آيات من القرآن الكريم

۞ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ

قصة ثعلبة بن حاطب [سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٥ الى ٧٨]
وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨)
سبب النزول:
روى أنه جاء رجل من الأنصار يسمى ثعلبة بن حاطب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال:
ادع الله لي يا رسول الله أن يرزقني مالا. فقال- عليه الصلاة والسلام-: «ويحك يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه» ثم عاد ثانيا يطلب، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أما ترضى أن تكون مثل نبي الله؟!! لو شئت أن تسير معى الجبال ذهبا لسارت» فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه، فدعا له النبي صلّى الله عليه وسلّم فاتخذ غنما فنمت كما تنمى الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلى الظهر والعصر في جماعة وترك ما سواهما.
ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمى حتى ترك الجمعة أيضا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا ويح ثعلبة» ثم نزل خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة ١٠٣] فبعث صلّى الله عليه وسلّم رجلين على الصدقة وقال لهما: «مرّا بثعلبة وبفلان- رجل من بنى سليم- فخذا صدقاتهما» فأتيا ثعلبة وأقرآه كتاب رسول الله، فقال ثعلبة: ما هذه إلا أخت

صفحة رقم 910

الجزية! انطلقا حتى تفرغا ثم عودا، ولم يعطهما شيئا، ثم أقبلا على النبي صلّى الله عليه وسلّم بصدقة السلمى الذي أعطاهما من خيار ماله، فلما رآهما النبي مقبلين قال: «يا ويح ثعلبة» ثم دعا للسلمى بالبركة، فنزلت الآية الكريمة وحينما بلغت ثعلبة عاد إلى رسول الله ومعه الصدقة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله منعني أن أقبل منك»
وهكذا لحق النبي بالرفيق الأعلى ولم يقبلها منه ونهج الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان هذه السيرة ومات ثعلبة في خلافة عثمان.
المعنى:
وبعض المنافقين عاهد الله ورسوله لئن أعطاه الله مالا كثيرا ليصّدّقن، ويعطى كل ذي حق حقه. وليكونن من عباد الله الصالحين، فلما آتاه الله مالا وأغناه من فضله، بخل بالمال وشح بالخير، وأمسك فلم يتصدق بشيء، وبدل أن يصلح نفسه وأمته بالإنفاق كما عاهد الله وأقسم على ذلك، أعرض عن ذلك وتولى وهو معرض بكل قواه إعراضا راسخا ثابتا، وهذا طبع في المنافقين لازم لهم راسخ فيهم.
فأعقبهم ذلك البخل وهذا الإعراض نفاقا من النوع العالي الدائم إلى يوم القيامة، ولا غرابة فكل معصية وإن صغرت تحجب شيئا من نور الإيمان حتى إذا كثرت المعاصي حجبت جميع النور فأصبح القلب في ظلمات الفساد والعصيان والنفاق غارقا.
كل هذا بسبب ما أخلفوا الله وعده، كما في قصة ثعلبة وأضرابه من المنافقين، وبما كانوا يكذبون... فآية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان «١». صدق رسول الله.
ألم يعلم هؤلاء أن الله يعلم سرهم ونجواهم، وأن الله علام الغيوب يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؟!! فالله يعلم كل هذا، ولكن المنافقين لا يعلمون..

(١) أخرجه البخاري ١/ ٨٣، ٨٤ في الإيمان باب علامات المنافق ومسلم ٥٩ في الإيمان.

صفحة رقم 911
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية