق) (٨)، ﴿فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾، قال الضحاك: (لا يعلمون أمر الله) (٩).

(١) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٢٠٨، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٥٩، و"الدر المنثور" ٣/ ٤٧٧.
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٤٤٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٤) ساقط من (ى).
(٥) في "معاني القرآن وإعرابه": منجب. وفي "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٣٤ مثل ما ذكره المؤلف. والنجيب: الكريم الفاضل. انظر: "لسان العرب" (نجب) ٧/ ٤٣٤٢
(٦) زاد الأزهري في "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٩٠، نقلاً عن بعض النحويين: خالف وخوالف. ويرى النحاس أن (خوالف) في الآية جمع (خالفة) ولا يجمع (فاعل) صفة على (فواعل) إلا في الشعر إلا في الحرفين المذكورين. انظر: "إعراب القرآن"، له ٢/ ٣٤.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٦٥.
(٨) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥١٧.
(٩) لم أعثر على من ذكره عنه.

صفحة رقم 586
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية