
وقال الطبري: ﴿مَعَ الخالفين﴾ مع أهل الفساد، من قولهم: " خَلَفَ الرَّجُل على أهله يَخْلُفُ خُلُوفاً "، إذا فسد، ومن قولهم: هو خلف سوءٍ "، ومن قولهم: " خَلَفَ فَمُ الصَّائِمِ "، إذا تغير ريحه، ومن قولهم: " خَلَفَ اللَّبَنِ يخلُفُ " إذا حَمُضَ.
قوله: ﴿وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ﴾، إلى قوله: ﴿فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ﴾.
هذه الآية نَهْيٌّ للنبي ﷺ، عن الصلاة على هؤلاء المتخلفين عنه.
﴿وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ﴾.
أي: لا تتولَّ دفنه.
﴿إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾.
أي: جحدوا توحيد الله تعالى، ورسالة رسوله عليه السلام.
﴿وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
أي: ولم يتوبوا من ذلك، بل ماتوا وهم خارجون عن الإسلام.
وَيُرْوَى: أن هذه الآية نزلت في أمر عبد الله بن أُبيّ بن سلول، وذلك أنَّ ابنه أتى

النبي ﷺ، فقال أعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِنّه فيه، وصَلِّ عليه، واستغفر له، فأعطاه قيمصه، وقال: إذا فرغتم فآذوني، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر، وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ [فقال النبي ﷺ: بل خَيّرني فقال: ﴿استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ﴾، فصلى] النبي ﷺ. فنزل ﴿وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم﴾ الآية، فترك الصلاة عليهم.
وقال أنس: أراد النبي عليه السلام، أن يصلي على عبد الله بن أبي بن سلول، فأخذ جبريل، عليه السلام، بثوبه، وقيل: بردائه، وقال: ﴿وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ﴾.
ثم قال الله/ تعالى، لنبيه، عليه السلام: ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ أموالهم وأولادهم﴾.
أي: لا يعجبك ذلك، فتصلي عليهم.
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدنيا﴾.
أي: بالغموم والهموم فيها، ويفارق روحه جسده، وهو في حسرة عليها،

فتكون حسرة عليه في الدنيا، ووَبَالاً في الآخرة.
﴿وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كافرون﴾.
أي: جاحدون.
﴿وأولادهم﴾ وقف عن أبي حاتم، على أنَّ عذابهم بها في الدنيا.
وغيره يقول: ﴿الدنيا﴾، يراد بها التقديم، والمعنى: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم في الدنيا، فعلى هذا [لا] تقف على: ﴿أولادهم﴾ وقد شرح هذا فيما تقدم بأكثر من هذا.
ثم أخبر الله تعالى، عنهم بحالهم فقال: ﴿وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بالله وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ﴾.
أي: إذا أنزل الله تعالى، عليك، يا محمد، سورة يأمرهم فيها: بالإيمان بالله، تعالى، وبالجهاد معك.
﴿استأذنك أُوْلُواْ الطول مِنْهُمْ﴾.
أي: [ذوو] الغنى منهم في التخلف عنك، والقعود بعدك مع الضعفاء